
اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالبشر.. أين الأمان؟
يصادف يوم 30 تموز/يوليو من كل سنة اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالبشر. وهي ذكرى تكشف عن التاريخ والحاضر الوحشي لجرائم الاستغلال والعنف والاختطاف التي عانت منها شعوب الجنوب العالمي، والنساء والفئات المهمشة بشكل كبير.
اختطاف وحيوات مسروقة
تعد جريمة الاتجار بالبشر من بين الجرائم التي استغل بها النظام الرأسمالي والاستعماري إنتاجية وحيوات ملايين الأشخاص عبر العالم، وسرق قوة عملهن/م لينشأ المزيد من الربح ومراكمة الثروات على حساب مصيرهن/م.
ولعل أحلك فترة تفاقم فيها الاتجار بالبشر والاستعباد هي مايزيد عن أربعمائة سنة عانى فيها ملايين الأشخاص الذين/اللواتي اختطفن/وا من إفريقيا الأمرين على يد الاستبعاديين الأوروبيين. هؤلاء انتزعن/وا قسراً من عائلاتهن/م وبلادهن/م وتاريخهن/م.
خلّف الاستعباد الذي مورس ضد الشعوب الإفريقية أكبر جرائم الاتجار بالبشر. حيث ساد العنف والاضطهاد والإرهاب والقسر. ووضعت حيوان هؤلاء الأشخاص تحت رحمة نخاسين يستغلونهن/م في الحقول والمصانع والمنازل، ويسومونهن/م أبشع أنواع العذاب.
وما تزال آثار هذه الجرائم ممتدة لليوم في صفوف الأجيال المنحدرة من ضحايا الاستعباد والاتجار بالبشر التي تعيش تحت العنف العنصري.
الاتجار الجنسي جريمة إرهاب من نوع آخر
تتعرض النساء والفتيات في مختلف دول العالم إلى جرائم الاختطاف والبيع في أسواق استبعاد جنسي. وهي جريمة تغيب عن الحديث غالبًا وتهمش دائماً.
وتندرج هذه الجريمة ضمن الاتجار بالبشر. حيث توجد شبكات إجرامية حول العالم تدار من رجال نافذين في الرأسمال والسلطة العالمية. يقيمون أسواق استبعاد عنيفة وقائمة على مختلف أشكال العنف الأبوي، وعلى رأسها العنف الجنسي.
كما ترتبط شبكات الاتجار بالبشر بشكل وثيق بالاتجار الجنسي بالنساء والفتيات. وتمر هذه الشبكات عبر المنظومة الأمنية العالمية، وتتسلل بشكل ما من خلالها، ما يكشف تورط الأنظمة السياسية في مختلف دول العالم في رعاية هذا النوع من الإرهاب.
وقد تحلت العديد من الناجيات/الضحايا لهذا الإرهاب الأبوي بالشجاعة الكبيرة لروي قصصهن ومشاركة تجاربهن من الاستبعاد والاتجار الجنسي. مسلطات الضوء على انتهاكات لا يمكن قياس ضررها بالكلمات.
اتجار بالبشر واستغلال
ترتبط جرائم الاتجار بالبشر في العصر الحديث بالاستغلال الرأسمالي الجشع لموارد الجنوب العالمي. حيث يتم استبعاد الأشخاص من مختلف الفئات العمرية والجندرية ضمن ظروف قاهرة وقسرية.
فمن مناجم المعادن في إفريقيا، إلى مصانع الخياطة في آسيا، ومزارع النخيل في أمريكا الجنوبية، تعيش الشعوب والطبقات المفقرة تحت رحمة شركات عابرة للحدود تستخدم جميع أدوات النظام الرأسمالي والأبوي والعنصري في استغلال قوة عمل هؤلاء الأشخاص واستبعادهن/م بشكل فعلي.
ما يغيب عن السرديات المناهضة للاتجار بالبشر الصادرة عن المنظمات الأممية هو الربط بين الاستغلال الرأسمالي والأبوي وبين الاتجار بالبشر الذي يشمل سلب الخيار والحجر على حيوات الناس واستغلال قوة عملهن/م في مراكمة الربح، أو في الإنتاج الاجتماعي والاستغلال الجنسي وتجارة الأعضاء القسرية.
لهذا فإننا تذكر في هذا اليوم أنه جريمة متعددة الأبعاد وتحدث في سياقات مختلفة. حيث يتربص النظام العالمي المبني على الرأسمالية والاستعمار والنظام الأبوي بحيوات الشعوب المضطهدة. ويستخدم القسر والقتل والعنف وسلب الأرض والموارد والخيار للهيمنة عليها واستغلالها.