
طبيبة المراغة.. محافظ مصري يعنّف طبيبة أثناء تأدية عملها بمستشفى عام
طبيبة المراغة، وسم انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية. إذ طالب مستخدمو/ات الإنترنت بمحاسبة محافظ سوهاج الجديد بعد تداول مقطع يعنّف فيه طبيبة مصرية.
ورغم اعتذار رئيس الورزاء للطبيبة سمر أنور، تبقى الواقعة كاشفة لعدة انتهاكات بحق الطواقم الطبية في مصر. حيث تدفع النساء أثمان هذه الانتهاكات بشكلٍ مضاعفٍ بسبب النوع الاجتماعي.
طبيبة المراغة.. والعنف المؤسسي
ترجع أحداث الواقعة إلى زيارة محافظ سوهاج اللواء عبد الفتاح سراج والذي تم تعيينه مؤخرًا لمستشفى مراغة المركزي بالمحافظة. وبينما يتم تصوير “جهود” المحافظ الجديد بواسطة هاتف نقّال، تم رصد قيامه بتعنيف طبيبة نساء وتوليد في ذات المشفى.
فأثناء الزيارة، كانت هناك ازدحام خارج غرفة الكشف، بينما تقوم الطبيبة بعملها داخل نفس الغرفة حين دخل عليها المحافظ فجأة وسألها: “انتي قاعدة بتعملي إيه؟”.
عندما أجابت الطبيبة أنها تنتظر تذكرة دخول المرضى لتقوم بتوقيع الكشف، عنّفها المحافظ لفظيًا واتهمها بانعدام الضمير والإحساس (!). ثم استكمل تجاوزاته المهنية وإهانته للطبيبة وتعديه على وظيفتها بسماحه، دون وجه حق مهني، بدخول المرضى إلى غرفة الكشف وأمر الطبيبة بإجراء الكشف.
الواقعة المؤسفة تأتي في إطار العنف الذي تتعرض له الطواقم الطبية باستمرار. فدائمًا ما يكون هناك اعتداءات جسدية من أسر المريضات/المرضى واتهامات بتقصير الطواقم الطبية.
في بعض حالات الوفاة داخل المستشفيات العامة بمصر، يقوم الأهالي بتكسير المستشفى وضرب التمريض والطبيبات/الأطباء. تطالب الطواقم الطبية باستمرار لحماية الدولة لهن/م من هذه الاعتداءات المتكررة على المستشفيات.
في هذا السياق، يعد التعنيف الذي قام به المحافظ بحق الطبيبة دعوةً مفتوحةً لممارسة الاعتداء على الطواقم الطبية، بذريعة التقصير.
طبيبة المراغة والعنف الذكوري في أماكن العمل
تتكرر معاناة النساء في أماكن العمل، خصوصًا لو كن في مواقع وظيفية تقع تحت سلطة أحد الرجال. في هذه الحالة، تجتمع السلطة الوظيفية مع امتياز النوع الاجتماعي، وتشكّل تجارب سيئة للنساء العاملات.
فالغالبية العظمى من النساء اللواتي لديهن مدير رجل، يتوقع منهن الامتثال لأوامره، لا لخبرتهن الوظيفية، أو للوائح العمل. وهو ما يُعرف بذاته كأحد أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء في الأماكن العامة.
في خضم الصوت العال والتعنيف اللفظي، حاولت الطبيبة إيضاح أنها لا يمكنها توقيع الكشف دون وجود تذكرة دخول. لكن في كل مرة تحاول الحديث، يرفع المحافظ صوته أعلى منها ويتجاوز عليها لفظيًا.
تعتبر هذه الواقعة عنفًا مؤسسيًا قائمًا على النوع الاجتماعي بحق الطبيبة. إذ استخدم المحافظ سلطته الوظيفية لتعنيفها، ولومها على التزامها بما تقره وزارة الصحة المصرية من تعليمات ولوائح يجب أن تمتثل لها الطواقم الطبية.
الأمر يتجاوز التعنيف الفردي والعلني، ويعكس نمطًا غير مسؤولٍ في فهم السلطة التي حصل عليها المحافظ بعد تعيينه. ذلك أنه أساء استخدام سلطته بشكل ذكوري فج لم يستطع تحييده أثناء الصراخ في وجه الطبيبة.
استقبل المحافظ الطبيبة للاعتذار منها، مُتعللًا أنه تحدث إليها “كما يتحدث مع ابنته”، في انتهاك آخر للحدود المهنية. فهذا التبرير الوقح للعنف الذكوري لا يمكننا التغاضي عنه، خصوصًا في دولة لا تُلبي مطالب النسويات لعقودٍ بسن تشريعات تحمي من العنف الأسري.
فحتى أثناء الاعتذار، الذي نشك أنه كان سيحدث لو لم تتسبب الواقعة في رد فعل قوي تجاه المحافظ، يستخدم المحافظ إطارًا أبويًا يُبرر العنف ضد النساء.