
“والله أختي مخطوفة”.. خطف النساء العلويات بين الإنكار والتواطؤ
“يا خاطفين، نحنا جاهزين لأي رواية بدكم ياها، هبة مخطوفة.. في ناس شافوا سيارة فان لونها أبيض سحبوها من عالإستراد”، يقول أهل المخطوفة هبة علي عباس، التي خرجت من المنزل في مدينة جبلة في ٣ تموز/ يوليو، ويطلب الخاطفون فدية.
قبلها فُقدت مي سليم سلوم في اللاذقية “شفناها عالكاميرات بالشيخ ضاهر، كانت حاملة خفاقة وطابة وصاها ابنها عليهن” تقول شقيقتها، ثم خرجت في فيديو محجبة تقول انها خرجت بإرادتها إلى منزل صديقتها في ٢٢ حزيران/ يونيو.
وقد قالت بانا خضور 16 عامًا ذات القصة لأهلها بعد فقدانها بساعات، لكنّ كاميرات المراقبة بينت بوضوح اختطاف بانا من مسلحين نزلوا من سيارة، وقدموا شكوى.
“والله مو بإيدي”.. للمغتصِب منصِب
بعد اقتحام سجن سري في حي المحمودية وسط مدينة عفرين من قبل متظاهرين غاضبين من الغوطة الشرقية، تم العثور فيه على 11 امرأة وطفلين صغيرين، وقد عثر على بعض النساء عاريات.
روت “ناديا سليمان” ما تعرضت له من التعذيب والاغتصاب وتصويرها مع العديد من المُعتقلات وهنّ عاريات، “تم سحبي من المنفردة من شعري، وتم سحلي مرارًا، وحرماني من الثياب من الماء من الطعام من الذهاب للتواليت”، وبعد جولات من أبشع أنواع التعذيب والتحقيق أخبروها أنها بريئة، ويمكن إنقاذها وتهريبها إلى تركيا، بعد الزواج من ضابط تركي، لكنها رفضت، ما أثار غضبه ودفعه إلى تعذيبها ثم خرجت بعد دفع مبلغ مالي.
تتقاطع نهاية قصة ناديا في 2020 مع قصة حلا نورس ابراهيم، التي خرجت بعد شهرين من اختطافها، ونقل ناشط تركي ساعد في تحريرها أنها رفضت الزواج من خاطفها لذا تم حلق شعر رأسها وحواحبها، فيما يبدو وبحسب قصص مخطوفات أخريات فقد نجح الخاطف ومن معه في إجبارهن على الزواج مثل السيدة المتزوجة بشرى ياسين مفرج والفتاة القاصر لانا أحمد وغيرهن.
View this post on Instagram
أكدت CNN في تحقيقها الاخير، ثبوت ضلوع سيف بولاد في التعذيب والاغتصاب، وفي التحقيق ذاته يظهر سيف بولاد أبو بكر، رافعاً قضيبه في وجه نساء يرتدين النقاب يحاولن الهرب منه دون طائل.
“سيف صار يدق من رقم تركي، ويخبرني على شغلات أنا ما بدي ياها، وصار يروح ويجي لحتى أخد يلي بدو ياه.. صرت قله في ناس قلي أنا الكل بالكل”.. تتنهد “بعدها دفشني عالغرفة… ونام معي” ورغم كل ذلك تجد المغتصِبة نفسها مضطرةً للتبرير أمام المجتمع “بس والله مو بإيدي..”، تقول امرأة في فيديو.
كل هذا التاريخ الحافل بالانتهاكات، لم يدفع السلطات الجديدة في سوريا لأي محاسبة، أو حتى تسريحه من الجيش السوري الجديد، فقد شارك قائد “الحمزات” ابو بكر سيف بولاد في مؤتمر النصر الذي تم فيه تنصيب أحمد الشرع (الجولاني سابقاً) رئيساً للجمهورية/ المرحلة الانتقالية.
ولم تنتهِ الأمور عند هذا الحد، إذ تم تعيين سيف الدين بولاد قائدًا للفرقة 76 بالجيش السوري الجديد في محافظة حلب، وعلى ما يبدو أنّ نهج الحمزات وغيرهم انتقل إلى مناطق سيطرة الأسد سابقًا، إذ لا يزال خطف النساء والفتيات في الساحل وبقية المناطق مستمرًا دون أي رادع.
تواطؤ وصمت السلطات
ولا مبالغة في القول، أنّ سوريا الجديدة يُعاد بناؤها بدون نساء، وربما على أجسادهن وباستثمار صريح لصورة هذا الجسد في اللاوعي الجمعي.
وبينما كانت السلطة تروج لحفل إطلاق الهوية البصرية في كل المحافظات السورية في 3 تموز/ يوليو، أقدمت عصابة مسلّحة تستقلّ سيارة جيب بيضاء، مؤلفة من ثلاثة أشخاص أحدهم يده مبتورة، على خطف الفتاة ليزا محمد إبراهيم (١٩ عامًا) من مزار ديني بريف جبلة. وأقيم الحفل في ساحة الشخضاهر باللاذقية بالقرب من مكان اختفاء السيدة مي سلوم في 22 حزيران/ يونيو.
ليس مطلوباً إلغاء الاحتفال، ولكن حالات الخطف التي وثقتها وكالات ووسائل إعلام عربية وغربية وعالمية مثل رويترز وفرانس24، وصحيفة لوفيغارو الفرنسية التي حذرت في تحقيقها من ارتفاع في موجة “الاختطاف الممنهج” بحق نساء علويات -خصوصًا القاصرات- وترافقه مع ابتزاز مادي وتزويج قسري وتعذيب جسدي ونفسي بحق النساء في ظل ما وصفته لوفيغارو بـ “تواطئ صريح أو صمت مريب” من السلطات، وتحقيق مجلة THE National، بعدها مجلة The spectator التي وثقت شهادة خطف واغتصاب جماعي وإتجار بفتاة علوية من قبل قوات السلطة الجديدة، كل هذا يستدعي في الحد الأدنى اعترافًا لا تجاهلًا.
في سياقٍ متصل، انتشرت في 4 و5 تموز/ يوليو حواجز مكثفة وكثيرة وتفتيش دقيق في أرياف جبلة وانتشار أمني مكثف في مدن وقرى الساحل بشكلٍ عام، عقب الدعوات لتظاهر سلمي يطالب بوقف الخطف والقتل، أشعل شرارته قتل شاب وإصابة آخر يعمل في أرضه في قرية البرجان من قبل عنصر تابع لوزارة الدفاع، وسبقه قتل شابين يجمعان أوراق الغار في درميني بريف جبلة، والكثير من حالات الخطف والقتل اليومية بحق رجال ونساء وأطفال، وإشاعات عن تحركات محتملة للفلول، انتشرت فيديوهات تعلن النفير والاستنفار.
“بدها تشغل بال أهلها وتحسّسهم بقيمتها”!
علمًا أنّ مئات حوادث الخطف والقتل لم تستدعِ مثل هذا الانتشار والاستنفار الأمني في الساحل. وتساءل ناشطون/ات “إن كانت السلطات قادرة على نشر كل هذه العناصر عند كل مفترق، فما الذي يمنعها عن كشف من يخطف النساء ويقتل الأبرياء؟”.
وقد يكون الجواب أنّ السلطات لا تعترف أصلاً بوجود حالات خطف لنساء علويات، وفق ما ورد على لسان مسؤوليها، إذ نفى أحمد محمد خير، مدير العلاقات الإعلامية في محافظة طرطوس لوريترز، ما يتردد عن استهداف العلويين، وقال إن معظم حالات اختفاء النساء سببها نزاعات عائلية، أو أسباب شخصية، وليست عمليات خطف، دون أن يقدم أدلة تدعم ما يقوله.
وأضاف: “ممكن المختفية عندها مشاكل عائلية مع أهلها وعم تهرب من البيت، أو ممكن أهلها عم يجبروها تتزوج حدا وهي ما بدها، فبتهرب من البيت. ممكن بدها تشغل بال أهلها وتحسّسهم بقيمتها، وممكن مخطوفة”.
وتابع قائلًا: “هذه الادعاءات المتداولة دون تحقق، لا تُساهم إلا في نشر الذعر وزرع الفتنة ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار، خصوصًا في محافظة طرطوس”.
وكرّر مدير العلاقات الإعلامية في محافظة اللاذقية ما قاله خير، وقال إنه في كثير من الأحيان تهرب نساء مع رجال على علاقة عاطفية بهن، ويختلق الأهل قصص الخطف لتجنب الوصمة الاجتماعية. فيما رفض مسؤول الإعلام في محافظة حماة، وأحد أعضاء لجنة تقصي الحقائق التعليق.
تقرير رويترز يُعيد مختطفات
يبدو أنّ تقرير رويترز عن خطف العلويات كان محرجًا للجهات الخاطفة، إذ عادت المخطوفة زينب غدير الذكرى (17 عامًا)، بعد اختفائها منذ 27 شباط/ فبراير الفائت، بعد أن ذكرت رويترز أنّ الخاطف تواصل مع أهل زينب عبر رسالة من هاتف الفتاة يوم اختفائها: “مثل ما نبهتكن، صورة ما بدي شوف، أقسم بالله ببعتا بدما”.
View this post on Instagram
وأكدت رويترز خطف دعاء عباس (٢٩ عامًا) بجرها من أمام باب منزلها في ريف حماة، وشهد قريبها جرها من عصابة الخطف. فحاول اللحاق بهم على دراجته النارية ولم يفلح، في ٢٤ آذار/ مارس.
“مثل ما نبهتكن، صورة ما بدي شوف، أقسم بالله ببعتا بدما”.
وكشفت عن عودة خزامة وهي أم لثلاثة أطفال بحالة انهيار عصبي بعد 15 يوم قضتها في الأسر، وقد صرح لرويترز أهل فتاة قاصر (16 عامًا) خُطفت من اللاذقية أنّهم/ن أُجبروا/ن على القول أنها هربت للزواج برجل سني.
تناول تقرير رويترز 33 مخطوفة علوية تم التأكد منها، وقد لاقى صدى وتأثير واسع محليًّا وخارجيًّا، لكنّ الرقم كان أقل مما وثقه ناشطون وناشطات في الساحل السوري “سجلنا أكثر من ثمانين حالة خطف وهي حصيلة غير نهائية، تشمل العائدات وغير العائدات”.
وقد علمت “شريكة ولكن” من مصدر في رويترز أنّها كان بحوزتها “أربعين موقع” وهذه الحالات الثلاثة والثلاثين هي ما تم التأكد منه، رغم ترجيحهم وجود حالات أكثر.
لا شفيع لهنّ.. “خمسة آلاف دولار وشرط ارتدائها للحجاب”
خرجت فاتن قيس الهيبة (42 عامًا)، متزوجة ولديها أطفال، في 25 حزيران/ يونيو من منزلها في كسب، إلى الرميلة بجبلة، لتعزية أهلها بيوم الأربعين على وفاة والدها، وانقطع الاتصال بها ضمن مدينة جبلة. وفي 3 تموز/ يوليو وبعد عودة والدتها إلى منزلها بجبلة، وُجدت فاتن مرمية عند البيت، وعلى جسدها آثار تعذيب وضرب مبرح.
بحسب ناشطة سورية تواصلت مع ذويها “كل ما حكته فاتن حتى الآن، بعد أن نزلت من التكسي عند الكراج القديم بمدينة جبلة، قام أحدهم ببخ مادة مخدرة في وجهها، ‘بيسحبوها عدة أشخاص، ما بتعرف عددن بالضبط، ولما بتفيق ما بتكون قادرة تعرف إذا هيي بجبلة أو بغير محافظة، قدرت تعرف من اللهجة انو شخص منهن من إدلب وشخص تاني من حماة بدون معلومات عن البقية'”. ونقلت عن الأهل أنّ المخطوفة فاتن كانت تتعرض للتعذيب والضرب والإهانة بشكلٍ مستمر خلال أسبوع الخطف، وهي حاليًّا في مشفى جبلة تتلقى العلاج، وحالتها الجسدية والنفسية سيئة، بالإضافة إلى الكثير من التفاصيل الأخرى التي تحفظت الناشطة عن ذكرها.
وبعيدًا عن أي تصوير أو ضجة إعلامية عادت إحدى الفتيات بعد أشهر من اختطافها في ريف اللاذقية إلى أهلها، وقد أكدت أنّ الفصيل الذي اختطفها، كان يختطف “صبيتين معها”، وقد اخترنا إخفاء هوية الناشطة لمنع تعرضها للأذى.
“هبة مخطوفة.. في ناس شافوا سيارة فان لونها ابيض سحبوها من عالإستراد”.
لم يشفع لهبة عباس، ابنة مدينة جبلة، مساعدتها للمحاصَرين في المعضمية بريف دمشق وتعريض نفسها للخطر، تسأله صديقتها “ما خفتي؟”، لتجيب هبة “والله حرام الناس ماتت جوع، عم يطلبو أكل و شرب، ما قدرت الا ساعدن وكتير صارت علاقتنا منيحة، هالناس بس تحكي معها بتشوفي انن محترمين، بس آخدين عنا فكرة انو كلنا مجرمين، بس لما تساعدي حدا بيعطيكي عيونه”.
فقد خرجت هبة علي عباس (38 عامًا)، يوم الأربعاء 2 تموز/ يوليو، أثناء توجهها من منزل أهلها إلى منزلها عند مفرق الشقيفات، علمًا أنّه تم حرق منزلها وقتل أخيها مجد عباس في مجازر آذار/ مارس الدامية ودفنه دون السماح لأهله بوداعه.
وقد تواصلت “شريكة ولكن” مع قريبة هبة، التي أكدت تلقيهن اتصالات من أرقام كثيرة أرسلت لنا صور هبة معدلة بالذكاء الاصطناعي، وقد طلب أحدها فدية مالية كبيرة ٢٥ ألف دولار، ثم بدأ بتخفيض المبلغ وكان آخر كلام هو خمسة آلاف دولار مع اشتراط ارتدائها للحجاب وأن يقولوا أنها هربت مع عشيقها، لكنه قام بحظري بعدها”.. وختمت “هبة مخطوفة.. في ناس شافوا سيارة فان لونها ابيض سحبوها من عالإستراد”.
صوت النساء جريمة.. واختطافهن وجهة نظر
ولإقصاء النساء بُعد سياسي آخر لدى السلطة ومريديها، وهي كراهية المختلف ومحاولة “تدميره”، وهذا يشمل أية هوية أو كيان لا يقدم فروض الطاعة وينضبط على إيقاع كورال التطبيل. هذا المختلف هو الدرزي أو العلوي أو المسيحي أو السني المعتدل أو (امرأة).
لم يزعجهم فيديوهات لنساء الساحل يحتضنّ أولادهنّ المضرجين بالدماء فيما يدوسهم مسلحوا السلطة، بينما أزعجهم بشدة صوت غادة الشعراني في وجه محافظ السويداء، حين ذكرت أنها رأت مخطوفات مع أطفالهن خلال توقيفها في سجون إدلب، ورفعت بحقها دعوى قضائية بتهمة النيل من هيبة الدولة والتحريض الطائفي.
وبدل إيقاف خطف النساء والفتيات في الساحل يتم التحريض على ناشطة تكلمت عن لقائها في إدلب بامرأة علوية مرتبكة ادّعى أحد المقاتلين أنها زوجته، والدعوة لفصلها من المنظمة التي تعمل بها، والهجوم على ناشطات سوريات لمجرد انتقادهن للسلطة، بطريقة لا تخلى من بذاءة ذكورية وشتائم جنسية معيبة مثل فرح يوسف وجود حمادة وغيرهن الكثير.
وفي ظل الطبيعة القديمة للسلطة الجديدة، وانعدام أي محاسبة أو جدية في متابعة حالات الخطف والتحقيق وإلقاء القبض على المتورطين وتقديمهم للرأي العام السوري، كان منطقيًّا استمرار حالات فقدان/ اختطاف النساء والفتيات السوريات بشكلٍ خاص في الساحل، ومن الطائفة العلوية بأغلبية ساحقة بناءً على الحالات المصرح عنها. وتؤكد ناشطات وجود الكثير من حالات خطف النساء من الطائفة السنية ولكن لا يتم التصريح عن اختطافهن بسبب الوصمة الاجتماعية وغيرها.
خطف النساء الذي لا ينتهي
فُقد الاتصال بالسيدة مرح فيصل الصالح (25 عامًا)، التي كانت في طريقها إلى منزل زوجها في صباح 8 حزيران، ولم ترد أي معلومات مؤكدة بشأن مصيرها حتى اللحظة.
وفي ريف طرطوس، أبلغ أحد الأهالي عن فقدان الشابة شهد وائل موسى (17 عامًا) بعد انقطاع الاتصال بها ظهرًا في قرية دحباش بريف طرطوس 11 حزيران/ يونيو 2025. بينما في حمص – حي المهاجرين، وفي سهل عكار، أُبلغ عن فقدان السيدة فاطمة محمد من قرية تل عدس في كرتو في 13 حزيران.
بعدها فُقدت الشابة لميس حسن القباقلي (26 عامًا) منذ ظهر 18 حزيران/ يونيو، بعد مغادرتها قريتها “رفعين” متجهةً إلى قرية “بيصين”. وبحسب شهادات أفراد من عائلتها، لم تصل إلى بيت زوجها، وقد انتشرت أخبار عن عودتها بعد أيام دون تفاصيل.
في يوم اختفاء لميس ولكن في مكان آخر، فُقدت نور حسان خليل (17 عامًا) مع خالتها هيا صلاح زريعة (30 عامًا) خلال عودتهما من زيارة إلى مدينة مصياف متجهتين إلى دمشق. وتشير الأخبار إلى أنّ آخر اتصال منهما كان من كراج حمص الشمالي، بتاريخ 18 حزيران/ يونيو، وبعد يوم واحد نشر الأهل أخبارًا تفيد بعودة نور وهيا، وأنهما سافرتا إلى لبنان للقاء خال نور دون إخبار أحد!
فيما بعد علمت “شريكة ولكن” من ناشطة تحدثت مع العائلة التي تحفظت عن ذكر أي تفاصيل سوى “نور، طالبة البكلوريا، حالتها النفسية سيئة”.
وجدير بالذكر، أنّ حوادث اختطاف النساء قد بدأت منذ بدايات سيطرة هيئة تحرير الشام على دمشق، إذ تم احتجاز تسع نساء بينهن أمهات لأطفال رضع من قبل أحد قادة الفصائل في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2024 بعد احتجاجهن على اعتقال أزواجهن. كما نتذكر اختطاف الدكتورة رشا ناصر العلي في كانون الثاني/ يناير الماضي في حمص، وهي أستاذة جامعية في قسم اللغة العربية وعضو اتحاد الكتّاب العرب. ونشر/ت ناشطون/ات أن اختفاءها جاء بعد منشور ساخر عنها في مجموعة إلكترونية، كتبه دكتور جامعي يدعى حسام الدين الحزروي.
ووفق ما نُشر في التعليقات: “قريبًا ستقرأ عنها”، ما أثار شكوكًا حول وجود علاقة مباشرة بين المنشور والاختطاف. إلى اليوم وبعد ستة أشهر على اختفاء الدكتورة رشا لم تقدم السلطات السورية أي توضيح.
“والله اختي مطوفة”
في حالة مؤثرة، اختفت السيدة مي سليم سلوم (30 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال، أثناء عودتها من زيارة لطبيب الأسنان في اللاذقية.
أفادت شقيقتها لشريكة ولكن بأن مي خرجت من منزلها في قرية بلوران في الساعة 9 صباحًا في 22 حزيران/ يونيو، إلى الرمل الشمالي حيث اشترت زعتر من بقالية أحد معارفهم هناك، وتوجهت إلى المشروع السابع لعيادة طبيب الأسنان، وبعدها توجهت إلى الشيخ ضاهر وانقطع التواصل معها. وقد راجع شقيقها كاميرات المحال التجارية التي أظهرت مي وهي تحمل “طابة وخفافة (حذاء رياضي)” كان ابنها قد أوصاها بشرائهم.
وفي ظل شح المعلومات وعدم وجود شفافية في التحقيق بهذا الموضوع، نشر شقيق المخطوفة مي رسالة وردت إلى إحدى الصفحات من أحد سكان حلب، يقول أنه رأى سيارة غريبة دخلت إلى الحي الذي يقطن فيه، وخرج من السيارة رجلان معهما امرأة محجبة وأخرى غير محجبة ولكنها مقيدة، ودخلوا بيتًا مهجورًا منذ عشر سنوات، ليخرجوا بعد عشر دقائق ومعهم المرأة المقيدة وقد ارتدت حجابًا، وأكّد الشاب “حالات الخطف عمتصير بيناتنا بحلب بشكل يومي.. حبيت بري ذمتي”.
وقد ظهر أطفالها في فيديو مؤثر يطالبون بعودتها، ثم تخرج بعدها في فيديو تظهر فيه بدون المكياج الذي اعتادت عليه في صورها القديمة وهي تلبس حجابًا ومن خلف الكاميرا رجل يسألها “هل أنتِ مخطوفة؟”، فتجيب أنها ليست مخطوفة وإنما أتت بكامل إرادتها إلى بيت صديقتها في حلب وقد أخبرت أهلها بذلك. فتواصلت “شريكة ولكن” مع شقيقة مي لتؤكد أنّ أختها لم تتصل بهم، وشددت أنّ كلام أختها في الفيديو غير صحيح “والله أختي مخطوفة”، وشددت على أنّ أختها ليس لها صديقة في حلب، ولم يسبق لها زيارة مدينة حلب في حياتها، وإن كانت مي قد هربت من أهلها فعلاً، فهل ستأخذ معها “زعتر وطابة وخفافة”؟.
النساء يحاولن منع خطف الشبان
وقد أثار هذا الفيديو حفيظة ناشطات وسيدات في الساحل السوري، فقد رؤوا فيه محاولة لتشويه سمعة النساء العلويات، بأنهن يهربن من أزواجهنّ، والطعن في أخلاقهنّ. فكتبت العديد من النساء على صفحاتهنّ الشخصية “إذا فُقدت يومًا ما، وخرجتُ في فيديو أتكلم فيه أنني هربت بكامل إرادتي، اعلموا أنني مخطوفة وأجبرتُ على هذا الكلام”.
ومن المرجح أن مي خُطفت في منطقة الشيخضاهر، رغم وجود مخفر في المنطقة ذاتها، علمًا أنّه قبل يوم واحد من فقدان مي حاولت سيارة فان تحمل نمرة إدلب اختطاف طالب جامعي في المدينة على استراد الثورة عند فرع الأمن الجنائي. وقد شهدت سيدات الحادث وبدأن بالصراخ ثم ذهبت الحافلة بعيدًا. وإن أسهمن في منع اختطاف شاب، فقد عجزت فتاة في السقيلبية بريف حماة عن إنقاذ شقيقها من بين يدي عناصر مسلحة، لكنهم وجهوا أسلحتهم نحوها، ما اضطرها إلى الفرار، كما ستعجز نور وعلا عن إنقاذ خلدون من على حاجز في قدسيا.
إذ شهد حاجز الرمال التابع للأمن الداخلي في منطقة قدسيا بريف دمشق في 30 حزيران/ يونيو، حادثة اعتقال لشاب خلدون أحمد الكردي وضرب مبرح لفتاتين هما خطيبته الدكتورة نور علي شعبان وقريبتها علا بلال منصور بعد أن تدخلتا لإنقاذه من الخطف/ الاعتقال. وأكدت نور في شهادة صوتية أنّ العناصر نزعوا غطاء رأس علا، وقاموا بشدها من شعرها وضربها بعنف، فيما تعرضت نور لضربٍ مبرح على الظهر بالإضافة لشتمهن.
وإن كان مرجحًا خطف مي في منطقة شعبية مزدحمة في قلب مدينة اللاذقية، وكذلك الطالب الجامعي، وبالقرب من مراكز أمنية، لكنّ كلها حالات جرت بالخفاء غالبًا، لكن ماذا لو حدث الخطف على العلن؟ ما الذي سيتغير؟
-يتبع-
كتابة: صحافي من سوريا (فضّل عدم ذكر اسمه)