هدير عبد الرازق.. مؤثرة مصرية بين الاستهداف الأمني وانتهاك الخصوصية
هدير عبد الرازق هي مؤثرة مصرية عشرينية ألقت الشرطة القبض عليها في أواخر آيار/مايو الماضي بتهمة “نشر الفجور”. وجهت إليها النيابة العامة تهمًا متعلقة بنشر أخبار كاذبة، واساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر مقاطع خادشة للحياء. بينما تم إخلاء سبيلها بكفالة بعد قرابة شهر من احتجازها، مع استمرار القضية.
مع تطورات القضية، نشرت صحف إقليمية أن مقطعًا جنسيًا تم تداوله، فيما يُقال أن المتواجدة به هي هدير عبد الرازق. من ناحيتها، عبرت السلطات المصرية عن بدء تحرياتها لمعرفة هوية الأشخاص بالمقطع، وكيف تم نشره على الإنترنت.
الاستهداف الأمني بناء على النوع الاجتماعي
تتعرض المؤثرة هدير عبد الرازق إلى استهداف أمني بناء على هويتها الاجتماعية، امرأة. وهي في هذا الاستهداف تلحق بركب مؤثرات كثيرات استهدفتهن أجهزة الأمن المصرية بنفس التهم الفضفاضة.
فمنذ 2020، تلاحق السلطات صانعات المحتوى الرقمي، بذريعة أنهن يهددن قيم الأسرة المصرية، ويحرضن على الفسق والفجور. تقبع العديدات منهن خلف القضبان إلى يومنا هذا. وتم إخلاء سبيل أخريات، إلا أنهن تعرضن لاغتيال معنوي بعد اتهامات تُسيء إلى سمعتهن وحيواتهن الاجتماعية والعملية.
جدير بالذكر أن صناع المحتوى من الرجال النمطيين لا يتعرضون إلى نفس الاستهداف، حتى أثناء تحريضهم العلني على العنف ضد النساء. وهو ما يعكس عنفًا مبنيًا على النوع الاجتماعي بحق المؤثرات وصانعات المحتوى اللواتي يتم استهدافهن لكونهن نساء.
هدير تتعرض لانتهاك خصوصية منذ اللحظة الأولى
ذكرت التغطيات الإخبارية المتعلقة بالقبض على هدير عبد الرازق أن الشرطة المصرية تحفظت على هاتفها النقال. واستطردت التغطيات إلى أنه تم التحصل من هذا الهاتف على مقاطع “تحض على الفسق والفجور”.
لا يجب أن تمر هذه التفصيلة مرور الكرام، خصوصًا أن تداول المقطع الجنسي حدث بعد القبض عليها وإخلاء سبيلها. يطرح ذلك تساؤلات حول إن كان تسريب المقطع حدث بمعرفة السلطات المصرية. أو على الأقل، حدث التسريب من داخل الجهات التي تحفظت على هاتف هدير النقال منذ القبض عليها.
من ناحيتها، نشرت المؤثرة هدير عبد الرازق مقطعًا عبر حسابها، “تدافع فيه عما تبقى من كرامتها”، كما قالت. خلال المقطع، تبكي هدير وتوضّح أن الشخص الظاهر في المقطع هو زوجها، وتعرض قسيمة زواج رسمية لهما، ثم قسيمة الطلاق. وبقهرة شديدة، تطلب من المتابعات/ين التوقف عن تداول المقطع، “كفاية فضايح.. أنا حياتي اتدمرت”.
View this post on Instagram
مَن يحمي النساء من انتهاك الخصوصية؟
حتى هذه اللحظة، لم يتم الكشف عن مصدر نشر المقطع على الإنترنت. فإن كان زوجها السابق هو المُسرِّب، يجب محاسبته قانونيًا بتهمة التشهير وانتهاك الخصوصية. وبالمثل، لو تم تسريب المقطع عن طريق جهات التحقيق، يجب محاسبة هذه الجهات قانونيًا أيضًا. كذلك يجب الوقوف على الصحة الإجرائية للتحفظ على الهاتف واستخدام محتوياته في القضية ضدها.
تعتبر الملاحقة الأمنية لهدير عبد الرازق بتهم تمسّ “الآداب العامة” اغتيالًا معنويًا بحد ذاته. فأغلب النساء اللواتي تتم ملاحقتهن بهذه التهم، تتأثر حيواتهن الاجتماعية والعملية سلبًا. يرجع ذلك إلى الاعتقاد الأبوي الذي يساوي بين سمعة النساء وبين قيمتهن الاجتماعية والإنسانية. فمع وجود أي “شبهات” أو “إشاعات” حول سلوكياتهن، يتم الحكم عليهن أخلاقيًا، ويُنبذن اجتماعيًا.
في حالة صانعات المحتوى اللواتي يتم استهدافهن أمنيًا، تكون التهم الموجهة إليهن تخص السمعة والأخلاق والآداب. حتى القانون الذي بموجبه يتم محاكمتهن، يعرف بقانون مكافحة “الدعارة”، بجانب قانون جرائم المعلومات. ومع تداول مقاطع جنسية، يزداد الأمر تعقيدًا، ويقل التعاطف معهن، ويُبارك استهدافهن.
في مجتمعاتٍ أبوية تتحيّن الفرص للانقضاض على النساء وإيذائهن بكافة الطرق، تعتبر الملاحقات الأمنية بهذه التهم بمثابة حكم إعدام تنتهي على إثره حيوات النساء الاجتماعية. وهو ما شهدناه في أكثر من قضية أخرى سواء تخص صانعات محتوى، أو نساء تم تسريب مقاطع جنسية لهن بهدف الاغتيال المعنوي.
على السلطات المصرية التوقّف عن ملاحقة المؤثرات الرقميات، والكشف الفوري عن هوية مسرِّب المقطع ومحاسبته.