رحيل بشرى عبدالصمد…الجنوب يتذكر

في أوج العدوان الصهيوني المستمر على جنوب لبنان وغزة، رحلت الصحافية اللبنانية بشرى عبدالصمد عن عمر ناهز 55 سنة، بعد صراع مع مرض السرطان.

عرفت الراحلة أجيال متعددة شهدت على تغطيتها لعدوان الكيان الصهيوني على لبنان منذ مطلع الألفية. وظل صوتها يتردد مذكراً بمسؤولية الاستعمار عن المآسي التي تعيشها هذه الشعوب.

بشرى عبد الصمد مسيرة من العطاء

التحقت بشرى عبدالصمد بالعمل الصحفي منذ تخرجها من كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية في بداية تسعينيات القرن الماضي. حيث عملت مراسلة ومذيعة ومسؤولة نشرة في إذاعة صوت الشعب من 1997 إلى 2001، ومراسلة ومحررة في تلفزيون الجديد من عام 1993 إلى 1997، ومحررة في جريدة النداء من عام 1993 إلى 1995 ، ومن ثم مراسلة في قناة الجزيرة في لبنان منذ 2001 وحتى العام 2020.

وأصبح اسمها جزءاً من الذاكرة الشعبية للمنطقة الناطقة بالعربية، وذلك بعد تغطيتها الشهيرة للعدوان الصهيوني على جنوب لبنان في تموز 2006.

كان لتلك التغطية الأثر الكبير في نقل أوجاع أهل الجنوب وتوثيق مجازر الكيان الصهيوني، وكان وجهها مثل وجه وجه شيرين أبو عاقلة يشكل ذاكرة حية ضد الاستعمار.

كما ظل أهل الجنوب يتذكرون حبها للبلاد وقربها من الناس، فكانت بذلك صوتًا وطنياً صادقًا يصعب نسيانه.
ظلت الراحلة تغطي السياقات السياسية والاقتصادية التي يمر بها لبنان في قناة الجزيرة، حتى تركت القناة في مطلع العام 2020.

المعاناة الخفية للعمل الصحفي

بعد مغادرتها الجزيرة، واصلت بشرى عبدالصمد عملها الصحفي، وأطلقت في شهر شباط/فبراير الماضي، بودكاست بعنوان «ظلالنا»، على منصة «وترة بودكاست».

سلطت من خلاله الضوء على الصحة النفسية وتأثير الإجهاد وما بعد الصدمة على الصحافيات/ات، خصوصًا من يغطون الحرب في المنطقة الناطقة بالعربية.

استطاعت بشرى عبد الصمد في هذا المشروع أن تنقل تجربتها وتجربة صحافيات/ين وماشهدنه من ويلات الحرب وتأثيرها النفسي عليهن/م.

هذا المشروع الذي أنطلق في ظل تصاعد الحرب الصهيونية على غزة وجنوب لبنان، وثقت من خلاله بشرى أثر العدوان الصهيوني على الصحافيين/ات باستقبالها لمصوّر قناة الجزيرة، إيلي براخيا، الذي أصيب في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي. بعدما استهدف العدوّ الصهيوني مجموعة صحافية في جنوب لبنان، ما أدى إلى استشهاد مصوّر وكالة «رويترز»، عصام عبد الله (1986 ــ 2023)، وإصابة آخرين.

كما ظلت فلسطين حاضرة في صوت بشرى عبدالصمد، حيث كانت آخر تدوينة على فيسبوك أشبه بتذكير بجرائم الاستعمار التي لم تبدأ في السابع من أكتوبر، حيث كتبت قبل عامين: “كيف يمكنكم، كمجتمع عالمي، أن تشاهدوا شعباً بأكمله يُباد بشكل منهجي؟ كيف أدرنا ظهورنا لإنسانيتنا المشتركة؟ إن أطفالنا مجبرون على تحمل حلقة أخرى من الحرب. ومن المهم أن نضع حداً لهذا القتل العبثي، لهذه الإبادة الجماعية التي تمزق الأسر والمجتمعات”.

لتكون هذه الكلمات شاهدة على التزامها تجاه فلسطين، وأهمية أصوات الصحافيات اللواتي شكلن ذاكرة مقاومة تجاه بطش الاستعمار الصهيوني.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد