
في سوريا: أبٌ قاتل، ضحيةٌ شابة، وقانونٌ متواطئ
يتعقب هذا التحقيق جريمة قتل الشابة السورية ليليان أبو سرحان على يد والدها، وربط الجريمة بما يسمى “جرائم الشرف في سوريا”، وتواطؤ الأعراف والتقاليد الاجتماعية في مختلف المناطق بسوريا، مع المشرعين السوريين، ما جعل “قتل النساء” أمرًا مقبولًا ومسكوتًا عنه في البلاد.
اعتمدت معدتا التحقيق على شهادات أشخاص مقربات/ين من ليليان، ومحاميها، وعائلتها في رسم الصورة العامة للجريمة، وتواصلتا مع جمعيات ومؤسسات تنشط في مجال حقوق الإنسان، النساء على وجه الخصوص. كما قامتا برسم مخطط زمني يوضح تطور القوانين والتشريعات السورية فيما يتعلق بالعنف ضد النساء في البلاد، وتواصلتا مع أكثر من 80 سيدة من مختلف المناطق السورية في سبيل إجراء استطلاع لآرائهن حول قضايا قتل النساء في البلاد.
View this post on Instagram
أضاءت نساء السويداء الشموع في ساحة الكرامة جنوب سوريا وفاءً لروح الشابة ليليان أبو سرحان (23 عامًا).
في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني 2025، حملت المشاركات والمشاركون صور ليليان وسرن/ساروا بها في مشهدٍ يعكس حزنًا وغضبًا شديدين، مع مطالبات بتحقيق العدالة في قضيتها.
تعرضت ليليان لاثنتي عشرة طعنة قاتلة على يد والدها، عانت من عنفٍ جسديٍّ مبرح، وتعرضت والدتها للطعن أثناء محاولتها إنقاذ ابنتها، ثم نُقلت إلى المستشفى حيث وُضعت تحت العناية المركزة.
قصة ليليان ليست مجرد “حادثة عائلية”، وإنما جريمة كاملة الأركان. ليضاف اسمها إلى قائمة النساء السوريات اللواتي دفعن حياتهن ثمنًا لوصاية ذكورية قاسية، وعقلية مجتمعية تُجيز قتل النساء تحت مسميات مثل “الشرف” والتقاليد“، في ظل غياب قوانين رادعة ومجتمع يمنح غطاءاتٍ للقاتل، ويُظهر تواطؤًا ضمنيًّا مع انتهاك حقوق النساء والفتيات الأساسية، بما فيها الحق في الحياة.
ليليان خريجة جامعية أنهت دراستها في المعهد الصحي اختصاص صيدلة العام الماضي، وتعمل في صيدلية بقريتها (لوبين). تتمتع بسمعة طيبة بين أهل قريتها ومعارفها، أكد العديد ممن عرفوها في لقاءات ومشاركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي على ذلك، وصديقاتها اللواتي التقيناهن في مسيرة الشموع. بكى أهلها وأصدقاءها فقدانها، وأقمن/ أقاموا لها مأتمًا يعكس حجم الألم والخسارة التي تركتها هذه الجريمة في نفوس الجميع.
أوضح المحامي أيمن شبيب، وهو محام من نفس المدينة ومتابع لمجريات قضية ليليان أبو سرحان عن قرب، أن المجتمع المحلي يُظهر استنكارًا كبيرًا لهذه الجريمة، مع مطالبات واسعة بمحاسبة القاتل وإنزال أشد العقوبات بحقه.
وقال شبيب إن “العملية القضائية مستمرة، لكن تعطل الضابطة العدلية في الوقت الراهن بعد سقوط نظام الأسد يؤخر سير التحقيقات، ما يزيد من معاناة عائلة الضحية ويؤخر تحقيق العدالة المنشودة”.
وفيما يتعلّق بما يُعرف بـ”كشف العذرية”، والذي يعدّ انتهاكًا قانونيًّا بحق النساء والفتيات وتعدّيًا صريحًا على خصوصياتهن، أشار إلى أن “إجراء الكشف في مثل هذه القضايا يُعتبر جزءًا من الإجراءات القضائية لتأكيد أن الجريمة هي قتل عمد بين الأصول والفروع، ما يستوجب تطبيق العقوبات وفقًا للقانون بناءً على النتيجة. حيث يخفف الحكم في حال فقدان العذرية”.
