الأمن التونسي متورط في اعتداءات جنسية ضد مهاجرات
يواجه الأشخاص المتنقلون/ات والمهاجرون/ات في تونس عنفاً شديد الخطورة. وذلك خصوصًا بعد توالي تقارير بيّنت أن السلطات التونسية متورطة في جرائم اختطاف وعنف واعتداءات جنسية وجسدية ضد المهاجرات/ين اللواتي/الذين لا زلن/وا يُطردن/ون إلى مناطق قاحلة بعد أن يتم تعريضهن/م لأنواع العنف.
اعتداءات جنسية وعنف عنصري
شهدت الفترة مابين تشرين الثاني/نوفمبر 2023 – ونيسان/أبريل 2024 زيادة خطيرة في حالات العنف الجنسي التي تتعرض لها المهاجرات/اللاجئات في تونس. إذ ارتكبت من طرف عناصر قوات الأمن التونسية، أو نجمت بشكل مباشر عن سياسة التهجير والترحيل القسري والعنف العنصري ضد الأشخاص المنحدرين/ات من الدول الإفريقية، التي يعتمدها النظام التونسي بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
يأتي ذلك بعد إصدار الرئيس التونسي تصريحًا في فبراير الماضي يتهم فيه المهاجرين/ات المنحدرين/ات من الدول الإفريقية بالإجرام. وهو توجه سياسي لمأسسة العنصرية والعنف ضد اللاجئات/ين والمهاجرات/ين، وتطبيقاً لسياسات الاتحاد الأوروبي المعادية للهجرة والمتسلحة بتاريخٍ طويل من الاستعمار ونهب القارة الإفريقية وسن السياسات العنيفة والقاتلة تجاه شعوبها.
ألهب خطاب الرئيس المشاعر العنصرية القائمة في البلاد بالفعل، وأجج موجة غير مسبوقة من العنصرية. فقد كانت الجاليات من دول إفريقية أخرى والمهاجرون/ات واللاجئون/ات، سواء من حاملي تصاريح الإقامة أو البطاقات التي تثبت صفتهن/م كلاجئات/ين، هدفًا لمداهمات الشرطة والاعتقالات التعسفية.
كما هاجمتهن/م حشود من المواطنين/ات التونسيين/ات، وطُرد العديد منهن/م من شققهن/م، وطردن/وا من وظائفهن/م غير المستقرة. وتعرض بعضهن/م للاعتداء على منازلهن/م وحرق أثاثها. وهو ما جعل الكثيرين منهن/م يخشين/ون مغادرة منازلهن/م لشراء الطعام أو حضور الدروس أو الصلاة في الكنائس أو المساجد. كما تعرض التونسيون/ات السود للاعتداءات والمضايقات والاستهداف.
طوال هذه الموجة العنصرية، تعرضت النساء المهاجرات للتحرش الجنسي والعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الاجتماعي والاغتصاب والاعتداءات الجسدية. ولم يحميهن من هذه الاعتداءات كونهن حوامل أو لديهن أطفال/طفلات.
فقد أُجبرت بعضهن على النوم في العراء لعدة أيام في البرد مع أطفالهن/طفلاتهن، وتعرضت أخريات للاعتداء الجنسي من قوات الأمن أمام صغارهن.
كان عدد كبير من هؤلاء النساء قد تعرضن بالفعل لصدمات شديدة. فقد أظهرت الأبحاث أن العديد من المهاجرات واللاجئات من غرب أفريقيا في تونس وصلن إلى تونس عبر ليبيا، حيث تعرضن للتعذيب الممنهج والاعتداء والاغتصاب.
بالإضافة إلى ذلك، طاردت الدولة التونسية في الشهور الماضية الناشطات/ين والجمعيات التي كانت تساعد اللاجئات/ين وتوفر لهن/م المأوى والمساعدات الإنسانية والقانونية. وذلك خصوصاً بعد الأحداث العنصرية ضدهن/م في مدن مثل صفاقس.
في تقريرها الصادر في أكتوبر/تشرين الأول بعنوان “طرق التعذيب: رسم خرائط للانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص أثناء التنقل في تونس”، أشارت “المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب” إلى أن البلاد تشهد تصاعداً كبيراً في جرائم الاغتصاب والعنف والخطف والانتهاكات ضد المهاجرات/اللاجئات والأشخاص المتنقلون/ات من تونس إلى أوروبا.
الأمن التونسي يرتكب انتهاكات عنف جنسي
وقد رصد التقرير ارتكاب قوات الأمن التونسية لجرائم عنف جنسي ضد المهاجرات/ين اللاجئات في مراكز الاحتجاز وأثناء مداهمتها لمساكنهن/م بهدف ترحليهن/م. كما نشر عدد من المواقع تقارير تضمنت شهادات حية للناجيات/الضحايا، منها تقرير صحيفة الغارديان البريطانية، الذي تضمن شهادات لنساء ورجال تعرضوا للاعتداء الجنسي.
من هذه الشهادات، ماري التي تعرضت للاعتداء الجنسي في وسط الشارع على يد شرطيين تونسيين. وقصة مريم التي شاركت الرعب والصدمة جراء الاغتصابات التي تعرضت لها جميع النساء اللواتي كن معاها في مركز الاحتجاز.
وتقول ياسمين لصحيفة الغارديان أنه وأثناء أحداث صفاقس التي تعرض فيها المهاجرون/ات لموجهة عنف عنصري كبيرة، سواءاً من الدولة أو المجتمع، فقد تعرضت تسعة من كل عشر مهاجرات في المدينة للعنف الجنسي أو التعذيب على يد قوات الأمن.
شهادة مشابهة قدمها موسى الذي شهد على موجة الاغتصابات الوحشية التي تعرضت لها اللاجئات/المهاجرات في قاعدة للحرس الوطني التونسي قرب الحدود الجزائرية. حيث كان يشاهد قوات الأمن تأخذ امرأتين وثلاث على رأس كل ساعة، ويغتصبونهن بوحشية.
فيما تعرض جوزيف، شاب يبلغ من العمر 21 سنة، للاعتداء الجنسي أيضاً، وعذب بشكل وحشي على يد قوات الأمن التونسية التي قام أفرادها بضربه بعصى ورموه على الحدود الجزائرية.
يموّل الاتحاد الأوروبي قوات الأمن التي ترتكب جرائم الاعتداء الجنسي ضد النساء المهاجرات/ات. وهذا دليل على أن الدول الأوروبية أعطت الضوء الأخضر لاستخدام أنواع العنف الممنهج ضد الأشخاص الراغبين/ات في العبور إلى أوروبا، ضمن الاتفاق الذي جرى توقيعه بين الاتحاد وتونس العام الماضي.
إن هذه الجرائم هي إعلان للحرب على أجساد النساء والرجال الأفارقة/الأفريقيات، واستخدام العنف الجنسي كسلاحٍ في هذه الحرب. وذلك من أجل منع الهجرة التي تتسبب فيها في المقام الأول السياسات العنصرية والعنيفة للاتحاد الأوروبي.