40 سنة على قانون الأسرة الجزائري.. ظلم تاريخي ونضال نسوي مستمر
أصدرت مؤسسة الجريدة النسوية الجزائرية بيانًا بمناسبة مرور 40 سنة على صدور قانون الأسرة في الجزائر الصادر في 09 حزيران/ يونيو 1984، والذي كرس التمييز الجندري وساهم في مظالم تاريخية للنساء في البلاد.
أوضح البيان الذي حمل عنوان “من أجل قوانين مدنية متساوية”، بأن “هذا القانون لم يكن موجودًا في الفترة المتراوحة مابين 1962 حتى عام 1984”.
كما أنه يتعارض مع ما أعلن أنه هدفه، أي “تنظيم العلاقات والحقوق داخل الأسرة الجزائرية”. لكنه لم يقدم حسب البيان سوى “مشاكل أكثر من تقديمه لحلول. من خلال ترتيب سلطوي للأدوار الاجتماعية للرجال والنساء باسم القانون، كرس قانون الأسرة الجزائري التمييز ضد النساء الجزائريات”.
كما لفت البيان الانتباه إلى أن القانون يتعارض مع “الدستور الجزائري والقيم التي تبنتها الدولة الجزائرية من خلال الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت وصادقت عليها”. مشدداً على ضرورة تبني مبدأ المساواة الذي أقره الدستور الجزائري في “مادتيه 35 و 37 ويتطرق لحماية الدولة للنساء من العنف في المادة 40”. بينما “لا يعترف قانون الأسرة من جهته بهذه المساواة في العديد من مواده”.
حقوق منتهكة وعدالة ضائعة
في هذا الإطار أوضحت مؤسسة الجريدة النسوية الجزائرية في بيانها بأن هذا القانون قد أخل بمبدأ المساواة الجندرية، وساهم في إنتاج واقع من الظلم تعيش تحت وطأته النساء الجزائريات ويحرمن بموجبه من حقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مثل المساواة في الزواج والطلاق والولاية على الأطفال في المساحات الخاصة والعامة، وحضانة الأطفال، والميراث، وحرية التنقل.
لماذا تناضل النسويات الجزائريات؟
سطرت الجريدة النسوية في بيانها قائمة تضمنت مجموعة من النضالات التي تخوضها النسويات في الجزائر، وتوضح الآثار الكارثية لـ40 سنة من قانون الأسرة المجحف وضعها البيان كما يلي:
-النساء يكافحن من أجل استعادة منازلهن وميراثهن فقط لأنهن ليس لديهن أبناء ذكور أو إخوة: يجعل قانون الأسرة الوصول إلى حقوق الملكية والميراث للنساء صعبًا في غياب وريث ذكر، مما يعزز اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية.
-عدم المساواة في الميراث في مجتمع تشكل النساء فيه أقلية في سوق العمل المصرح به: يقر قانون الأسرة على عدم المساواة في الميراث، ما يعقد الاستقرار الاقتصادي للنساء في مجتمع يشكلن فيه أقلية في سوق العمل وحيث يتم تجاهل غالبًا هشاشتهن الاقتصادية.
-أمهات مطلقات تخضعن للابتزاز: تسمح المادة 66 بإسقاط حضانة الأطفال عن الأم المطلقة المطلقة إذا تزوجت مرة أخرى، ما يجبر العديد من النساء على البقاء في مواقف غير مستقرة أو عنفية لعدم فقدان أطفالهن.
-نساء يتعرضن لعنف تعدد الزوجات: يسمح قانون الأسرة بتعدد الزوجات وينظمه، وهو جانب آخر من التشريعات التي تديم عدم المساواة بين الجنسين وتهدد كرامة النساء.
-ولي للنساء لإتمام زواجهن المدني: على الرغم من اعتبار أن النساء مواطنات مسؤولات عند ارتكابهن للمخالفات أو دفع الضرائب أو التصويت أو الطلاق، إلا أنهن بحاجة إلى ولي حسب قانون الأسرة لإتمام زواجهن المدني. على الرغم من أن بعض النساء قضاة وموثقات ويمكنهن إتمام عقود زواج الآخرين/ات، إلا أنهن لا يستطعن إتمام زواجهن الشخصي دون ولي.
-عدم الاعتراف بولاية الأم على قدم المساواة مع ولاية الأب: وفقًا لقانون الأسرة، في حالة ما إذا كان الأبوين متزوجين، لا يعترف إلا للأب بالولاية على الأطفال، مما يستبعد الأمهات من هذا الدور. هذا التمييز القانوني يرسم رسالة خطيرة إلى الأطفال، تخبرهن بأن مواطنة النساء لا تساوي مواطنة الرجال، مما يهدد فهم وقبول المساواة بين الجنسين للأجيال القادمة.
-ثغرات تسمح بتزويج القاصرات، تجاهل لحقوق الأمهات العازبات وأطفالهن وتناقضات عدة لا تتلاءم مع التطورات المعتبرة التي طرأت على المجتمع الجزائري.
ضمان حقوق مدنية وإلغاء القوانين الذكورية
في هذا الصدد، عبر البيان في نهايته إلى ضرورة إلغاء القوانين المكرسة للا مساواة الجندرية. وأكد ضرورة أن “تكون القوانين المحلية، بما في ذلك تلك التي تناول الحقوق المدنية، متماشية مع المبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية التي اعتمدتها الدولة الجزائرية”. مشيرًا إلى أن ذلك “سيضمن حماية أكثر لحقوق النساء، إضافة لدعم مشاركتهن الكاملة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد، من أجل مستقبل أفضل للجميع”.
كما دعت الجريدة، عبر البيان، إلى “عقد مؤتمر تأسيسي يسمح للجمعيات النسوية، مع بقية النساء من كل الأطياف، والمشرعين/ات، والمجتمع المدني بكل توجهاته بالمشاركة م ًعا في إصدار قوانين مدنية جديدة تحترم مبدأ المساواة الدستوري والدولي وكذلك كرامة النساء”.