هنا، يستوقفنا الغطاء القانوني الصريح لجرائم قتل النساء والفتيات، بذريعة “فقدان العذرية”.
فبحجج مرتبطة بالذهنية الأبوية التي تمنح للرجال الوصاية على أجساد النساء، يتمتّع القتلة بغطاءٍ قانونيّ يخفّف من وقع جرائمهم. فيحول القانون تصفية النساء من جرائم إلى “غسل للعار أو انتقام للشرف”، عبر منح المجرمين أعذارًا تخفيفية تعد بمثابة مكافأة لهم لقاء “تأديب النساء اللواتي لم يخضعن للتوقّعات والتنميطات المجتمعية. في حين يُعفى أولئك الرجال -عرفيًّا وقانونيًّا- من مساؤلات “العار والشرف”.
ينتج عن هذا الحكم التخفيفي المزيد من القتل والتعنيف والتمييز بحق النساء والفتيات. واقعٌ يستوجب الضغط لحظر هذه الممارسة التمييزية والمهينة، التي تجعل القانون شريكًا في تجذّر الواقع الدموي بحقهن.
12 جريمة قتل ضد النساء والفتيات وُثّقت خلال عام 2024
وثقت منظمة “سوريون/ات من أجل الحقيقة والعدالة” في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، 185 جريمة قتل بحق نساء وفتيات بذريعة “الدفاع عن الشرف” في سوريا منذ عام 2019، وعشرين حالة وفاة نتيجة العنف المنزلي، فضلًا عن 561 جريمة عنف منزلي أخرى تضمنت الضرب والإيذاء الجسدي خلال نفس الفترة.
صرحت “منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة”، في حديثها لنا أنه “تم رصد 12جريمة قتل و14 حالة انتحار لنساء، 52 محاولة انتحار، و4 قضايا تهديد بالقتل، إضافة إلى 4 جرائم حرق، 115 جريمة ضرب وإيذاء، جريمتي اغتصاب، 41 تزويج قاصرات، وغيرها من الاعتداءات ضد النساء والفتيات التي وقعت شمال شرق سوريا، خلال عام 2024″، ما يشير إلى عمق الأزمة المستترة خلف العادات والتقاليد.
“أرقام الجرائم قد تكون أقل من الواقع، نظرًا لعدم الإبلاغ عن العديد من الحالات بسبب الخوف أو الوصمة الاجتماعية أو محاولات التستر من قبل الأسر على مرتكبي الجرائم.”
تختلف هذه الإحصاءات عن تلك المتعلقة بالنساء اللواتي فقدن حياتهن نتيجة النزاع المسلح في سوريا، والتي قُدّرت بحوالي 29 ألف امرأة منذ عام 2011.
وفي النصف الأول من عام 2023، وقعت 25 جريمة قتل بحق نساء في شمال شرق سوريا، منها جرائم قتل بذريعة الشرف، بحسب أرقام صادرة عن منسقية المرأة في الإدارة الذاتية (تجمع للنساء العاملات في الإدارة الذاتية ومنظماتها ومؤسساتها النسوية).
في تصريحٍ سابق لمعاون المدير العام لـ”الهيئة العامة للطب الشرعي” التابع للنظام السوري السابق قبل سقوطه، ياسر قاسم، قال “إن معدلات جرائم القتل ارتفعت خلال عام 2023 مقارنةً بعام 2022 بنسبة 0.71%، وتنوعت أساليب القتل بين الطلق الناري، الخنق، الذبح، الطعن، الأذية الانفجارية”.
العادات والتقاليد.. جذور الأزمة
تنبع جرائم ما يسمى بـ”الشرف” من عادات وتقاليد متجذرة تُقدّس “السمعة” و”العائلة” على حساب حياة النساء وكرامتهن. في المجتمعات التي تُعتبر النساء والفتيات فيها رمزًا لشرف العائلة، يصبح أي سلوك يُعتقد أنه يهدد هذا “الشرف” مبررًا لارتكاب جرائم قتل بحقهن. هذه الأعراف تُحوّل المنزل، المفترض أن يكون ملاذًا آمنًا، إلى ساحة خطر، حيث يتم القتل كوسيلة لإعادة “الاعتبار” للعائلة.
أحد أبرز الأمثلة على ذلك كان في قرية حوش الباعر بريف الحسكة، عندما وثّقت كاميرا هاتف جريمة مروعة هزت الرأي العام. في حزيران/ يونيو 2021، حيث قُتلت فتاة على يد والدها وأخيها، بمشاركة مجموعة من الشبان، بعد أن قيّدوها في غرفة مهجورة وأطلقوا عليها النار في رأسها، مدّعين أن ذلك “غسل عارهم”. تعلو أصواتهم خلال الفيديو وهم يقولون: “خلص، ماتت“، وكأنهم يعلنون الانتصار على العار المفترض.
تؤكد المحامية سنابل سليمان أن هذه “الجرائم تحظى بقبول مجتمعي ضمني، حيث لا يُنظر إلى مرتكبيها كخطرٍ حقيقي مثل السارقين أو القتلة العاديين، وهذا القبول يمتد إلى المؤسسات القضائية نفسها، حيث يتساهل القضاء مع هذه القضايا، ما يؤدي إلى طمس الأدلة والتلاعب بمجريات التحقيق”.
وتوضح المحامية أحد الأمثلة من قضية تتابعها في محكمة طرطوس: “قُتلت سيدة على يد والدة زوجها وزوجها غربيّ طرطوس. ورغم الأدلة الواضحة، تم التلاعب بتقرير الطبيب الشرعي، حيث أفاد بعدم وجود رضوض تدل على الخنق. وعندما طلبنا شهادة طبيبٍ آخر، أكد وقوع جريمة الخنق”.
تقول: “لا يزال القانون يتساهل مع قتلة النساء عبر ثغرات قانونية مثل ما يسمى ’الدافع الشريف’، بينما يساهم الفساد القضائي في التلاعب بالأدلة وإفلات الجناة من العقاب”.
وتتابع: “المجتمع لا يدين هذه الجرائم كما يجب، ما يعزز استمرارها. نطالب بقانون يحمي النساء من العنف الأسري، ومراكز دعم متخصصة، وخطوط ساخنة للتبليغ. ويجب تشديد الرقابة على القضاء لضمان العدالة. لا يمكن أن يستمر التلاعب بالأحكام وفق الأعراف والرشاوى، فالعدالة يجب أن تكون مستقلة ومنصفة للجميع”.
ما بين الثغرات قانونية والقبول المجتمعي
قامت معدتا التحقيق بإعداد استبيان أجاب عليه نحو 80 شخص، أغلبهن/م نساء، لاستطلاع آرائهن/م حول قضايا قتل النساء في سوريا.
كشف الاستبيان عن رفضٍ واسعٍ لجرائم قتل النساء في سوريا، لكنه أظهر في الوقت ذاته دعمًا غير مباشر لهذه الجرائم بفعل الأعراف والتقاليد التي تكرّس العنف وتمنح مرتكبيه شرعية ضمنية.
كما بيّنت النتائج ضعف الثقة في القوانين السورية، حيث يُنظر إليها على أنها غير كافية للحد من هذه الجرائم، خاصة في ظل التساهل القانوني مع الجرائم المرتبطة بذريعة ما يسمى بـ”الشرف”.
وعلى مستوى الحلول، برز تشديد القوانين وتطبيقها بصرامة، إلى جانب توعية المجتمع ودعم الناجيات، كأهم السبل لمواجهة هذه الظاهرة بشكلٍ فعال ومستدام.
رغم التعديلات القانونية التي أُدخلت على بعض مواد قانون العقوبات، مثل المواد 548 و192 المتعلقة بجرائم العنف ضد النساء، لا تزال الهوة كبيرة بين النصوص المكتوبة والتطبيق العملي.
فجرائم قتل النساء، التي غالبًا ما تُرتكب بذريعة “الشرف”، تُظهر أن القوانين، رغم أهميتها، ليست كافية ما يترك الكثير من الجرائم دون ردع حقيقي.
ففي 8 مارس/آذار 2020، ألغى المشرع السوري المادة 548 من قانون العقوبات التي كانت تمنح عذرًا مخففًا لمرتكبي “جرائم الشرف”. قبل ذلك، كانت هذه المادة تتيح تخفيف العقوبة لمن يقتل أحد أقاربه بدافع “الدفاع عن الشرف”، ما أضفى شرعية ضمنية على مثل هذه الجرائم لسنوات طويلة.
ورغم أن إلغاء المادة كان تطورًا إيجابيًّا، إلا أن تأثيرها كان محدودًا على أرض الواقع، إذ لا تزال الثقافة المجتمعية تنظر بعين القبول لمثل هذه الجرائم، ما يقلل من فعالية النصوص القانونية.
بالإضافة إلى ذلك، استمرت المواد القانونية الأخرى، مثل المادة 192، في توفير ثغرات تُمكّن الجناة من الحصول على عقوبات مخففة. تمنح هذه المادة القاضي صلاحية تخفيف العقوبة إذا ثبت أن الجريمة ارتُكبت بدافع “شريف”، وهو مصطلح فضفاض يُعرّف بأنه “عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرة مقدسة لديه”. هذا التعريف يفتح الباب أمام تبرير جرائم قتل النساء، خصوصًا تلك المرتبطة بسلوكهن أو أجسادهن.
لم يختلف الحكم رغم تغيير القانون
رغم تعديل بعض مواد قانون العقوبات السوري، لا تزال النساء في سوريا واجهن خطر الموت لمجرد كونهن نساء. يُذبحن في منازلهن، يُحرقن في الساحات، ويُطلق عليهن الرصاص أمام أعين الجميع، بينما يفلت الجناة في كثير من الأحيان من العقاب بفضل تحيزات قانونية ومجتمعية.
تُجرّم القوانين العنف الجسدي بدرجاته المختلفة، مثل المواد 540-543 التي تعاقب على أي اعتداء يُلحق أذى بالآخرين تبعًا لخطورة الإصابة. فالمادة 540 تفرض عقوبات على الضرب الذي لا يؤدي إلى تعطيل عن العمل، بينما تشدد المادة 541 العقوبة إذا تسبب الاعتداء في عجز يتجاوز عشرة أيام. أما المادة 542 فتنص على عقوبات أشد إذا خلف الاعتداء تشويهًا دائمًا أو عاهة مستديمة، في حين تعاقب المادة 543 الضرب المفضي إلى الموت دون نية القتل.
ورغم وضوح هذه النصوص في تجريم العنف، فإن تطبيقها يتأثر بالأعراف الاجتماعية التي تميل إلى تبرير بعض أشكال العنف الأسري، خصوصًا في سياقات ما يعرف بـ”التأديب” أو “الدفاع عن الشرف”. كما تمنح القوانين القضاة سلطة تقديرية واسعة قد تؤدي إلى تخفيف الأحكام، فضلًا عن انتشار الحلول العشائرية التي تؤدي إلى إسقاط العديد من القضايا قبل وصولها للمحاكم، ما يحد من فاعلية هذه المواد في تحقيق الردع القانوني وحماية الضحايا.
حالات الغضب الشديد، التي تُعرف بـ“فورة الغضب“، تُستخدم بشكلٍ واسعٍ لتخفيف العقوبات على الجناة، حتى لو مرت شهور على معرفتهم بما يثير غضبهم.
كما أن الاجتهادات القضائية توسّع نطاق “الدافع الشريف“، ليشمل ليس فقط المحارم، بل الأقارب العصَبات أيضًا، مثل العم، ما يضفي شرعية اجتماعية وقانونية على هذه الجرائم.
تشير المحامية سنابل سليمان إلى “أن القضاء بقي يستخدم الدافع الشريف بأحكام قتل النساء رغم التغييرات التي طرأت على القوانين. تنطوي هذه الجرائم على تسامح قانوني وعلى عنف مبرر شرعًا وتمييز واضح ضد النساء، وهنا يلعب المحامي دور هام في توصيف الجرم فإما يدين القاتل أو يقف معه بحجة فورة الغضب”.
عرّفت محكمة النقض السورية “الدافع الشريف“ بأنه “عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرة مقدسة لديه وإن هذه العاطفة تتجدد في كل مرة يتذكر فيها الفاعل ما ارتكبته المجني عليها”.
هذا التعريف الفضفاض يترك المجال مفتوحًا لتبرير الجرائم المرتكبة ضد النساء، مما يقوض الجهود القانونية لردع هذه الجرائم، ويجعل الأعراف الاجتماعية أقوى من القانون في بعض الحالات.
تقول الحقوقية “كاميليا تمرو” المقيمة في منطقة الباب شمال سوريا: “إصلاح قانون العقوبات السوري يجب أن يتجاوز إلغاء المواد المثيرة للجدل، ليشمل إضافة نصوص واضحة وصارمة تجرّم العنف ضد النساء بشكلٍ خاص. كما يجب سد الثغرات القانونية التي تمنح أعذارًا مخففة، مثل المادة 192، والعمل على توعية القضاة/القاضيات والمجتمع بخطورة استمرار هذه الجرائم تحت أي مسمى”.
الإعلام المحلي قراءة في خطاب السويداء 24 عن جريمة ليليان
نشرت منصة السويداء 24، خبر مقتل الشابة ليليان الذي يحاول بشكلٍ صريح التأكيد على براءة ليليان، وأن الجريمة لا تندرج تحت تصنيف ما تسمى “جرائم الشرف”، وأن تقرير الطبيب الشرعي أكد “عذريتها”، وكأن هذه الخطوة ضرورية لتأكيد أن الجريمة غير مبررة.
هذا التوجه يعكس تصوّرًا بأن الجرائم المرتبطة بـ”الشرف” قد تكون مبررة أو أقل فظاعة، كما يعزز فكرة أن العنف مقبولٌ إذا ارتبط بسلوك معين للضحية.
يُبرز الخبر معاناة ليليان مع والدها، ويصفه بأنه “غير سوي نفسيًّا” و”غير أخلاقي”، وأن أقاربه، بمن فيهم والده، تبرؤوا منه. هذا التوصيف يُظهر الجريمة على أنها حالة فردية ناتجة عن خللٍ نفسي أو أخلاقي لدى القاتل، ما قد يساهم في عزل القضية عن سياقها الاجتماعي والثقافي الأوسع.
ويظهر في الخبر اهتمام كبير بحماية “سمعة” ليليان بعد مقتلها، من خلال نفي أي اتهامات قد تمس “شرفها” أو سلوكها.
ما يطرح هذا التساؤل: هل كانت القضية ستُعامل بنفس التعاطف إذا وُجدت “شكوك” -بحسب المعايير الأبوية- حول سلوك الضحية؟
الرصد والمطالبة بتشديد العقوبات: صوت المنظمات في مواجهة جرائم قتل النساء
أدانت العديد من المنظمات والمنصات الحقوقية جرائم قتل النساء بعد جريمة قتل ليليان، مطالبةً بتشديد العقوبات ومواجهة الأعراف التي تكرّس العنف.
“منصة أمان“، المعنية بدعم النساء في السويداء، أصدرت بيانًا أكدت فيه أن قضية ليليان أبو سرحان “لن تُنسى”، مطالبةً بأقسى العقوبات ضد الجناة، والعمل على تفكيك الموروث الثقافي الذي يدعم القهر والظلم.
وأدانت منظمة النساء الآن جريمة قتل ليليان، مؤكدة أن هذه الجريمة “تأتي في سياق تصاعد العنف ضد النساء تحت ذرائع العادات والتقاليد،ودعت المنظمة إلى محاسبة الجناة وإنهاء الإفلات من العقاب تحت هاشتاغ #اسمها_جريمة_اسمه_قاتل”.
تطالب هذه المنظمات بتحقيق العدالة عبر إصلاح القوانين وتعزيز ثقافة الاحترام والمساواة، مع التأكيد على “دور المجتمع المدني في مناصرة حقوق النساء وإحداث تغيير حقيقي على كافة المستويات”.
والطريق نحو مجتمع آمن للنساء يتطلب “تكاتف الجهود لإلغاء الأعذار القانونية، كسر وصاية الأعراف، وتمكين النساء ليصبحن جزءًا فاعلًا في صناعة القرار، فالعدالة تبدأ بإعلاء قيمة حياة الإنسان فوق كل موروث أو تقليد”.
وفي هذا السياق، تتحد أصوات النساء اللواتي تحدثنا معهن، جنبًا إلى جنب مع المنظمات الحقوقية، في مطلبِ واضح وصريح: “لا لقتل النساء. نريد المساءلة والمحاكمات العادلة للقتلة! فبدون عدالة حقيقية، سيظل العنف مستمرًّا، وستبقى الأرواح تُزهق بلا رادع، ما يجعل الحاجة إلى إصلاح جذري أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى”.