اعتقال دعاء الأسدي…وملاحقة نساء الانتفاضة
اعتقلت قوة أمنية عراقية الناشطة النسوية والمسعفة دعاء الأسدي، يوم الأحد 24 تشرين/الثاني/نوفمبر الجاري.
وذلك إثر مداهمة لمكان عملها في مستشفى الحسين التعليمي في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار.
وجاء هذا الاعتقال بعد أيام قليلة من حملة اعتقالات طالت عدة ناشطات وناشطين في انتفاضة أكتوبر، مما يعكس استمرار القمع السياسي ضد الأصوات المعارضة في العراق.
دعاء الأسدي: صوت نساء الانتفاضة
تنحدر دعاء الحيدري من مدينة الناصرية، وتعتبر من رموز انتفاضة تشرين في العراق، وإحدى الأصوات الحرة التي وقفت ضد الظلم والممارسات القمعية للنظام في احتجاجات 2019، حيث ناضلت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية ووقفت مع الحقوق المشروعة لجميع فئات الشعب.
اعتقلت دعاء بتهمة كيدية تتمثل في التحريض على التظاهر، وهي تهمة تعكس تخبط النظام ومحاولته استغلال الظروف السياسية القمعية للانتقام من الناشطات.
لم يكن هذا الاعتقال الأول لدعاء الأسدي، إذ سبق وأن تعرضت لملاحقات وتهديدات متعددة. وحسب بيان نشرته
منصة “نساء الإنتفاضة” فإن دعاء، كانت قد صرحت لجريدة الغد الاشتراكي، أنها تعرضت إلى “محاولات تشويهٍ للسمعة من خلال تهم كيدية مثل علاقتها بجهات مشبوهة أو العمل لصالح أطراف خارجية، وهي تهم تروج لها
السلطات ضد النساء الناشطات في محاولة لإسكاتهن. كما تعرضت دعاء للعديد من التهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي هدفت إلى منعها من التعبير عن رأيها ودعم الاحتجاجات.
وحسب الأنباء، فقد كانت دعاء الأسدي على دراية بقرار اعتقالها، ما دفعها إلى أخذ إجازة من عملها قبل أيام من اعتقالها، لكنها فوجئت في اليوم التالي، بمجرد عودتها للعمل، بالمداهمة الأمنية التي انتهت باعتقالها.
حملة القمع تتواصل في ذي قار
اعتقال دعاء الأسدي ليس حالة منفردة، إذ سبقها اعتقال ثلاث ناشطات أخريات، هن ماجدة العبودي وريام الناصرية ونور الناصري، بالإضافة إلى عدد من المتظاهرين/ات. ورغم إطلاق سراح ريام ونور بكفالة، فإن ماجدة العبودي لا تزال محتجزة، مما يعكس حجم التضييق المستمر على الناشطات في محافظة ذي قار، والتي كانت أحد أهم مراكز الاحتجاجات خلال انتفاضة أكتوبر 2019.
ورغم محاولات الجهات الأمنية تبرير الاعتقالات بأنها تستند إلى “أوامر قضائية” ودعاوى سابقة، فإن هذه التبريرات لا تخفي واقع القمع الذي يهدف إلى إسكات الأصوات المنتقدة للسلطة.
انتفاضة أكتوبر: ذاكرة المقاومة في ذي قار
منذ اندلاع انتفاضة أكتوبر 2019، شهدت محافظة ذي قار حملة اعتقالات واسعة ضد الناشطات/ين في الاحتجاجات بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب. كانت ساحة الحبوبي في الناصرية، إحدى أبرز ساحات الاعتصام، وتشهد يوميًا احتجاجات كبيرة ضد الفساد والظلم، وأصبحت رمزًا للثائرات/ين اللواتي/الذين نزلن/وا إلى الشوارع مطالبات بالحقوق والعدالة. وقد تعرضت الساحة لعمليات قمع دموية أسفرت عن سقوط العديد من الشهداء/ات من المتظاهرين/ات.
ولم تقتصر المشاركة في الاحتجاجات على الرجال فقط، بل كان للنساء في مدينة الناصرية دور محوري في تعزيز صوت الثورة. وكانت دعاء الأسدي من أبرز النساء اللاتي حملن لواء الدفاع عن المضطهدين/ات وفضح ممارسات السلطة القمعية، سواء أثناء الانتفاضة أو بعدها.
الإدانة النسوية
في ظل هذا التصعيد في الاعتقالات، عبرت العديد من المنصات النسوية من بينها “حقوق المرأة في العراق” و”نساء الانتفاضة” عن إدانتهن الشديدة لاعتقال دعاء الأسدي، وكل الناشطات الذين شاركوا في انتفاضة أكتوبر. وطالبن بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلات/ين، محملين الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن سلامتهن/م.
كما شددت نساء الانتفاضة على أن هذه الممارسات القمعية لن تمنعهن من مواصلة النضال من أجل العدالة والمساواة، بل ستزيدهن إصرارًا على مواجهة النظام القمعي.
إن اعتقال دعاء الأسدي يأتي في وقت حساس، حيث يواصل النظام العراقي استهداف النشطاء في محاولات يائسة لإخماد صوت الاحتجاجات المطالبة بالحرية والعدالة. لكن الحقيقة الثابتة أن الإرادة النسوية لا يمكن سحقها، وأن صوت دعاء الأسدي وكل الناشطات اللواتي يناضلن من أجل الحرية سيظل حياً في الوجدان الشعبي.