محاسن الخطيب فنانة غزة التي قتلها الاحتلال
طال بطش الاحتلال وإبادته الوحشية على غزة، الفنانة التشكيلية محاسن الخطيب. اذ استشهدت جراء قصف طائرات الاحتلال لمنزلها بمخيم جباليا شمال قطاع غزة.
محاسن لوحة حرية غزة
شكلت محاسن نموذجًا آخرًا من نماذج المقاومة والسعي الحثيث للحياة والإبداع في غزة، رغم واقع الحصار والحرب الإبادية الأخيرة.
ولدت محاسن في 10 تشرين الأول/أكتوبر من سنة في 1992 في غزة، وتنتمي لجيل عاصر معظم حروب الإبادة على القطاع.
ونعت مؤسسة “رواسي فلسطين للثقافة والفنون والإعلام” محاسن في بيان لها جاء فيه: “تنعى مؤسسة رواسي فلسطين للثقافة والفنون والإعلام الفنانة التشكيلية محاسن الخطيب، التي ارتقت شهيدة من جراء استهداف طائرات الاحتلال لمنزلها في شمالي غزة. حيث بقيت صامدة ترفض التهجير والنزوح”.
وأضاف البيان: “الفنانة الإنسانة تركت قبل رحيلها، وخلال حرب الإبادة على قطاع غزة، أثرًا فنيًا وطنيًا خالدًا. وقدمت أعمالًا فنية رقمية تلامس واقعنا وجراحنا وحريتنا.
شاركت الفنانة محاسن في محطات مهمة من معارض وأنشطة مؤسسة رواسي فلسطين الوطنية. وبرحيلها، فقدنا شخصًا مبدعًا ومتألقًا في إيصال رسالة شعبه وقضيته عبر أعمالها الفنية”.
وفي ختام البيان، أكدت مؤسسة رواسي “ستبقى ألوانكِ يا محاسن، ترسمُ لوحة الحرية”.
سرقوا الريشة لكن الفكرة باقية
استخدمت محاسن الفن التشكيلي لتعبر عن مشاعرها ورؤاها الفنية. فكانت قبل الحرب تحترف رسم الشخصيات الكارتونية وتقوم بدورات تدريبية.
لكن منذ بدء العدوان الإبادي، ارتكب الاحتلال الصهيوني مجازر ومذابح مروعة في حق سكان القطاع، ودمر به كل معالم المدينة من شوارع ومستشفيات وجامعات وآثار تاريخية. استخدمت محاسن فنها لتجسد واقع الحرب المفجع، فرسمت صورة عن جرائم الاحتلال ومايقوم به من قتل وتهجير وتدمير.
لم تتوقف محاسن عن فعل ما تحب رغم مواصلة الاحتلال لسرقة الحياة التي صنعتها هي وعائلتها وجميع سكان غزة. فعندما دمر المنازل، رسمت في الخيمة. وعندما حاصر واغتال المقاومين، شددت في مناشيرها ورسوماتها أن القضية قضية شعب ولن تزول بزوال الأشخاص.
تحدت محاسن أيضاً سرقة الاحتلال لكل فرص الحياة والتعليم. ففتحت دورة إلكترونية مجانية لكل من ترغب/يرغب في تعلمّ الفن التشكيلي في غزة.
ظلت تدافع عن حق الحياة لها ولأهل مدينتها. فكانت أول عبارة تصادف من يدخل على حساباتها هي “مرحباً أنا محاسن من غزة. بحاول أضل على قيد الحياة”. رغم ذلك استهدفها الاحتلال بطيرانه الإرهابي وقتل فرصتها في النجاة.
غضبت وتألمت محاسن كما جميع أهل غزة من الخذلان العالمي واعتياد مشاهد الإبادة حتى أكثرها ترويعاً ووحشية مثل حرق النازحين/أحياء. فرسمت، قبل ساعات قليلة من استشهادها، لوحة تجسد الشاب “شعبان الدلو”، الذي أحرقه الاحتلال حياً في قصف وحشي طال ساحة مجمع مستشفى الأقصى التي كان يتخذها النازحون/ات ملاذاً من القصف.
كتبت محاسن عن المحرقة بالقول: “شفنا الناس. بتولع شفنا الناس محدش قاعد يساعد. شفنا الناس بتموت قدام عينيا.. الرحمة من الله علينا”.
لم يتقدم أحداً لإنقاذ محاسن وكل الأشخاص من صحفيين/ات وفنانين/ات ومؤثرين/ات، استخدمن/وا الصوت والصورة والفن للمطالبة بوقف الإبادة وردع الكيان الإرهابي عن مواصلة جرائمه.
شاهد العالم بمؤسساته وأنظمته وشعوبه انتهاء مقاومة محاسن رغم ما بذلته في النجاة، وترك صوت آخر استغاث حتى الموت.
نداء مشابه وجهه الصحفي أنس الشريف بقوله “صوتي راح وأنا أصرخ: مجزرة، مجزرة! ع الله العالم يتحرك. لكنه عالم ظالم، لا شايفنا ولا شايف أوجاعنا ولا شايف أشلائنا ولا شايف دمائنا”.
فإلى متى يُتجاهل صوت أهل غزة، وتعطى له الأهمية والإشادة فقط عندما يموت صاحباته/أصحابه؟