اليمن: عشر سنوات من المأساة

يمثل اليمن اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يدفع النساء والأطفال الثمن الأكبر لصراع مدمر دخل عامه العاشر. الحرب المستمرة لم تدمر فقط البنية التحتية والمرافق الصحية والتعليمية، بل عمقت أزمة الفقر والجوع والعنف الاجتماعي، مما خلق وضعًا مأساويًا يُعد الأسوأ في تاريخ البلاد.

أطفال/طفلات اليمن

الأطفال/ الطفلات اليمنيون يواجهون/ن معاناة شديدة، حيث يعاني أكثر من 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد،

بما في ذلك 590,000 طفل يواجهون/ن خطر الموت إذا لم يُقدم لهم/ن علاج عاجل. كما يجعل ضعف المناعة الناتج

عن سوء التغذية الأطفال أكثر عرضة للأمراض القاتلة مثل الإسهال والالتهاب الرئوي.

وفي ظل الحرب، أُجبر العديد منهم على ترك مقاعد الدراسة، حيث حُرم أكثر من 4.5 مليون طفل من حقهم في

التعليم. العديد من المدارس تحولت إلى ملاجئ للنازحين أو مواقع عسكرية، مما يحرم جيلًا كاملًا من فرصة بناء

مستقبل أفضل. إلى جانب ذلك، فإن الفقر وانعدام الأمان يدفعان الأطفال إلى العمالة في ظروف قاسية وخطيرة،

إضافة إلى تجنيدهم في النزاعات المسلحة.

بالنسبة للنساء، فإن الحرب لم تجلب سوى المزيد من القمع والاستغلال. الزواج المبكر بات ظاهرة متفشية، حيث

يتم تزويج أكثر من 30% من الفتيات قبل سن 18، مما يعرضهن لمضاعفات صحية خطيرة تشمل الناسور الولادي

وارتفاع معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة. تتعرض النساء أيضًا للعنف القائم على النوع الاجتماعي بأشكاله

المختلفة، من الزواج القسري إلى الاستغلال الجنسي وحتى الاتجار بالبشر. إلى جانب ذلك، يفتقر النظام الصحي

إلى تقديم الخدمات الأساسية للنساء الحوامل والمرضعات، مما يعرض حياة 2.7 مليون منهن للخطر.

الأزمة في اليمن لا تتوقف عند الجوع وسوء التغذية، بل تمتد إلى أزمة مياه خانقة، حيث يعاني حوالي 16 مليون شخص، بينهم نسبة كبيرة من النساء والأطفال، من عدم الوصول إلى مياه نظيفة. هذا النقص أدى إلى انتشار

أمراض قاتلة مثل الكوليرا، ما يفاقم الوضع الصحي المتدهور أصلاً. في الوقت ذاته، يتحمل الحوثيون والتحالف

الخليجي المسؤولية عن تفاقم هذه الكارثة. الحوثيون يمارسون سياسات قمعية بحق النساء، بما في ذلك فرض

قيود صارمة على حركتهن، تجنيدهن، واستغلالهن في النزاعات، بينما ساهمت الهجمات التي يشنها التحالف

الخليجي في تدمير البنية التحتية وتعميق معاناة المدنيين.

تستمر هذه الأزمة دون استجابة سياسية جادة. فالدول المسؤولة عن إيقاف الصراع لا تولي اهتماماً كافيًا لضمان

تقديم الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية والتعليمية، إلى جانب برامج حماية ودعم نفسي للنساء والأطفال.

وعلى الصعيد السياسي، لا بد من ضغط دولي فعال لوقف الصراع وضمان الحلول التي تضمن حقوق جميع

اليمنيين. اليمن اليوم يحتاج إلى أكثر من مجرد مساعدات، فهو بحاجة إلى إنهاء الحرب التي تُزهق أرواح الأطفال/

الطفلات والنساء، وتمحو مستقبل جيل كامل.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد