
الحكم على الناشطة النسوية ابتسام لشكر بالسجن 30 شهرًا في المغرب
مثُلت الناشطة النسوية ابتسام لشكر يوم الأربعاء 3 أيلول/ سبتمبر 2025 أمام القاضي في محكمة مغربية (الرباط) لتؤكد أنها لم تقصد الإساءة للإسلام.
بالنسبة لها، القميص الذي ارتدته ونُسبت إليه التهمة لم يكن سوى شعار نسوي قديم ضد الإيديولوجيات الذكورية والعنف ضد النساء. لكن كلماتها لم تشفع لها، فصدر الحكم بسجنها 30 شهرًا وغرامة مالية قدرها 50,000 درهم مغربي (نحو 5,500 دولار).
شعار نسوي قديم ضد الإيديولوجيات الذكورية والعنف ضد النساء.
صوت ابتسام لشكر في مواجهة الدولة
ابتسام (50 عامًا) ليست غريبة عن المواجهات. فهي أخصائية نفسية وواحدة من أبرز الأصوات النسوية في المغرب، شاركت في تأسيس “الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية” (MALI)، وناضلت طويلًا من أجل حقوق النساء والمثليين/ات. قبل عقد من الزمن، قادت احتجاجًا أمام البرلمان تضامنًا مع مراهقين اعتُقلا بعد نشر صورة لهما يتبادلان قُبلة على فيسبوك. كما دفعت باتجاه إلغاء تجريم العلاقات خارج إطار الزواج، وهي قوانين غالبًا ما تُستخدم لقمع النساء.
الله ليس للمسلمين فقط، بل للمسيحيين واليهود أيضًا
محاكمة الحرية باسم الدين
صدر الحكم استنادًا إلى مواد من القانون الجنائي المغربي تجرّم “الإساءة إلى الإسلام أو الملكية”. كما اعتبرت محامية الدفاع، نعيمة قلّاف، أن القضية تدخل في إطار التعبير المحمي دستوريًا، وقالت: “الله ليس للمسلمين /ات فقط، بل للمسيحيين/ات واليهود أيضًا. أنا مسلمة ولا أشعر بأي إهانة من هذا النشر.”
أما سعاد براهمة، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فحذّرت من أن ما يحدث “يعكس تراجعًا خطيرًا في مساحة الحريات”، مؤكدة أن موكلتها تحدثت عن الأديان بشكلٍ عام، لا الإسلام تحديدًا.
الحرية ليست ترفًا، بل حقًّا أساسيًا للنساء ولجميع الأفراد
جدل عام وانقسام مجتمعي
أثار الاعتقال والحكم موجة جدل واسعة في المغرب، بين من اعتبر القميص استفزازًا مشروعًا وصرخة نسوية ضد التمييز، وبين من رآه تعديًا على المقدسات. هذا الانقسام يعكس التوتر العميق بين خطاب الدولة الديني ، الذي يُستخدم كسلاح رقابي على أجساد النساء وأصواتهن، وبين الحركات النسوية التي تدفع باتجاه توسيع مساحة الحرية الفردية.
القضية لا تتعلق بشخصٍ ابتسام لشكر وحدها، بل تطرح أسئلة أوسع، من يملك سلطة تحديد ما يُعدّ “إساءة” للدين؟ ولماذا تُستخدم هذه التهم كأداة لتكميم النساء والناشطين/ات الحقوقيين؟
ففي بلد يُسوَّق باعتباره أكثر اعتدالًا من جيرانه، ما تزال المثلية والعلاقات الجنسية الرضائية مجرّمة، وما تزال الكلمات التي تمس الدين تؤدي إلى أحكام بالسجن. وبينما تدفع ابتسام لشكر اليوم ثمن مواجهتها لهذه البُنى، يبقى صوتها حاضرًا، يذكّر بأن الحرية ليست ترفًا، بل حقًّا أساسيًا للنساء ولجميع الأفراد.