الاغتصاب الجماعي سلاح لقمع الناشطات في سجون طالبان

كشفت صحيفة الغارديان بأنها تحققت من مقطع فيديو يظهر ناشطة أفغانية في مجال حقوق النساء تتعرض للاغتصاب الجماعي والتعذيب في أحد سجون طالبان على يد رجال مسلحين.

وبعد تزايد أعداد الناشطات المعتقلات في سجون طالبان، خرجت عدة تقارير تفيد باستخدام العنف الجنسي ضد النساء والفتيات المعتقلات في أفغانستان، ويعتبر هذا الفيديو هو أول توثيق مباشر على حدوث هذه الجرائم.

اعتداء جنسي جماعي…عقوبة الناشط السياسي

أكدت الناشطة التي كانت معتقلة في سجون طالبان، بأن مقطع الاعتداء الجنسي الجماعي الذي تعرضت له في السجن، تم إرساله إليها لاحقًا كتهديد بأنها سيتم نشره على نطاق أوسع إذا استمرت في التحدث علنًا ضد نظام طالبان.

ووفقًا للغارديان فإن تسجيل الفيديو الذي تحققت منه الصحيفة البريطانية إلى جانب موقع روخشانا ميديا المحلي، يظهر مقطعًا مصورًا في السجن يطلب فيه رجال مسلحون من الناشطة خلع ملابسها، ثم يقوم رجلين مسلحين باغتصابها عدة مرات.

حاولت الناشطة في الفيديو -الذي سجله أحد المسلحين بالهاتف- تغطية وجهها بيديها. لكن أحد الرجال يقوم بلكمها بقوة عندما تتردد في تنفيذ الأوامر.

الابتزاز سلاح النظام الأبوي لطالبان

صرحت الناشطة في شهادتها حول ما تعرضت له أنها اعتقلت لمشاركتها في احتجاجات ضد طالبان، وتعرضت لأصناف مختلفة من العنف والتعذيب بما فيها الاغتصاب أثناء احتجازها في أحد سجون طالبان.

ونجحت بعد ذلك في الهرب من أفغانستان. لكن بعد أن عادت للنشاط السياسي وتحدثت ضد طالبان في المنفى، أُرسل لها مقطع الفيديو وهددها ممثلون عن الحركة أنها إذا استمرت في انتقاد النظام، فسيتم إرسال الفيديو إلى عائلتها ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي.

وصرّحت الناشطة أن الاعتداء تم تسجيله عمدًا لاستخدامه في إسكاتها وفضحها بطرق ذكورية تعتمد على ثقافة الاغتصاب ولوم الضحية. حيث حرص الشخص الذي كان يصور الاعتداء بأن يصورها وهي تقف عارية ويظهر وجهها بوضوح لكي يتم التعرف عليها.

ليست حالات فردية

ماحصل مع هذه الناشطة الأفغانية لا يعد حالة فردية في تاريخ التعامل العنيف لحركة طالبان مع النساء والفتيات، خصوصًا المناضلات اللواتي وقفن ضد العنف والقهر الأبوي الذي وصل لمراحل كبيرة من الاضطهاد منها المنع العام للتعليم والعمل على النساء والفتيات.

وقد نشرت صحيفة الغارديان في 25 حزيران/يونيو روايات عن فتيات مراهقات وشابات قلن أنهن تعرضن للاعتداء الجنسي والضرب بعد احتجازهن بموجب قوانين الحجاب الذكورية في أفغانستان، حيث سنت الحركة قوانين الحجاب الإجباري وأصبحت تلاحق كل من لا تلتزم بها.

وفي أكثر من حالة، أدت الاعتقالات والاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها الفتيات أثناء اعتقالهن في وقت سابق من العام الجاري إلى الانتحار ومحاولات الانتحار، حسبما الموقع الإخباري الأفغاني زان تايمز.

وتراهن الحركة على الوصم الاجتماعي الذي يحيط بقضية العنف الجنسي في أفغانستان، ومدى الصعوبة البالغة – والمستحيلة عادة – التي تواجهها ضحايا العنف الجنسي في مشاركة تجاربهن وقصصهن، بسبب الخوف من الأدوات الأبوية للوم الضحية وإلحاق العار بها وربما الخوف من جرائم قتل النساء بدواعي ما يسمى “الشرف الذكوري”.

وقد وجد جثمان إحدى الضحايا بقناة للمياه بعد أسابيع قليلة من اعتقالها على يد الحركة، وصرحت عائلة الضحية أنها تعرضت للاعتداء الجنسي في السجن قبل وفاتها.

وحسب تقارير للأمم المتحدة فإن حركة طالبان اعقتلت العديد من النساء والفتيات بسبب “الحجاب السيء” في ديسمبر/كانون الأول 2023 ويناير/كانون الثاني 2024، في أعقاب مرسوم طالبان الذي يقضي بوجوب الحجاب الإجباري الذي تغطي فيه النساء أنفسهن من الرأس إلى أخمص القدمين، ويكشفن عن  أعينهن فقط.

