
نساء وأطفال بين الجثث الملقاة.. موت مؤجل على شواطئ ليبيا
على شواطئ شرق ليبيا، تحديدًا قرب طبرق، لفظ البحر خلال الأيام الماضية جثثًا متفرقة لمهاجرين/ات غير نظاميين، معظمهن/م من السودان.
الهلال الأحمر الليبي انتشل ثلاث جثامين، بينهم/ن نساء، بعد بلاغ من السلطات. هذه المشاهد المأساوية لم تعد استثناءً؛ إذ يعتاد سكان الساحل الليبي على رؤية جثث تقذفها الأمواج بين فترة وأخرى، حتى أنّ بعضهم/ن اضطر إلى ترك منازلهم/ن هربًا من الروائح الكريهة.
نساء بين الضحايا: غياب الحماية ومضاعفة الهشاشة
في فيديو وثّقه أحد الصيادين من منطقة كمبوت، ظهرت جثث نساء ملقاة على الرمال.
وجودهن بين الضحايا يعكس الوجه الأكثر هشاشة للهجرة غير النظامية: نساء يهربن من الحروب أو الفقر أو الاضطهاد، ليجدن أنفسهن ضحايا مرتين، مرة في رحلة البحر ومرة في تجاهل مصيرهن.
وحذّرت تقارير المنظمة الدولية للهجرة من أنّ أكثر من 60% من المهاجرين/ات يفتقرون إلى الوثائق القانونية، ما يجعل النساء خصوصًا عرضة للاتجار بالبشر والعنف الجنسي والاستغلال.
المأساة المتكررة: قوارب الموت
حادثة طبرق الأخيرة ليست الأولى. في الأسبوع الماضي فقط، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة عن غرق قارب يقل 75 مهاجرًا/ة، معظمهم/ن سودانيون/ات، إثر حريق على متنه: لقي 50 شخصًا مصرعهم/ن، بينهم نساء وأطفال، بينما تم إنقاذ 24 أخريات/ن.
وفي يوليو/تموز الماضي، غرق قارب آخر أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 18 مهاجرًا/ة معظمهم/ن مصريات/ون، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودات/ين.
أرقام تكشف الاستنزاف
منذ بداية 2025 وحتى 13 سبتمبر/أيلول، وثّقت المنظمة الدولية للهجرة اعتراض 17,400 مهاجر/ة في البحر الأبيض المتوسط وإعادتهم/ن إلى ليبيا. خلف هذه الأرقام تختبئ قصص فقدان وحزن، وغالبًا بلا أسماء ولا قبور.
غياب السياسات العادلة: مضاعفة المأساة
ترحيل المهاجرين/ات من ليبيا إلى بلدانهم يتم غالبًا بالتنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة، لكن من دون ضمانات كافية تحمي النساء من العودة القسرية إلى أماكن الخطر أو الفقر.
غياب الممرات الآمنة للهجرة، وارتفاع وتيرة الاتجار بالبشر، يضاعف المخاطر ويحوّل البحر المتوسط إلى مقبرة مفتوحة.
البحر شاهد على التمييز
أمواج المتوسط لا تقذف جثثًا مجهولة فحسب، بل تكشف فشل السياسات في حماية المهاجرين/ات، خاصة النساء اللواتي يحملن على أجسادهن آثار الحرب والفقر والعنف، لينتهين ضحايا في البحر.
التوثيق لا يكتمل بمجرد عدّ الجثث، بل بطرح سؤال أساسي: لماذا تُترك النساء والأطفال ليواجهن/وا المخاطر وحدهن/م؟