
أين دور الدولة في مواجهة الحرب في لبنان؟
تتواصل المساءلة النقدية لغياب الدولة اللبنانية عن لعب دورها المؤسساتي في مواجهة العدوان الصهيوني على البلاد والأزمات الناتجة عنه. في هذا الإطار نشرت المفكرة القانونية بياناً تتناول فيه غياب دور الدولة عن مواجهة التحديات التي نتجت عن الحرب وعلى رأسها قضية النازحين/ات.
مسؤولية الدولة في مواجهة الحرب
تناول البيان تداعيات العدوان الصهيوني على سكان المناطق التي طالتها الأقصاف والغارات، وكذا تدمير المدن والقرى والمرافق الحيوية في جنوب لبنان ما أدى لموجة نزوح كبيرة نحو العاصمة بيروت وشمال البلاد، وصلت لما يقارب المليوني نازح/ة يعيشون في ظل ظروف تفتقد لأبسط مقومات الحياة.
وتساءل البيان عن عجز الدولة اللبنانية عن التحرك لمواجهة هذه الأزمات، لكنها في ذات الوقت ترهن موارد البلاد لصالح البنوك، وهو ما عبر عنه البيان بالقول “تظل الدولة عاجزة عن التحرّك، رغم امتلاكها موارد كبيرة ومهمة، أبرزها 5.7 مليار دولار مودعة في مصرف لبنان، تُستخدم فقط للحفاظ على استقرار نقدي زائف”.
هذا العجز أو الإهمال المتعمد قوض جهود فرق الإنقاذ التي تركت بدون معدات وآليات وجرافات تمكنها من رفع الأنقاض وإنقاذ العالقين/ات تحتها.
وأظهر البيان أن هذا “الإهمال الفاضح، رغم توفّر الإمكانيات، يُعتبر خيانة واضحة لواجبات الدولة تجاه شعبها الدستورية والقانونية، ويزيد من معاناة الفقر والبؤس”.
من ناحية أخرى وضعت الدولة اللبنانية نفسها تحت مجهر النقد والمساءلة بعدما انسحبت من مهمات الرعاية والخدمات والتحرك الحكومي تجاه الأزمات، ووضعت موارد الدولة تحت تصرف البنوك التي بدورها تتهرب من التزاماتها تجاه المودعين/ات.
في ذلك تقول المفكرة القانونية في بيانها أن “بدلاً من توجيه هذه الموارد لمعالجة الأزمة الإنسانية العاجلة، قررت الدولة تخصيص 200 مليون دولار من احتياطيات مصرف لبنان لرفع سقف السحوبات النقدية”.
ويضيف البيان أن هذا “قرار لا يخدم إلا البنوك التي تتهرب من التزاماتها تجاه المودعين. هذا القرار يعكس خللاً خطيرًا في أولويات الدولة، حيث تفضل حماية المؤسسات المالية على حساب الشعب الذي يعاني من آثار العدوان الإسرائيلي”.
التضامن الشعبي يسد ثغرات إهمال الدولة
في ظل هذه التحديات الكبيرة التي خلفها عدوان الاحتلال، أبان سكان البلاد عن روحٍ تضامنية كبيرة استطاعت أن تحقق نتائج مهمة على مستوى الإغاثة والمساعدات الإنسانية في ومراكز النزوح، وهي جهود بنيت بالجهود الفردية والتنظيمية للمجموعات والتنظيمات والمناشدات الفردية للأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووصف البيان هذا التضامن الشعبي بأنه يجسد الروح الوطنية التي تمثل قوة عظيمة يجب على الدولة دعمها وتنظيمها لضمان وصول المساعدات إلى المتضررين.
وأضاف أن “تجاهل هذه الجهود الشعبية يُعد إهدارًا لفرصة توحيد الصف الوطني في مواجهة هذا التحدي المشترك”.
من ناحية أخرى سلط البيان الضوء على التناقض الكبير بين دور الدولة تجاه الشعب وبين تعويلها على الحصول على مساعدات من ذات الدول التي تمول الكيان الصهيوني وتدعم الإبادة في البلاد.
ووصفت المفكرة القانونية ذلك بأنه تناقض فاضح “لا يعمق الفجوة بين القيادة والشعب فحسب، بل يكشف عن تواطؤ مُدان وغير مبرر في إدارة هذه الأزمة”.
موضحةً أن “استمرار هذا النهج الظالم لا يمكن تفسيره إلا كإهمالٍ متعمّد وتخلٍّ عن المسؤوليّة، وهو يفاقم المعاناة ويزيد من تدهور أوضاع المواطنين/ات”.
واختتم البيان بمجموعة من المطالب للسلطات العامة تطالبها ب:
-مراجعة خطّة الطّوارئ واستكمالها على ضوء تطوّر الأوضاع الحربيّة وتفاقم الكارثة الإنسانية والماديّة ومخاطرها، وذلك انطلاقاً من واجبها الدستوري بضمان الكرامة الإنسانية لمواطنيها عملاً بالمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي ضمنت لكل فرد حق التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وخصوصًا الحقّ في تأمين معيشته في حالات فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
-إعداد مشروع قانون مستعجل بفتح اعتماد إضافي على الموازنة العام لسنة 2024 يخصّص أولا لإسعاف المدنيّين/ات وضمان كرامتهم/ن الإنسانية في كل أبعادها عملاً بمسؤولية الدولة الدستورية والقانونية،
-اتخاذ الخطوات الضرورية من خلال حشد موارد الدولة البشرية المتاحة لهذه الغاية وفتح أبواب التطوع المدني ضمن إطار الدفاع المدني،
-مناشدة جميع اللبنانيين/ات على إظهار أعمق مشاعر التضامن والإخاء بما يضمّد أوجاعنا ويحصن وحدتنا الوطنية بعيداً عن أي فئوية أو استغلال سياسي.