
حضور غير مسبوق للنساء في حكومة الجزائر… بعيدًا عن الوزارات السيادية
شهدت الجزائر للمرة الأولى تعيين تسع وزيرات في الحكومة الجديدة التي أُعلن عنها مساء الأحد، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات الجزائرية. هذا التطور اعتُبر محطة لافتة على صعيد تمثيل النساء في السلطة التنفيذية، لكنه ظل محصوراً في وزارات بعيدة عن “الثقل السيادي”، ما يعكس تبايناً بين الرمزية السياسية والتأثير الفعلي في صناعة القرار.
يثير هذا التوزيع تساؤلات حول غيابهن عن وزارات الدفاع والداخلية والمالية
حضور نسائي واسع خارج الوزارات السيادية
من بين الوزيرات الجديدات، تولت بختة سلمة منصوري منصب مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، وهو منصب يرتبط بالبعد الاستراتيجي للعلاقات الجزائرية مع محيطها القاري. كما توزعت باقي الحقائب بين أمال عبد اللطيف وزيرة للتجارة الداخلية، ومليكة بن دودة وزيرة للثقافة، وحورية مداحي وزيرة للسياحة، إلى جانب كوثر كريكو التي تولّت وزارة البيئة وجودة الحياة، ونجيبة جيلالي وزيرة للعلاقات مع البرلمان، وصورية مولوجي وزيرة للتضامن الوطني، فيما أُسندت حقيبة كتابة الدولة للمناجم إلى كريمة بكير، وتولت نسيمة أرحاب وزارة التكوين المهني.
هذا التوزيع يعكس اتجاهاً نحو تعزيز مشاركة النساء، لكنه يثير في المقابل تساؤلات حول غيابهن عن وزارات الدفاع والداخلية والمالية، التي تظل الأكثر تأثيراً في السياسات الوطنية.
تناوب وتبادل في المناصب
شهدت التشكيلة الحكومية عودة مليكة بن دودة إلى وزارة الثقافة بعد أن شغلتها سابقاً بين عامي 2020 و2021، كما برزت أسماء جديدة مثل كريمة بكير ككاتبة دولة للمناجم، ونسيمة أرحاب وزيرة للتكوين المهني. في المقابل، جرى تبادل للحقائب بين وزيرات من الحكومة السابقة مثل كوثر كريكو ونجيبة جيلالي، ما أعطى الانطباع باستمرارية الوجوه النسائية نفسها في مواقع مختلفة.
صادقت الجزائر على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء (سيداو) عام 1996، ثم رفعت تحفظاتها بشكل كامل
التزامات دستورية ودولية
يعكس هذا التطور استجابة جزئية للالتزامات الدستورية والدولية للجزائر. فـ المادة 31 مكرر من دستور 2020 تنص على “تشجيع ترقية المرأة إلى مواقع المسؤولية في المؤسسات والهيئات العمومية وتحقيق المناصفة في سوق العمل”.
كما أن الجزائر صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء (سيداو) عام 1996، ثم رفعت تحفظاتها بشكل كامل مؤخرًا، وهو ما يُلزم الدولة بخطوات عملية لتكريس المساواة في المشاركة السياسية وصنع القرار.
بين الرمزية والتأثير
رغم الرمزية القوية لوجود تسع وزيرات في الحكومة الجديدة، يظل التحدي الأساسي مرتبطاً بمدى إشراك النساء في صياغة السياسات العامة وصناعة القرار الاستراتيجي، بما يتجاوز التمثيل العددي والرمزي.