
بنات البحر في إيران: حكايات نساء يواجهن الأمواج والصعاب
على جزيرة “هنجام” قبالة السواحل الإيرانية، تبدو النساء بملابسهن التقليدية الزاهية وأقنعتهن المميزة وكأنهن بطلات خارقات وسط زرقة البحر. لكن وراء هذه المظاهر تختبئ قصص حقيقية عن نضالٍ يومي من أجل البقاء، والإصرار على شقّ الطريق في مهنة طالما احتكرها الرجال: صيد الأسماك.
عام 2018، تعرفت المصورة الإيرانية فروغ علائي على هؤلاء النساء للمرة الأولى خلال زيارة للجزيرة، تلك الدهشة دفعتها إلى العودة في العام التالي، لتعيش بين النساء وتوثّق تجاربهن في مشروع حمل اسم “بنات البحر في إيران”.
لم تكن مجرد زائرة، بل صارت شاهدة على تفاصيل حياة لا يعرفها الكثيرون: من امرأة تدفع قاربها بيدين متعبتين، إلى أخرى ترمي صنارة الصيد بثبات.
صيّادات.. بين الأمواج والتمييز
ورغم قوة النساء وشغفهن بالبحر، لم يُعترف بهن رسميًا حتى عام 2023 كصيادات محترفات. هذا التمييز حرمهن من حقوق أساسية كالحصول على الوقود المدعوم أو التأمين الصحي، وجعل حياتهن أكثر هشاشة وخطرًا.
وبحسب علائي “هذه الصور تجسد صمود النساء اللواتي لا يكتفين بإعالة أسرهن، بل يواجهن أيضًا العقبات في مهنة اعتُبرت طويلًا حكرًا على الرجال”.
كسب الثقة وبناء الحكاية
لم يكن الطريق سهلًا أمام المصورة. فقد واجهت دوار البحر، ثم واجهت التحدي الأكبر: كسب ثقة النساء. البداية كانت مع خديجة، المعروفة باسم “خاجو”، شابة تعلمت الصيد من والدتها. استضافتها خديجة في مسكنها الصغير، وهناك بدأت علائي تقترب أكثر من عالم النساء. كانت تقضي النهار بين أكشاكهن حيث يبعن المشغولات اليدوية، وتشاركهن أحاديث عن البحر، عن الصيد، وعن تفاصيل الحياة اليومية. شيئًا فشيئًا، تحولت الغربة إلى صداقة، والكاميرا إلى أداة حكي مشترك.
نساء يصنعن مكانًا وصوتًا
في صور علائي، لا يظهر البحر كمجرّد خلفية زرقاء، بل كمساحة صراعٍ وحرية في آنٍ واحد. النساء لا يواجهن الموج فقط، بل يواجهن أيضًا أنظمة قانونية واجتماعية تحاول إنكار وجودهن. ومع ذلك، يواصلن عملهن بثبات، يؤمّنّ قوت أسرهن، ويؤكدن أن المرأة قادرة على أن تجد مكانها وصوتها في أي مجال، مهما كان تقليديًا أو مقصيًا.