فقر الدورة الشهرية.. أزمة ما قبل الحرب وخلالها.. وحتى بعد انتهائها

يرزح لبنان منذ سنوات تحت أزمات اقتصادية وسياسية متلاحقة. زاد من حدّتها وتأثيرها على البلاد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، التي أدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية العامة، وخاصة النساء والفتيات.

في سياقات الحرب والأزمات الاقتصادية، تبرز أزمة فقر الدورة الشهرية بوصفها معاناة تخص النساء والفتيات ولا تلتفت الدولة إليها.

فقر الدورة الشهرية والأزمات والحروب

يشير مصطلح “فقر الدورة الشهرية” إلى عدم قدرة النساء والفتيات الحصول على مستلزمات الدورة الشهرية الأساسية، مثل الفوط الصحية؛ نتيجة لارتفاع أسعارها أو ندرتها في الأسواق.

وقد أظهرت دراسة أجرتها منظمة “فيمايل” بالتعاون مع “بلان إنترناشونال” أن 76.5% من النساء والفتيات في لبنان يواجهن صعوبة في الحصول على هذه المستلزمات بسبب الزيادة الحادة في الأسعار.

هذا الوضع دفع العديد منهن إلى استخدام الفوط لفترات أطول أو اللجوء إلى بدائل غير صحية، مما يزيد من مخاطر الإصابة بالالتهابات والمشكلات الصحية الأخرى.

الحرب الإسرائيلية فاقمت حدة الأزمة

خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، نزحت آلاف العائلات من منازلها، ولم يكن هنالك مراكز إيواء مجهزة لاستيعاب الأعداد الكبيرة.

بالإضافة إلى الازدحام، عانت الفتيات والنساء من انعدام الخصوصية وصعوبة الانتظار ساعات طويلة للوصول إلى دور “الحمام”.

تعاني النساء والفتيات في ظروف مماثلة من نقص حاد في المياه النظيفة والمرافق الصحية الملائمة، مما يزيد من صعوبة إدارة الدورة الشهرية بكرامة ونظافة.

وقد أظهر تقرير مصور أعدّته منصة “شريكة ولكن” أن النساء في الملاجئ يضطررن لاستخدام مرافق مشتركة تفتقر إلى الخصوصية والنظافة، ما يزيد من معاناتهن ويعرضهن لمخاطر صحية جسيمة.

في ظل هذه التحديات، وأمام تخلي مؤسسات الدولة عن مسؤولياتها، تترك مهمة تأمين مستلزمات الدورة الشهرية على عاتق المنظمات النسوية.

وقد عملت منظمة فيميل خلال الحرب في لبنان، على تقديم الدعم للنساء والفتيات المتضررات عبر توزيع مستلزمات الدورة الشهرية ونشر التوعية حول العناية بالصحة خلالها. كما أطلقت المنظمة حملات توعوية عبر منصاتها الرقمية، بما في ذلك قناتها على يوتيوب، لتسليط الضوء على هذه القضية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء والفتيات المتضررات.

ويتطلب التصدي لمشكلة فقر الدورة الشهرية في لبنان تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، لضمان حق كل امرأة وفتاة في الحصول على مستلزمات الدورة الشهرية بكرامة ودون معاناة.

 

خصوصًا أنها أزمة لم تنتهِ حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار وذلك بسبب استمرار القصف الإسرائيلي على أغلب قرى الجنوب اللبناني وهو ما حال دون عودة كامل العائلات إلى منازلها.

بالإضافة إلى الدمار الهائل الذي أصاب القرى، والعدد الكبير من العائلات التي لم يعد لديها منازل تعود إليها. وفي ظل هذه المعطيات تضطر النساء والفتيات إلى البقاء في بعض أماكن اللجوء، أو استخدام حمامات غير صحية. فحتى وإن توقفت الحرب.. الدورة الشهرية لا تتوقف.

لذا، يجب على الجهات الحكومية التعاون مع منظمات المجتمع المجني لتأمين الحلول التي من شأنها الحدّ من أزمة فقر الدورة الشهرية مثل التعاون مع الجهات الحكومية ومع المنظمات غير الحكومية، للعمل على توفير الفوط الصحية ومستلزمات النظافة الشخصية بأسعار معقولة أو مجانًا للنساء والفتيات.

والعمل على إنشاء ملاجئ مؤمنة ومحمية، ومجهّزة بمرافق عامة تصلح لاستيعاب احتياجات النساء والفتيات.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد