الحكم على معنّف آية عادل: براءة من التحريض على الانتحار وحبس سنة للإيذاء

أصدرت السلطات القضائية الأردنية حكمها في القضية رقم 537 لسنة 2025 لدى إدارة البحث الجنائي والمتعلقة بجريمة قتل الفنانة التشكيلية آية عادل.

وجاء منطوق الحكم ببراءة الزوج كريم خالد حسن من جرم “حمل إنسان على الانتحار” لعدم قيام الدليل، فيما حكمت عليه بالحبس سنة واحدة مع الغرامة والرسوم عن جرم الإيذاء، محتسبة له مدة التوقيف. أما من الناحية المدنية فقد رفضت المحكمة الدعوى لعدم تقديم إعلام ورثة، وهو ما أثار استياء أسرة الضحية وأعاد النقاش حول قصور التشريعات في معالجة قضايا العنف الأسري.

غموض.. إصابات سابقة في جسد الضحية آية عادل

لم ينهِ الحكم الجدل القائم حول ظروف وفاة آية. فقد كشف تقرير الطب الشرعي في غرب الأردن عن إصابات بالغة في جسدها، تضمنت جرحًا قطعيًا في الجبهة وكسرًا في الجمجمة ونزيفًا حادًا إلى جانب كدمات قوية في الفخذ والساق. هذه النتائج أثارت تساؤلات عما إذا كانت الوفاة نتيجة سقوط عرضي أم أنها ارتبطت بعنفٍ سابق للسقوط.

أسرة آية اتهمت الزوج بالتسبب في وفاتها، بينما تمسك هو برواية الانتحار.

 

من الجدل إلى الرمزية

تحولت وفاة آية عادل إلى قضية رأي عام أثارت تضامنًا واسعًا، خاصة أن ظروفها جسدت معاناة نساء كثيرات يقعن ضحايا للعنف المنزلي وسط تضارب في الروايات وضعف في آليات العدالة. وقد ازدادت رمزية القصة مع تشييع جثمانها في مدينة الإسكندرية تنفيذًا لوصيتها الأخيرة، حيث خرج الجثمان من مسجد العمري في كرموز غرب المدينة وسط حالة من الحزن الشديد، لتواري الثرى في مقابر العمود القريبة، في مشهد اعتبرته أسرتها وأصدقاؤها صرخة ضد العنف الذي يُسكت النساء مبكرًا.

 

بيان منظمة بر الأمان

نشرت منظمة برّ الأمان بيانًا بعنوان “حق آية فين؟” قبيل جلسة النطق بالحكم في قضية آية عادل، الشابة المصرية التي توفيت في الأردن يوم 14 شباط/فبراير بعد سقوطها من نافذة مطبخها. عبّرت المنظمة عن خشيتها من إهدار حق آية في العدالة، مؤكدة أنّ المعطيات المتوفرة تشير بوضوح إلى تعرضها لعنف جسدي ولفظي ممنهج من زوجها، موثّق برسائل نصيّة وصوتية وصور لإصاباتها. كما لفت البيان إلى أنّ مقطع الفيديو الذي سجّل لحظة سقوطها يُظهر الزوج خلفها بخطوة واحدة، الأمر الذي يضعف رواية الانتحار.

وتساءلت المنظمة عن ثغرات التحقيق، مثل: عدم الاستماع لشهادات الجيران، رفض قبول أدلة الأسرة، والسماح باستخدام الشقة بعد الحادثة بما قد يعرّض الأدلة للتلف. كما انتقدت التصريحات الرسمية المبكرة التي قلّلت من مسؤولية الزوج ووصفت ما حدث بأنه “إيذاء بسيط”.

وختمت المنظمة بتجديد التضامن مع أسرة آية، والتأكيد على أنّ العدالة وحدها قادرة على إنصافها وصون حقها بعد أن حُرمت من حياة آمنة خالية من العنف.

سياق إقليمي أوسع

لا يمكن قراءة قضية آية بمعزل عن واقع العنف القائم على النوع الاجتماعي في المنطقة.

تقارير أممية تشير إلى أن جرائم قتل النساء غالبًا ما تُسجّل تحت مسميات مثل “الانتحار” أو “الحوادث العرضية”، فيما تفيد بيانات رسمية أردنية بتسجيل أكثر من عشرين حالة وفاة لنساء على يد أزواج أو أقارب خلال السنوات الثلاث الماضية. وترى منظمات نسوية أن غياب تشريعات صارمة لحماية النساء يترك هذه الجرائم عرضة للتقليل أو التسويات القانونية، ويجعل العدالة بعيدة المنال.

رحيل آية عادل لم يكن مجرد حادثة شخصية، بل صار شاهدًا جديدًا على هشاشة منظومة الحماية للنساء، وعلى ثغرات القوانين في مواجهة العنف الأسري. قصتها تظل علامة فارقة في الذاكرة، وتدفع إلى السؤال المؤلم: كم من النساء يجب أن يرحلن قبل أن يصبح الأمان حقًا مضمونًا لهن؟

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد