
“رجل الأعمال” كميل كنعان.. إتقان تكتيكات التحكّم والعنف النرجسي
“كان كميل عنيف جدًا على الدوام. أتذكّر ذات مرّة، أثناء حصة البيانو، ضرب أمي ضربًا مبرحًا، وكان على وشك قتلها. سيظل ذلك المشهد يطاردني إلى الأبد”.
ما الذي يجعل فتاة ترفض مناداة والدها بـ”أبي”، وتفضّل مناداته باسمه كالغرباء، سوى القسوة والتسلّط؟ وكيف يتحوّل الأب من مصدر أمانٍ ودعم مفترضين، إلى مصدر خوفٍ وقلق؟
كايتي كنعان، فتاة بعمر الرابعة عشر، ذات شجاعةٍ ملهمة للنساء والفتيات على حد سواء، قررت الانتفاض بوجه عنف والدها، وابتزازه لها ولشقيقتها ووالدتهما.
انتقامٌ أبوي بات مألوفًا في كلّ مرة تتخذ امرأة قرار الطلاق ووضع حد لحياة مليئة بالعنف والتعسّف والقلق المستمر، فتصبح هي وأبنائها/ بناتها فريسةً لتنفيس غضب “النرجسي” وإثبات سلطته.
“لا يستحق أن أطلق عليه اسم أبي”، تقول كايتي كنعان خلال مقطع مصوّر بثّته عبر حسابها على انستغرام، مؤكّدة أنها قررت مشاركة قصتها “لأنني لم أعد أستطع التحمل أكثر”.
استوقفنا التسجيل الذي بثّته كايتي، فقرّرنا التقصّي عن هذا الرجل الذي حفر في ذاكرة ابنته “مشاهد تعنيف”، تؤكد أنها “سترافقها إلى الأبد”، حتى لم يعد أمامها سبيل سوى رفع الصوت في الفضاء الإفتراضي، علّ وجعها يطرق آذان المجتمع والدولة المتواطئين في الكثير من الحالات مع “الولي الجبري” حتى لو كان الثمن أمان وحياة النساء والأطفال.
عن إساءات كميل كنعان… تعنيف جسدي ومعنوي وتهديد بالقتل
كايتي هي ابنة رجل أعمال لبناني يُدعى كميل كنعان. قرّر الرجل معاقبة طليقته كارول رزق، فكان لابنتيهما كايتي (14 سنة) وكلوي (12 سنة) نصيبهما من العنف والابتزاز المستمرين.
“كنت أعيش في دبي في مجمّع سكني يسمى المرابع العربية، إلى حين بلوغي 8 سنوات. كانت حياتي مريحة، لولا المشكلة الوحيدة المتكررة داخل المنزل، وهي العنف الذي كان يرتكبه كميل”. تصرّ كايتي على تسليط الضوء على أثر شخصية والدها العنيفة على نفسيتها، وعلى استقرار الأسرة.
تشير إلى أنه في العام 2018، حين “قررت أمي أخيرًا الحصول على الطلاق، وانتقلنا أنا وأختي كلوي معها إلى لبنان، لم أكن أعلم أن حياتي ستنهار. فحياتي الجديدة أصبحت تتمحور حول الذهاب إلى مراكز الشرطة والمحاكم”. تستطرد الفتاة، لتشرح كيف حوّل والدها حياتها إلى كابوس بسبب رغبته بالسيطرة، فجعلها وشقيقتها ساحةً للثأر والانتقام الأبوي.
لسنواتٍ، كانت الفتاتان تضطران للذهاب إلى مركز الشرطة مرتين في الأسبوع لتسليمهما للوالد وإرجاعهما، دون مراعاة أثر ذلك على ابنتيه، ليقضيان عطلة نهاية أسبوع وصفتها كايتي بأنها غالبًا ما كانت “مليئة بالخوف والقلق وعدم الأمان”. لتوضّح: “في منزله كنا نتعرض لجميع أنواع الإساءة. كنا نتعرض دائمًا للصراخ والتهديد. كان يضربنا، ويحبسنا في الحمام، ويبدأ بتهديدنا، وكان يتركنا في المنزل ليخرج وحده. بالنسبة لي كانت أيام الجمعة دائمًا أسوأ أيام الأسبوع، حيث كنت أشعر بالقلق والتوتر من التفكير في عطلة نهاية الأسبوع.”
لم يقف انتقامه عند هذا الحد، فكانت الابنتان مضطرتان للاستماع إليه وهو يتحدث بالسوء عن والدتهما أمام أصدقائه وعائلته، على حدّ تعبير كايتي التي تؤكّد أنه وعائلته “كانوا دائمًا ما ينعتون أمي بأبشع النعوت أمامي، حتى أن والدته قالت لشقيقتي في إحدى المرات إنها قبيحة مثل أمي”.
هذا العنف المتكرر الذي تحدّثت عنه كايتي، والذي بات نهجًا أفقدها الشعور بالأمان، وثّقته محكمة الأمور المستعجلة في منطقة المتن، بقرارٍ نافذٍ بتاريخ 10 شباط/ فبراير 2023. فخلال عملية التقصي، تبيّن لنا أن الوالد المعنف صادر بحقه قرار بـ”منع التعرض بأي شكلٍ من الأشكال لابنتيه القاصرتين كايتي وكلوي جسديًّا أو معنويًّا أو ماديًّا”، بالإضافة إلى “إلزامه بالخضوع لجلسات إعادة تأهيل لدى مختص لمساعدته على حسن التصرف مع ابنتيه”. كما نص القرار على “منع المستدعى ضده -كميل كنعان- من مشاهدة واصطحاب ابنيته إلا تحت إشراف مندوبة الأحداث”. سبق هذا القرار حكمًا وجاهيًّا صادرًا عن محكمة الاستئناف في بعبدا بتاريخ 28 نيسان/ أبريل 2021، قضى بـ”إدانة المدعى عليه كميل كنعان بالجنحة المنصوص عليها في المادة 578 من قانون العقوبات، وتنص على إقدام المدعى عليه على التهديد بجناية”، وذلك على خلفية شكوى تقدمت بها كارول رزق -زوجته في تلك الأثناء- بتهمة “التهديد بالقتل والقدح والذم”.
كما سبق وتقدّمت كارول عام 2021 بملف طلب حماية لدى القاضية جويل أبي حيدر ولم تحصل على أيّ تجاوب. وهو ما يثبت الإهمال القضائي في النظر إلى وضع الأم وابنتيها.
وساطات، ضغوطات وأساليب “غير نزيهة”
على الرغم من القرارات الصادرة ضده، لم يتوان كميل كنعان عن متابعة الأذى المسلط على ابنتيه بشكلٍ مباشر. إذ كان في الوقت نفسه يبتزهما عبر التقصير المادي، وبالضغط عبر وسائل أخرى.
من بين وسائل الضغط الانتقامي نقل الفتاتين المفاجئ من مدرستهما، وذلك دون الأخذ برأيهما أو بتبعات هذا التصرف عليهما نفسيًّا ومعنويًّا.
واللافت أنه، وبالموازاة مع وقوع كل تلك التجاوزات، وبحسب ما علمت مصادر “شريكة ولكن”، استطاع الوالد إسقاط قرار الحماية الصادر عن محكمة الأمور المستعجلة بالرغم من إثبات الضرر الواقع على الابنتين. فكيف يمكن تفسير هذا الاستهتار بحق أمن وسلامة الابنتين والأم بغير تشغيل وساطة معينة، أو تلقّي القاضي رالف كركبي ضغوطات على أدنى تقدير؟ والأدهى من ذلك، فقد علمت المصادر أن دورية للدرك تحرّكت لإحضار الابنتين من مدرستهما، بذريعة عدم تسليم الأم لهما. كما توجهت الدورية لإلقاء القبض على الأم، بعد صدور قرار بحث وتحري بحقها، حتى بعد استلام الأب الابنتين من مدرستهما.
وبعد التقصّي، كشفت المصادر أن عملية نقل الابنتين من مدرستهما حصلت عبر قرارٍ من المحكمة الروحية بطريقة “غير نزيهة”! إذ بيّن قرار لاحق صادر عن محكمة الاستئناف يقضي بإعادتهما إلى المدرسة القديمة أن “الوالد ذهب إلى تسجيل ابنتيه في المدرسة الجديدة (نتحفظ عن ذكر الاسم) للعام الدراسي 2020- 2021 بصورةٍ غير نزيهة، لأن الوالد لجأ إلى أحد القضاة السابقين الذي لم يعد يعمل في المحكمة الروحية وطلب منه الاتصال بإدارة المدرسة والادعاء بأنه يتكلم باسم المحكمة ليؤكد على قرارها بنقل الابنتين”. وتابع القرار: “وهذا بحد ذاته عمل غير مناسب سعى الوالد من خلاله إلى تسريع عملية النقل. وكانت نتيجة ذلك أن نتائج الابنتين الدراسية تراجعت وأتت مخيبة للآمال، إضافةً إلى ما سبّبه نقلهما إلى مدرسة أخرى من ضررٍ نفسي ومعنوي، ومن فوضى في الانتقال من نهجٍ تعليميٍّ إلى نهجٍ آخر مختلف”.
الطبّ النفسي.. أداة عنفية أخرى بيد كميل كنعان
وبكلّ ما لديه من دهاءٍ نرجسي، استمر كميل كنعان بتلاعبه بنفسية ابنتيه، إذ طلب من المحكمة الروحية تعيين اختصاصية نفسيّة بذريعة رغبته تحسين علاقته مع ابنتيه. هو نفسه الذي كشفت ابنته عن مسلسل الضرب والإساءة الذي يرتكبه، ناهيك عن الحرمان المتعمّد بهدف الإذلال والإخضاع.
علمت مصادر “شريكة ولكن” أن المحكمة قامت بتعيين خبيرة نفسية، سبق أن قامت بكتابة تقرير طب نفسي تضمن تفاصيل ضد الوالدة كارول رزق، ولمصلحة كميل كنعان، وهي المعالجة والمستشارة النفسية وخبيرة العلاقات رودنا نجم.
وعلى الرغم من موقف الخبيرة المتحيّز لصالح الأب المعنف، وبالرغم من تقديم الوالدة اعتراض أمام المحكمة من الطريقة غير المريحة التي عوملت الفتاتان بها من قبل الخبيرة، أصدرت محكمة الأمور المستعجلة قرارًا يقضي بإجبارها على متابعة العلاج النفسي لكايتي وكلوي مع الخبيرة نفسها، “تحت طائلة غرامة مالية إكراهية قدرها خمسة وعشرون مليون ل. ل. عن كل يوم مخالفة بتنفيذ هذا القرار”.
أتى ذلك على الرغم من أن محكمة الأمور المستعجلة ليست الجهة ذات الاختصاص، وليست المعنية بتعيين خبير نفسي، وإنما المحكمة الروحية هي ذات الاختصاص في هذا الصدد، وعلى الرغم من اعتراض الوالدة على عدم اختصاص المحكمة، وتأكيدها عدم ارتياح الفتاتين مع الخبيرة المشار إليها في قرار المحكمة. علمًا أن الوالدة لم تكن تتمنّع عن متابعة العلاج النفسي مع خبير/ة نفسي/ة، وإنما تقدّمت بطلب لتكليف خبيرة نفسية جديدة، للأسباب المشار إليها سابقًا. وفي هذا الإطار، تقول كايتي في الوصف الذي أرفقته مع الفيديو الذي نشرته منذ يومين “في الصيف أجبرنا على زيارة معالجة نفسية كان من المفترض أن تعمل على إصلاح علاقتنا به. هذه الإمرأة رأتنا مرة واحدة وكانت تتهجم عليّ مستخدمة نفس كلمات كميل، وكانت تقوم بتسجيل كلامي سراً وكذبت حول ذلك. وتبيّن لاحقاً أن دورها هو منحه تقرير ليتلاعب به علينا مع محاميه. لم تكن مصلحتنا أبداً هي الأساس بالنسبة إليها وإليه”.
“أب بشروط”.. ابتزاز مادي وتلاعب بالنفقة
“لقد سرق طفولتي وسعادتي، وظل يهددني بدراستي رغم أنني طالبة متفوقة ومتميزة”، تشتكي كايتي من أن “الشخص الذي كان من المفترض أن يحبني ويحميني أكثر من أي شخص آخر كان هو أكثر من آذاني”. كايتي التي تحلم بأن تلتحق بكلية الطب، تعيش اليوم قلق الابتزاز والعقوبات المالية التي يفرضها والدها “المليونير”، كمفعول رجعي ثابت مع أغلب قرارات الطلاق الحاصلة بعد العلاقات العنيفة.
فبحسب ما أشارت في المقطع الذي نشرته، تقول كايتي إنها أثناء تواجدها في دبي “كنت أرتاد مدرسة ريبتون، ثم انتقلت إلى مدرسة دي أي أي”. وفي بحثٍ بسيطٍ عن أقساط المدرستين تبيّن أنها تتراوح بين 25 ألف و30 ألف دولار سنويًّا. كما أن المنزل الذي أشارت إلى أنها كانت تسكن فيه مع والدها، تبيّن أنه يقدّر سعره في موقع عقاري بما يقارب 4 مليون دولار، في حين بات اليوم الوالد يعاقب ابنتيه بنفقةٍ لا تتجاوز قيمة 1000$ فقط.
وعلم موقع “شريكة ولكن” نتيجة بحثٍ في حيثيّات الملف، أن النفقة وصلت إلى هذه القيمة بعد ما يقارب عامٍ من التلاعب بها بالتزامن مع بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان، حين كان يدفع كنعان نفقة مجموعها 5 ملايين ليرة لبنانية، أصبحت تساوي ما مجموعه 50 دولار أميركي فقط شهريًّا حينذاك، كان يدفعها لطليقته عبر شيكات مصرفية!
وكأغلب الآباء المنتفعين من ولايتهم “الجبرية” على أبنائهم/ بناتهم، أخرج كميل كنعان من جعبته ورقة ضغطٍ مألوفة: “منع السفر”. فلأكثر من 7 سنوات، يحظر كميل كنعان على ابنتيه السفر كجزءٍ من مسلسل العقوبات النرجسية المسلّطة عليها، لخروجهما عن طاعته.
في هذا الصدد، قالت كايتي إنه “عندما أردنا المشاركة في مسابقة السباحة في دبي مع المدرسة، طلبنا منه أن نذهب، فأبدى موافقته مباشرةً”. وفي حين “قام بالتوقيع على جميع الأوراق”، أوضحت تلاعبه المتعمّد بها وبشقيقتها، وابتزازه لهما، عبر”التلاعب بنا لمدة شهرين، حتى جعلنا نتصرف وكأننا عبيدًا لديه حتى لا نخيب أمله”.
وأكدت أنه “أوهمهما بأنه جهّز كل أمور السفر، لكنه في نهاية الأمر لم يرفع حظر السفر”، ما حرمهما من فرصة المشاركة في المنافسة، ضاربًا بعرض الحائط آثار ذلك نفسيًّا عليهما، وعلى مستقبلهما التعليمي. في حين كشفت وثيقة، اطلعت عليها “شريكة ولكن”، أن الوالد المعنف دخل وخرج من لبنان بمعدل 8 مرات خلال 7 أشهر فقط، بينما حرم ابنتيه من فرصة السفر لمرة واحدة للمشاركة بمسابقة ترتبط بطموحهما الرياضي ومستواهما التعليمي. في مشهدٍ يجسّد العنجهية الأبوية التي سيّدت مفاهيم السلطوية والتحكّم على كل المفاهيم التربوية والإنسانية.
كلّ هذه المضايقات المترافقة مع ابتزازٍ ماديٍّ، وسعيٍ “قانوني” -وما رافقه من نفقات قانونية ودفع أتعاب الفريق القانوني- حصل بهدف تقليص نفقات الابنتين. بينما احتفل الوالد بزفافه في أحد أكثر المواقع الفاخرة للاحتفالات في لبنان “قصر سرسق”، ولا يُخفى على أحد التكاليف الباهظة لإجراء احتفال في المكان المذكور.
تشير كايتي إلى الأمر: “في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2024 أقام حفل زفاف باذخ في قصر سرسق، ودعا مئات الأشخاص، على الرغم من أنه قبل شهر ادعى في المحكمة أنه لا يملك المال الكافي لدفع تكاليف مدرستي أو نفقتي كإبنته”. وإذ أكدت أنه “دائمًا ما يستخدم المال لإذلالي وإهانتي”، لفتت إلى أنه تضطر “أن أتوسل إليه حتى يمنحني الحاجات الأساسية، وعندما يتعلق الأمر بنا نحن ابنتيه يصبح فجأة فقيرًا”. واستطردت بتوضيح التلاعب الذي يتقنه إذ يبدو “أمام الغرباء أكثر الأشخاص كرمًا ولطفًا، لكنه خلف الأبواب المغلقة شخصٌ مخيف”. فعلى الرغم من “امتلاكه العديد من المباني والعقارات في دبي واليونان ولبنان، إضافةً إلى اليخت والسيارات الرياضية الفاخرة، واصطحابه الدائم لعائلته وأصدقاءه في رحلات، وشراء الهدايا الباهظة الثمن، لكنه إذا طلبت منه أي شيء، فجأة لا يعد لديه مال”.
