البحرينية وينفريد يافي تفوز بالذهبية في أوليمبياد باريس 2024
فازت وينفريد يافي، بحرينية من أصل كيني، بالميدالية الذهبية في أوليمبياد باريس 2024، لسباق 3000م موانع للنساء. إذ حققت الشابة ذات الـ24 عامًا رقمًا قياسيًا لقطع مسافة السبق: 8:52.76، لتتفوق على الأوغندية بيروث شيمواتي التي حصلت على الفضية، والكينية فيث شيروتخ الحاصلة على البرونزية.
رغم تفوقها في السباق على بيروث شيمواتي التي نالت الذهبية في الدورة السابقة للألعاب الأوليمبية، والفضية هذه الدورة، تتعرض يافي إلى تعليقات عنصرية فجة بسبب عرقها ولون بشرتها.
وينفريد يافي.. حلم كينيا المفقود
في مقابلات صحفية، عبرت وينفريد عن رغبة سابقة لتمثيل كينيا في الأوليمبياد، إلا أن المنافسة الشديدة حالت دون تأهيلها لتمثيل كينيا عدة مرات. وذكرت يافي أنه بسبب وجود عدد كبير من المتنافسات للوصول للفريق الوطني الكيني، تعثر صعودها لتمثيل بلد المنشأ. في آخر مرة حاولت فيها وينفريد الانضمام إلى المنتخب الكيني الرسمي، سجلت المركز الثالث بين المتنافسات، بينما يختار الفريق اثنتين فقط.
مع محاولاتها المستمرة، أدركت وينفريد يافي أنها لن تحقق حلمها الأوليمبي بينما تنافس على مقعد داخل الفريق الوطني. وهو ما جعلها تختار دولة تستطيع تمثيلها وتتبنى موهبتها. في سن الخامسة عشر، حصلت على الجنسية البحرينية، ونالت التأهيل، لتمثل البحرين في بطولة العالم للألعاب الرياضية وتسجل المركز الثامن عام 2017.
عبرت وينفريد عن تعرضها للنقد من الدوائر القريبة منها بسبب قرارها تمثيل البحرين، وتقول أنها حينئذٍ لم تكن قوية بالقدر الكافي، وحين حصلت على رعاية ومتابعة رياضية في البحرين، تمكنت من المنافسة في الأوليمبياد باسم الأخيرة.
العنصرية بسبب العرق والجنسية
لم تسلم وينفريد يافي من التعليقات العنصرية على الإنترنت في الدول الناطقة بالعربية. أغلب هؤلاء المعلقين رجال ينتقدون حصول البطلة الأوليمبية على الجنسية البحرينية. إذ يعتبرون ذلك “غشًا”، لأنها لم تولد في البحرين.
تعكس هذه التعليقات مدى فداحة أمر الجنسية في المنطقة، وتكشف كم عنصرية مفجع ضد الأشخاص الذين/اللاتي يعشن/يعيشون دون جنسية في بلداننا، أو المتجنسات/ين من بلدان أخرى.
فاعتبار فوز وينفريد يافي “غشًا” من دولة البحرين، لا ينفصل عن اعتبار الولادة داخل حدود الدولة هي ما يُحدد الحصول على الجنسية، وحقوق المواطنة بالتبعية. كما يصب في خلط واضح بين قيم حقوق الإنسان ومحل الولادة والحصول على الجنسية بوصفها امتيازًا يُمنح للمولودات/ين في الدولة.
اعتبر المتنمرون أن وينفريد يافي “مستولية” على مكانة متنافسة أخرى ولدت في البحرين لأبوين بحرينيين.
على استقامة الخط، تناولت التعليقات العرق واللون. فكانت أغلب التعليقات، أيضًا من رجال، تتعرض بالسخرية للون بشرة وينفريد واعتبارها “لا تصلح لتمثيل البحرين” بسبب عرقها الإفريقي ووقوع البحرين في قارة آسيا.
بعض المعلقون وصموا وينفريد بأنها تشبه العاملات المنزليات الإفريقيات المهاجرات إلى بلدان الخليج. وهو ما يعكس كذلك أوضاعًا مزرية بالنسبة لهؤلاء العاملات اللواتي يتم تصويرهن بأنهن لا يستحققن أية حقوق إنسانية لأنهن “نساء عاملات إفريقيات”.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إزاحة الحديث عن فوز النساء من منطقتنا في الأوليمبياد الحالية والتركيز على أعراقهن. البطلة الجزائرية إيمان خليف أيضًا تعرضت للعنصرية بسبب أصلها الإفريقي. كما تعرضت للتشكيك في هويتها الجندرية لعدم توافقها مع المعايير الأبوية الاستعمارية البيضاء للجندر والجنسانية.
ماذا يحدث للاعبات ولاعبين إفريقيا؟
أحد التعليقات تطرق إلى نقطة هامة، وهي الإفقار الممنهج للدول الإفريقية والذي بسببه يلجأ اللاعبون/اللاعبات إلى التجنيس لبلدان أخرى، غالبًا في الشمال العالمي، من أجل الحصول على رعاية كافية وتمويل لمواهبهم/ن الرياضية.
يذكرنا هذا التعليق بأن الإرث الاستعماري للبلدان الإفريقية مستمر إلى يومنا هذا. فسياسات الإفقار الدولية تستنزف دول الجنوب العالمي، وخصوصًا إفريقيًا، بالديون والسياسات المالية المجحفة. تجعل هذه السياسات الدول الإفريقية مستنزفة بالكامل، ومواردها الطبيعية والبشرية مسخّرة لدورة رأس المال العالمي.
وبالطبع، ليس الأمر حكرًا على الرياضة. فالنساء الإفريقيات كذلك يلجأن للهجرة لتوفير أبسط مقومات الحياة لعائلاتهن. لكن بسبب الإفقار والنهب المستمر لثورات بلدانهن من قبل الهيئات المالية الدولية والحكومات المحلية، تلجأ غالبيتهن إلى عمالة المنازل مدفوعة الأجر. ورغم كونه أجرًا زهيدًا للغاية، إضافة إلى العنصرية وسوء المعاملة في البلدان المستضيفة، فالسبب الرئيسي هو عدم حصولهن على تعليمٍ كافٍ وتهميشهن اقتصاديًا واجتماعيًا في بلدانٍ تغرق في الديون السنوية المتصاعدة على حساب الأفراد داخل حدودها.