شهادات مؤلمة…وفتيات ينهين حيواتهن

تقدمت العديد من الفتيات والشابات بشجاعة للإبلاغ عن تعرضهن للعنف الجنسي والاعتداء من قبل شرطة طالبان.

ومن الشهادات التي نقلتها الغارديان قالت عائلة فتاة تدعى زهراء وتبلغ من العمر 16 عامًا أنها وفتاة مراهقة أخرى تم القبض عليهما في متجر في غرب كابول في كانون الأول/ديسمبر 2023.

وتقول والدتها، سمية، أن زهراء وصديقتها احتُجزتا لمدة أسبوعين قبل إطلاق سراحهما. وعندما عادت إلى المنزل، لم تكن زهراء “الفتاة التي غادرت المنزل قبل أسبوعين”.

وتابعت سمية “ركضت وعانقتها، لكنها بكت وقالت: ’أنا أشعر بالعار’. طوال ذلك اليوم، لم تأكل زهراء أو تتحدث”.

تقول الأم “ظلت جالسة في الغرفة تبكي” وقالت: “لم أستطع أن أجرؤ على السؤال عما حدث”.قالت عائلة زهراء بأنها لم تتحمل المحنة التي واجهتها في السجن. وتابعت والدتها “في منتصف الليل استيقظت ولاحظت أن زهراء لم تكن هناك. أيقظت زوجي وبدأنا نبحث عنها في جميع الغرف ثم عثر زوجي على جثتها وقد شنقت نفسها.”

وفي شهادة أخرى قالت أمينة، وهي طالبة الطب تبلغ من العمر 22 عامًا، إنها أمضت ثلاث ليالٍ في سجنون طالبان بعد اعتقالها في يناير/كانون الثاني 2024. وقالت إن رجلًا كبير السن استجوبها وسألها عن دورتها الشهرية وما إذا كانت متزوجة أم لا. .

وتابعت “جثوتُ عند قدميه وتوسلت إليه قائلة من فضلك اقتلني ولكن لا تتحرش بي” لكنه قال إن كنتِ حريصة على الموت سأقتلك، ولكن قبل ذلك دعينا نمرح  معك قليلاً” . وقالت أمينة أنه بدأ بلمس أعضائها الخاصة” و”أغمي عليها مرتين أثناء التحقيق، ولكن في كل مرة كان يسكب الماء البارد على رأسها”.

وقالت أمينة أن ماحدث معها كان يحدث مع كل فتاة تدخل غرفة التحقيقات.

قمع وتعذيب…وعودة رجم النساء

في سياقٍ متصل، أعلنت حركة طالبان إعادة تطبيق عقوبة الجلد والرجم العلني للنساء بتهمة الزنا، وهو عقوبة مراوغة يتم تطبيقها ضد أي امرأة خالفت القواعد الأبوية أو مارست النشاط السياسي النسوي، أو حتى كوسيلة انتقام ضد النساء اللواتي يرفضن عروض الزواج أو يقمن بالاحتجاج على سواء المعاملة.

وتحدثت صحيفة الغارديان وروخشانا ميديا مع العديد من المتظاهرات والناشطات اللاتي تقدمن أيضًا بشهادتهن حول تعرضهن للتعذيب والضرب بعد اعتقالهن بسبب نشاطهن النسوي.

وقالت زريفة يعقوبي (30 عاما) إنها سُجنت لمدة 41 يومًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بعد محاولتها تنظيم حركة للنساء الأفغانيات.

وقالت: “لقد صعقوني بالكهرباء وضربوا أجزاء من جسمي بالكابلات حتى لا أتمكن من الظهور أمام الكاميرا في اليوم الموالي”، مضيفة أنها تعرضت للتعذيب بغرض الاعتراف بأخذها أموال من أجانب للاحتجاج على قمع طالبان.

كما صرحت باروانا نجارابي، 23 عامًا، أنها “تعرضت للضرب والصعق بالكهرباء بعد أن اعتقلتها قوات طالبان أثناء احتجاجها من أجل حقوق النساء في أوائل عام 2022. وقالت أنها أمضت شهرًا في الحبس الانفرادي وعرضت عليها رسالة تتضمن أمرًا برجمها. حتى الموت. وقالت: “كنت أسمعهم يقولون: يجب أن تُقتل”. تم إطلاق سراحها بعد اعتراف قسري وهربت من أفغانستان لتعيش في المنفى.

على الرغم من المخاطر الكبيرة التي تهدد سلامتهن، لا تزال النساء داخل أفغانستان ينظمن احتجاجات نضالية كبيرة وينتقدن نظام طالبان، حيث سجلت منظمة روخشانا للإعلام ما لا يقل عن 221 عملاً احتجاجيًا من قبل النساء والفتيات الأفغانيات على مدى العامين الماضيين.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد