
الخرطوم لم تعد آمنة للنساء.. اغتصاب ممنهج وتزويج قسري
يتواصل صدور التقارير التي توثق جرائم الحرب ضد الشعب السوداني، وتحديدًا تلك التي ترصد جرائم العنف الجنسي، والإبادة الممنهجة ضد النساء والفتيات في مناطق العنف المسلح في السودان.
في هذا الصدد، أصدرت “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا جديدًا في 28 تموز/يوليو، يبين أن الأطراف المتحاربة في السودان، وخاصة “قوات الدعم السريع”، قامت منذ بدء الحرب الحالية بارتكاب أعمال اغتصاب ممنهجة، بما فيها الاغتصاب الجماعي، وأجبرت النساء والفتيات على الزواج القسري في الخرطوم.
الخرطوم لم تعد آمنة
حمل التقرير عنوان “الخرطوم لم تعد آمنة للنساء: العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في عاصمة السودان”. وتناول انتشار العنف الجنسي على نطاق واسع، بالإضافة إلى الزواج القسري وزواج الطفلات/الأطفال الذي فرض بقوة النزاع المسلح، في الخرطوم ومدن أخرى.
وأشار بأن فتيات لا تتجاوز أعمارهن 9 سنوات تعرضن للاغتصاب الجماعي من قبل مسلحي الدعم السريع.
كما تضمن تقارير من مقدمي/ات الخدمات الذين/اللواتي يعالجن/ون الضحايا ويدعمونهن، واستمعوا لشهادات نساء وفتيات عن احتجازهن لدى قوات الدعم السريع في ظروف قد تصل إلى الاسترقاق الجنسي.
View this post on Instagram
ويُسلط البحث الضوء أيضًا على العواقب الصحية والعقلية الكارثية بالنسبة للضحايا، والأثر المدمر لهجمات الأطراف المتحاربة على الرعاية الصحية ومنع القوات المسلحة السودانية المتعمد للمساعدات.
قابلت “هيومن رايتس ووتش” 42 من مقدمي/ات الرعاية الصحية والاختصاصيين/ات الاجتماعيين/ات والاستشاريين/ات النفسيين/ات والمحامين/ات والمستجيبين/ات المحليين/ات، في غرف الاستجابة للطوارئ التي أنشأوها في الخرطوم، بين سبتمبر/أيلول 2023 وفبراير/شباط 2024.
قدم 18 من مقدمي/ات الرعاية الصحية رعاية طبية مباشرة أو دعما نفسيًا اجتماعيًا لضحايا العنف الجنسي، أو تولوا إدارة حوادث فردية. وصرحوا إنهن/م تعاملوا مع حالات ما مجموعه 262 ضحية عنف جنسي تتراوح أعمارهن من 9 إلى 60 عامًا بين بداية النزاع في أبريل/نيسان 2023 وفبراير/شباط 2024.
تزويج قسري واعتداء جنسي
نقل تقرير هيومن رايتس ووتش روايات النساء والفتيات في مناطق الخرطوم التي استولت عليها مليشيا الدعم السريع، تشير إلى أن “العديد منهن تعرضن للاختطاف والتعذيب والسجن باعتبارهن “سبايا”، في حين لم تسلم الأمهات من الاغتصاب أثناء محاولتهن حماية بناتهن”.
أخبرتْ الضحايا “مقدمي الخدمات الطبية أنهن تعرضن للاغتصاب من قبل ما يصل إلى خمسة من مقاتلي قوات الدعم السريع.
قالت لاتيشيا بدر نائبة مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “اغتصبت قوات الدعم السريع، واغتصبت جماعيًا، وأجبرت على الزواج عددًا كبيرًا من النساء والفتيات في المناطق السكنية في العاصمة السودانية. أرهبت الجماعة المسلحة النساء والفتيات، ومنعتهن الأطراف المتحاربة من الحصول على المساعدة وخدمات الدعم، مما أدى إلى تفاقم الأذى الذي يواجهن، ودفعهن إلى الشعور بأنه لا يوجد مكان آمن”.
وأضاف التقرير أن “قوات الدعم السريع اختطفت أيضًا النساء والفتيات واحتجزتهن في المنازل والمرافق الأخرى التي احتلتها في الخرطوم وبحري وأم درمان، وعرضتهن للعنف الجنسي وغيره من الانتهاكات. في بعض الأحيان، اعتدى أفراد قوات الدعم السريع جنسيًّا على النساء والفتيات أمام أفراد عائلاتهن. أجبرت قوات الدعم السريع ايضا النساء والفتيات على الزواج”.
كما نقل التقرير تعرض رجال وفتيان أيضاً للاغتصاب، بما فيه أثناء الاحتجاز”.
وقالت لاتيشيا بدر لهيومن رايتس ووتش: “ينبغي أن يعلم النساء والرجال والأطفال المعرضين لخطر الانتهاكات الوشيك أو الذين كانوا ضحايا الاغتصاب في الخرطوم وخارجها أن العالم مستعد لحمايتهم، وضمان حصولهم على خدمات الدعم والعدالة. يتعين على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حشد هذه الحماية، وعلى الدول محاسبة المسؤولين عن العنف الجنسي المستمر والهجمات على المستجيبين المحليين والمرافق الصحية ومنع المساعدات”.
عواقب صحية أدت إلى الموت
يُسلّط التقرير الضوء على العواقب الصحية والمعاناة النفسية الكارثية بالنسبة للضحايا، والأثر المدمّر لهجمات الأطراف المتحاربة على الرعاية الصحية ومنع القوات المسلحة السودانية المتعمد لوصول المساعدات لهن.
ووجدت هيومن رايتس ووتش أن “الندوب الجسدية والعاطفية والاجتماعية والنفسية التي تعرضت لها الضحايا هائلة. حيث التقى العاملون/ات في مجال الرعاية الصحية بضحايا يطلبن المساعدة بسبب الإصابات الجسدية الشديدة التي تعرضن لها أثناء الاغتصاب والاغتصاب الجماعي”.
ونتيجة لهذا العنف الأبوي شديد الخطورة توفيت أربع نساء على الأقل بسبب المضاعفات الجسدية والنفسية.
كما واجهت العديد من الضحايا اللاتي سعين إلى إنهاء حالات الحمل الناتجة عن الاغتصاب عوائق كبيرة في الوصول إلى خدمات رعاية الإجهاض.
وأظهر التقرير أن الضحايا أظهرن أعراضًا تتفق مع الإجهاد والاكتئاب التاليين للصدمة، بما فيها الأفكار الانتحارية والقلق والخوف والأرق.
وقال طبيب نفسي: “تحدثت إلى ضحية تعرضت للاغتصاب واكتشفت للتو أنها حامل في شهرها الثالث. من الواضح أنها كانت مصدومة وترتعش، وخائفة من رد فعل عائلتها. قالت لي: إذا اكتشفوا وضعي سيقتلونني”.
وصرحت امرأة (20 عامًا) تعيش في منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع للمنظمة الدولية في أوائل 2024: “نمت وأنا أضع سكينا تحت وسادتي على مدى أشهر، خوفا من مداهمات قوات الدعم السريع التي قد تُفضي إلى الاغتصاب”.
وأشارت إلى أنه منذ بداية هذه الحرب، لم يعد آمنًا للنساء العيش في الخرطوم تحت سيطرة تلك القوات.