في اليوم العالمي لمواجهة تلوث الهواء: من سيعاقب الاحتلال على تلويث سماء غزة؟

حددت الأمم المتحدة يوم السابع من سبتمبر/أيلول، يومًا عالميًا لمواجهة تلوث الهواء والسماء. بينما تضع هذه المؤسسة نفسها مسؤولة عن إيقاف هذه الظواهر، نجد أنها ظلت وما تزال تتغاضى عن الاعتراف أن مَن يلوث ويدمر هو الاستعمار والرأسمالية.

تغاضيٍ عن الإجرام وتمويه بالخطابات

حددت المنظمة الأممية أن هذا اليوم يهدف إلى إعطاء الأولوية للحاجة إلى هواء صحي للجميع. كما يشمل القضايا المصيرية الأخرى مثل تغير المناخ وصحة الإنسان وحماية البيئة، بالإضافة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ويعد هذا اليوم أيضًا بمثابة دعوة حاشدة للعمل من أجل مواءمة الجهود بشكل جماعي والمطالبة بالحق في الهواء النظيف.

وتدعو الأمم المتحدة كل سنة الدول الأعضاء فيها، ومنظمات التنمية، والمنظمات الدولية والإقليمية، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، إلى العمل من أجل الحد من التلوث وتحسين نوعية الهواء. وتعتبر في خطاباتها أن الوصول إلى بيئة صحية هو حق من حقوق الإنسان.

ترى الأمم المتحدة من خلال الثيمات السنوية لهذا اليوم أن وسائل الحد من التلوث وتحقيق هدف الوصول إلى هواء نقي، يعتمد بشكل مباشر على التحول إلى الطاقة المتجددة، وتحويل أنظمة النقل والغذاء العالمية إلى أنظمة صديقة للبيئة.

تعترف المنظمة أن تلوث الهواء والسماء يؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان والنظام البيئي. وأنها رفقة الدول الأعضاء مسؤولة عن حماية الغلاف الجوي وضمان هواء صحي للجميع.

لكن هذه الخطابات والمؤتمرات والثيمات السنوية، والدعوى المستمرة لتحمل المنظمة وأعضائها لمسؤولية تلوث الهواء في الكرة الأرضية، لم تصل بعد إلى نقطة الاعتراف أن هناك أسباب مادية تتعلق بنظم اضطهادية تلوث البيئة والهواء وتؤثر على صحة البشر، وعلى رأسها الاستعمار وحروب الإبادة ضد شعوب الجنوب العالمي.

أين هذا الخوف على البيئة من تدميرها في غزة؟

فبينما تستمر الاجتماعات والخطابات التي تتهرب من مسؤولية تسمية الجرم بفاعليه، يشاهد العالم بأكمله سماء وهواء غزة وقد تلوثا بالقنابل الدخانية، وسموم الصواريخ والغازات والسحب الكثيفة والملوثة.

حوّل الاحتلال غزة إلى أكبر بؤرة ملوثة بدخان ومخلفات الأسلحة والدبابات والطائرات الممولة من قوى المجتمع الدولي. تلك التي تدعي الدفاع عن البيئة وتخصيص أيام عالمية لها.

كما تشاهد الأمم المتحدة، وغيرها من القوى الدولية، آلة الحرب الاستعمارية وهي تلقي أطنانًا من الغازات. وقد أنتجت كارثة بيئة وصحية ستحتاج لعقود لمحو آثارها، وأفرزت أمراضًا غير مسبوقة. بينما تعجز عن تحرّك يتصدى بحق لمن يلوث السماء والهواء وينشر الأمراض والموت.

فقد ساهم الاحتلال الصهيوني في تلويث سماء غزة بنحو 281 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون، أي مايعادل 150 ألف طن من الفحم. بالإضافة إلى انتشار مواد مشعة في الهواء منها الفسفور الأبيض، والهالوجينات، والمعادن الثقيلة.

وتحتوي القذائف والصواريخ التي يطلقها الاحتلال بالعشرات يوميًا على غزة منذ حربه الإبادية الأخيرة، على مواد مثل البارود والمتفجرات. وعندما تنفجر هذه المواد وتحترق، تنبعث منها غازات كربون تؤثر على الجهاز التنفسي.

بينما اكتفت الأمم المتحدة بنشر تقرير خالي من أي حزم أو تحرك لوقف جرائم الاحتلال، حول مخلفات القصف. إذ تركت نحو 39 مليون طن من الحطام، وخلفت انبعاثات سامة لوثت الماء والهواء والتربة والمياه الجوفية. بما في ذلك الأسبستوس والوقود والمواد الكيميائية الصناعية.

أثر تلويث الهواء في غزة على صحة الناس

إن جرائم الاحتلال الصهيوني في غزة تخلف كوارث وخسائر ذات أبعاد متعددة لا تقتصر على الإبادة المباشرة. بل تشمل أيضًا أشكالًا متعددة من الإبادة، منها الإبادة الإنجابية، والإبادة الصحية، والإبادة البيئية.

تنعكس الإبادة البيئية على جميع مناحي الحياة بما فيها سلامة وصحة الإنسان قبل كل شيء. حيث يساهم تلويث الهواء في غزة في نشر العديد من الأمراض عن طريق الهواء كالسل والأمراض البكتيرية والفيروسية التنفسية.

وحسب موقع الجزيرة.نت، نقلًا عن مرصد الصراع والبيئة The Conflict and Environment Observatory، فإنه “عندما تصاب المباني بشكل مباشر بالذخائر أو تتضرر من خلال موجات الضغط الناتجة عن الانفجارات، تتسحّق مواد البناء، ما يولد كميات كبيرة من الغبار.

عادة ما يكون الغبار الناجم خليطاً غير متجانس من المواد، مثل الأسمنت والمعادن ومركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور والسيليكا والأسبستوس والألياف الاصطناعية الأخرى”.

ويضيف المرصد أن تلويث الهواء والأتربة بمخلفات الأسلحة يمكن أن يشكل مخاطر صحية كبيرة من أمراض الجهاز التنفسي والأمراض وكذلك السرطان.

نقد المؤسسات الدولية مسؤولية نسوية

نؤمن أن نقد المؤسسات الدولية والأحداث التي تروج بها أنها تهتم بالقضايا الإنسانية، هو مسؤولية نسوية. خصوصًا في ظل الإبادة الاستعمارية على غزة، والتي كشفت زيف هذه الشعارات وهشاشتها.

لذلك، نحرص على تتبع زيف شعارات مؤسسات مثل الأمم المتحدة التي تصرف الانتباه عن المسؤول الرئيسي عن الانتهاكات والجرائم التي تدمر الإنسان والبيئة، وتدعو مثلاً لتخفيف الغازات المنبعثة عن الاستخدام البشري اليوم. لكنها تقف عاجزة عن إدانة أو إيقاف المتسببين حقًا في هذا الدمار والتلوث، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني وحربه الإبادية على غزة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد