
من “تاج الجمال” إلى تزيين الإبادة: أول مشاركة لفلسطين في مسابقة ملكة جمال الكون
أعلنت منظمة ملكة جمال الكون (MUO) أنّ ملكة جمال فلسطين لعام 2022 نادين أيوب، ستشارك لأول مرة باسم فلسطين في النسخة الـ74 من مسابقة ملكة جمال الكون، المقرر عقدها في بانكوك، تايلاند، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025.
وفي بيانٍ رسمي، رحّبت المنظمة بمشاركة ملكة جمال فلسطين، معتبرةً أن الحدث يعد “احتفاءً بالتنوّع، والتبادل الثقافي، وتمكين النساء”.
وجاء في البيان: “تفخر منظمة ملكة جمال الكون باستقبال ممثّلات/ين من جميع أنحاء العالم”. وتابع: “نادين أيوب، عارضة أزياء، ومدافعة بارزة عن فلسطين تُجسّد الصمود والعزيمة التي تميّز منصّتنا”.
وقالت المنظمة: “نتطلع إلى الترحيب بالسيدة أيوب على مسرح ملكة جمال الكون، حيث ستمثّل فلسطين بفخر، إلى جانب متسابقات من جميع أنحاء العالم”.
بدورها، نشرت نادين أيوب عبر “إنستغرام” أنّها ترغب في أن تكون “صوتًا للشعب الفلسطيني”. وقالت: “فيما تعيش فلسطين حالة من الألم، خصوصًا في غزة، أحمل صوت شعب يرفض أن يُكمّم”، مشيرةٍ إلى أنها ستمثل “كل امرأة وطفل/ة فلسطيني/ة يجب أن يرى العالم قوّتهم/ن”.
وتابعت قائلة:”نحن أكثر من معاناتنا، نحن الصمود، الأمل، ونبض وطن لا يزال حيًا فينا”.
View this post on Instagram
تاجكم المزيّف انقعوه.. اعترافاتكم لا تعنينا
لم يعد خفيًّا أن هذا المشهد اللامع، الذي يُسوّق تمثيل فلسطين في “مسابقة جَمال” كأنه تمكين سياسي أو نسوي، ليس إلا غطاءً لتجميل واقع الإبادة.
فهذه المنافسات، التي اعتادت تاريخيًا تقديم النساء كأجساد معروضة للتقييم أمام لجان وفق مقاييس ضيّقة للجمال ومعايير رأسمالية وذكورية، وتسوّق هذا التشييء باسم “التمكين”، تختزل اليوم الاعتراف بفلسطين إلى مجرد إطلالة على المسرح، بدلًا من اعتراف حقيقي بالحقوق والسيادة.
لا يمكن لمسابقة تجارية رأسمالية، قائمة على تسطيح مفاهيم التنوع وتمكين النساء، أن تحمل اعترافًا حقيقيًا بفلسطين كقضية شعب وأرض وتاريخ وجغرافيا، قضية سيادة وحرية. فما يُقدَّم اليوم ليس سوى جزء من منظومة اعترافات رمزية مزيفة، تمنح وهم التمثيل بينما تتجاهل مطلب الخلاص من المستعمر.
“تاج الجمال” هذا ليس إلا حلقة جديدة في مسلسل الاعترافات الزائفة؛ ففلسطين لا تحتاج لمسارح عالمية ولجان تحكيم بذهنية استعمارية ورأسمالية. إن ما تحتاجه حقًا هو العدالة والحرية، ما تحتاجه هو إنهاء الاستعمار والإبادة.
View this post on Instagram
أكثر من 62 ألف شهيد/ة و156 ألف جريح/ة.. حصيلة الإبادة الصهيونية
مما لا شك فيه أن التوقيت ليس بريئًا. إذ يأتي هذا “الاحتفاء” بينما تحصد آلة الحرب الإسرائيلية 62 ألفا و64 شهيد/ة، و156 ألفا و573 جريح/ة حتى الآن في غزة، في وقت تتباطأ فيه الدول والمنظمات الدولية في الاعتراف بفلسطين، لتقدّم “سي إن إن” ومنظّمو المسابقة تاجًا لامعًا يغطّي على إبادة دموية مستمرة.
إن تحويل فلسطين إلى “قصة ملهمة” على مسرح “منافسات الجمال” ليس سوى تشتيت متعمد للأنظار عن الإبادة، وتكتيك لتبييض صورة “العالم الحر”، الذي يفضّل الاحتفال بالرموز السطحية بدل مواجهة مسؤوليته الأخلاقية والسياسية أمام دماء تُسفك يوميًا.
فلسطين ليست زيًّا فولكلوريًا، ولا علامة تجارية تُسوّق عبر مسابقات جَمال. فلسطين قضية نسوية وسياسية وإنسانية، تكشف زيف كل من يرفع كذبًا شعارات الحرية والعدالة.