ونتيجة الاستقصاء الذي قام به فريق “شريكة ولكن”، ينكشف التلاعب الواضح من قبل “المليونير” في التصريح عن ذمته المالية لحرمان طفلتاه من نفقةٍ منصفة. ففي عرض عمل مقدّم من شركة عليان للإستثمارات- فرع اليونان- والساري المفعول ابتداءً من 1 شباط/ فبراير 2018، تبلغ قيمة عائداته المالية من العقد قرابة مليون دولار أميريكي سنويًّا. بينما، وفي معرض العقوبات المادية التي يفرضها على ابنتيه اللاتي اخترن العيش مع والدتهما، يظهر عقد العمل المقدّم من قبل كميل كنعان للمحكمة لطلب تخفيض النفقة، أنه يتقاضى فقط ما قيمته 22 ألف دولار أميركي سنويًّا، من الشركة نفسها. وهنا نسأل، كيف يمكن للمنطق والعقل تصديق أن ينخفض العائد السنوي بنسبة أكثر من 90 بالمئة بقدرة قادرٍ، إلاّ إذا كان ذلك ضرب من ضروب الاحتيال والتزوير؟ ألا يخجل “رجل الأعمال” هذا بأن يتنعّم بمدخولٍ سنويٍّ يقارب المليون دولار أميركي، فيما تعيش ابنتاه بمبلغ لا يتجاوز الـ12 ألف دولار، أي ما لا يزيد عن 1000$ شهريًّا للاثنتين معًا؟!
من ناحية ثانية، تشير كايتي إلى أسلوب التلاعب الذي يتبعه كنعان عبر “محاولة إظهار صورة كمالية عن علاقته بنا”، لافتةً إلى أنه “في إحدى المرات ، حين أراد كميل أن يلتقط صورة مع العائلة لهذا الهدف، ولم نرد أن نبتسم في الصورة، قام بضربنا”. وأكدت أنها وشقيقتها ” كنّا دائمًا ما نحرص على عدم تعكير مزاجه تفاديًا لحدوث أمر سيء”، فهو “أراد أن يكون أبًا بشروطه الخاصة، ولم يوفر لنا الأمان والاستقرار”.
تختصر كايتي سلوكيات والدها بأنها “عقوبة لمجرد أن أمي تركته”، مؤكدةً أن “كل ما أريده هو أن أحظى بحياة طبيعية ولائقة”. فوجهت مجموعة من الأسئلة إلى والدها، وهي أسئلة تحاكي واقع أغلب الأبناء في حالتها، الذين/ اللواتي يدفعن/ون ثمن ولادتهم/ن لأبٍ عنيف، من دون أن يكون لهن/م أي ذنب.
“لماذا عليّ أن أعاني بينما يستطيع كميل أن يعيش حياة مترفة؟ ولماذا يجب أن أتعرض للإساءة والحرمان؟ هل يجب عليّ أن أُعاقب لمجرد أن أمي تركته؟ لطالما أخبرتني أن آتي للعيش معك حتى أتمكن من السفر حول العالم، لماذا أعيش معك إذا كنت لا تستطيع حتى أن تعتني بي في عطلة نهاية الأسبوع فقط! إذا كان بإمكانك أن توفر لي حياة جميلة، فلماذا لا تفعل ذلك هنا في لبنان؟ هل لأنني أعيش مع أمي، تريد أن تعاقبني؟”.
أسئلةٌ كايتي أعلاه تختصر واقع الكثير من الأبناء اللواتي/الذين تتخذهن/م المنظومة الأبوية حصنًا لإذلال النساء وإخضاعهن، وورقة ضغطٍ لإعادتهن إلى بيت طاعة معنّفيهن. فهل من المفترض أن تُستنسخ معاناة الأمهات، ويصبح معاقبة الأبناء تحصيل حاصل بعد إيقاع الطلاق؟ وهل يمكن لشجاعة كايتي أن تنجح في تحريك ضمير المنظومة القضائية في لبنان وحمايتها وشقيقتها وأمها من مسلسل العنف والابتزاز المتكرر منذ أكثر من 7 سنوات، وآخر فصوله إجبارهما من قبل الأب للخضوع لجلسات مع معالجة نفسية لتصويرهن على أنهن وأمهن المضطربات بدلًا من وضع حدّ لتصرفات الأب المضطربة والعنيفة؟