تونس: استدعاء أعضاء من منظمة دمج للتحقيق والمزيد من قمع الحريات
تلقى صباح اليوم، 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، المناضل الكويري وعضو جمعية “دمج”، سيف الدين العيادي استدعاءً رسميًا للمثول أمام الفرقة الثانية لمقاومة الإجرام ببن عروس.
وذلك ضمن التحقيقات الجارية بشأن مشاركته في التحركات المعارضة لاستفتاء 18 تموز/ يوليو 2022.
وتأتي هذه الخطوة في سياق واسع من التضييق على الحقوق والحريات في تونس، حيث تم استدعاء مجموعة من الشخصيات البارزة في المجتمع المدني، بما في ذلك الصحفية خولة بوكريم، الناشطة السياسية أسرار بن جويرة، ووائل نوار وماهر الكوكي.
كما تم تضمين الصحفي محمد ياسين جلاصي، وعضوة جمعية “دمج” نورس الدوزي، وخليل الزغيدي، رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في باردو، في نفس الملف.
تفاقم القمع في ظل النظام الحالي
الاستدعاء الأخير للناشطات/ين يمثل خطوة جديدة في سلسلة من التحركات التي تشهدها تونس منذ فرض الرئيس قيس سعيد سلطات استثنائية في صيف 2021. وهو ما أفضى إلى تدهور كبير في حقوق الإنسان والحريات الأساسية في البلاد.
ومنذ ذلك الحين، تعرضت العديد من الأصوات المعارضة إلى استهدافات سياسية، حيث تم التحقيق مع العديد من الصحفيات/ين والناشطات/ين في ملفات تتعلق بالمشاركة في الاحتجاجات أو التعبير عن آرائهن/م السياسية.
ومنذ الإعلان عن نتائج الاستفتاء الذي شهدته البلاد في 2022، صعد النظام التونسي حملات قمع الحريات العامة.
فاستهدف العديد من الناشطات/ين السياسيات/ين والصحفيات/ين والمعارضات/ين اللواتي/الذين شاركن/وا في الحركات الاحتجاجية المناهضة للتوجهات السياسية الحالية.
هو ما اعتبره الكثيرون محاولة لتوسيع سلطات الرئيس قيس سعيد على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ولكنّ الاستدعاء الأخير يُظهر بوضوح تكثيف السلطات لحملاتها ضد منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية والكويرية، التي كانت من بين أكثر الجهات صراحة في انتقاد النظام.
والأجرأ في انتقاد سياساته فيما يخصّ القضايا الإقليمية، مثل قضية فلسطين والمهاجرين/ات. هذه السياسات تضمنت منع التظاهر، التضييق على الإعلام المستقل، والضغط على منظمات حقوق الإنسان، في محاولة للحد من تأثير هذه الجماعات على الرأي العام التونسي.
جميع الناشطين/ات تحت الاستهداف
في سياق متصل تزايدت مؤخراً حملات الاستدعاء والاعتقال التي طالت مجموعة من الصحافيات والناشطات، حيث تعرضن للاعتقال والملاحقة القضائية بسبب مساندتهن لقضية المهاجرين/ات الأفارقة الذين يعانون/ين من العنف والعنصرية من قبل السلطات التونسية.
وأتت هذه الاعتقالات في وقت نفذت خلاله السلطات التونسية عمليات ترحيل جماعي وتعسّف استخدمت فيه العنف بما فيه العنف الجنسي ضد المهاجرات.
منظمة “دمج” تدعو للتضامن
في ردها على هذه الممارسات القمعية، أصدرت جمعية “دمج” بيانًا عبرت فيه عن تضامنها الكامل مع سيف الدين العيادي وكافة المناضلين والمناضلات المستهدفين/ات من قبل السلطات.
وأكدت الجمعية في بيانها أن هذه الاعتقالات تأتي في إطار حملة منهجية لتقليص الفضاء المدني والسياسي في تونس، وتوجيه ضربة قوية لحرية التعبير والحق في التظاهر السلمي.
وأضافت، أنها ستواصل الوقوف ضد محاولات الترهيب والتضييق على النشطاء/ات، داعية جميع المنظمات والجمعيات النسوية والشبابية في تونس إلى التضامن والمشاركة في الوقفة الاحتجاجية المقررة يوم الخميس، 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أمام مقر فرقة مكافحة الإجرام للحرس الوطني ببن عروس، بدءًا من الساعة التاسعة صباحًا.
التضييق على الحريات: هل يعيد تونس إلى مربع الاستبداد؟
إن هذه الاعتقالات ليست حدثًا معزولًا، بل هي جزء من سياسة أوسع تهدف إلى تقييد حرية التعبير في تونس.
خصوصًا أنها تحدث في وقت يواجه فيه المجتمع المدني والناشطات/ين النسويات/يون والكويريات/يون تحديات كبيرة للحفاظ على مكتسبات الثورة التونسية.
ومن الجدير بالذكر أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعد محاولات تقويض استقلال القضاء والصحافة، في حين تعرضت منظمات حقوق الإنسان لحملات تشويه وتحقيقات تهدف إلى إسكاتها.
تواصل تونس مواجهة تحديات كبيرة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وفي ظل هذا الوضع القمعي المتزايد، يبقى دور المجتمع المدني والتنظيمات النسوية والكويرية حاسمًا في الحفاظ على مكتسبات الثورة، في مواجهة السياسات التي تسعى إلى إعادة البلاد إلى مربع الاستبداد.