
نسويات مصريات: قانون العمل الجديد خطوة جيدة لحماية النساء .. لكنها غير كافية!
أكدت ثلاث نسويات مصريات على أن قانون العمل الجديد الذي بدأ تطبيقه مطلع أيلول /سبتمبر الجاري، يتضمن على مواد جيدة تحمي النساء في العمل، وخاصة المواد التي نصت على تعريفات محددة كالتحرش والتمييز ، ولكن تظل هذه المواد مجرد حبر على ورق ما لم تترجم لضمانات وآليات تنفيذ واضحة .
انتصار السعيد : إيجابيات شكلية لكن لا يتبنى العدالة الجندرية
ترى المحامية ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد أن القانون 14 لسنة 2025 يحمل بعض الايجابيات الشكلية ولكن لا يتبنى العدالة الجندرية، فهناك قصور في تعريف الإجازات المرنة مثل إجازة الرعاية للأمهات المعيلات، كما لم يحدد نسبة إلزامية لتمثيل النساء في المجالس، وغياب الاعتراف بالعمالة المنزلية والاقتصاد غير الرسمي.
أضافت انتصار السعيد في تصريحاتها لـ”شريكة ولكن”: “القانون لم يتضمن مادة لتعريف التحرش الجنسي، وكان لابد من وجود نص يُلزم المؤسسات بوضع سياسات مكتوبة لمكافحة العنف والتحرش في بيئة العمل.”
وتابعت: “لاننَكِر أن القانون أعطى بعض الحقوق للنساء العاملات مثل؛ المساواة بين الرجل والمرأة في الأجر عن العمل ذي القيمة المتساوية، وهو يعد خطوة مهمة لمواجهة فجوة الأجور بين الجنسين، ومد إجازة الوضع لتصبح 4 أشهر مدفوعة الأجر بدًلا 3 أشهر في القانون القديم، ينص على إتاحتها لثلاث مرات للمرأة العاملة طوال مدة الخدمة، لكنه لا يزال بعيدًا عن ضمان العدالة الكاملة للنساء”.
أشارت مديرة “القاهرة للتنمية والقانون” إلى استبعاد عاملات المنازل والعمالة غير الرسمية من القانون يشكل أحد المآخذ عليه، ” لإن ده معناه إن آلاف النساء لسه خارج مظلة الحماية، كمان بند وجود 100 عاملة لإنشاء حضانة شرط غير منطقي، وبيحرم الغالبية من النساء في المصانع والشركات الصغيرة من حق أساسي.”
وحذّرت من خطورة فتح القانون لباب التمييز غير المباشر ضد النساء، قائلة:” أصحاب الأعمال ممكن يتجنبوا توظيف النساء في سن الإنجاب عشان يتفادوا الالتزامات، وطول ما فيش آليات رقابة قوية وتفتيش عمالي فعال، هتفضل النصوص مجرد حبر على ورق.”
واختتمت حديثها: “أن إصلاح بيئة العمل للنساء يحتاج رؤية شاملة وليس تعديلات جزئية، بالإضافة إلى أهمية المشاركة الحقيقية من الحركة النسوية والمجتمع المدني، من أجل وصول صوت العاملات على أرض الواقع.”
مي صالح: المنظومة كلها خلل .. وليس في قانون العمل الجديد أو القديم!
بينما تقول ترى مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية بمؤسسة المرأة الجديدة مي صالح أهمية قراءة قانون العمل الجديد ضمن سياق أكبر، وهي المنظومة الحاضنة لهذا القانون والتي تعاني من خلل كبير”.
وأوضحت في تصريحاتها لـ”شريكة ولكن”: “المشكلة ليست في القانون الجديد أو القديم، لإن بصراحة لدينا أزمة في المنظومة كاملة، جزء من خلل هذه المنظومة يظهر في فلسفة التشريعات الإجتماعية التي بدلًا أن تكون منحازة للطرف الأضعف في علاقة العمل، نجدها للأسف منُحازة للطرف الأقوى، ذات الشيء يجعل ضمانات التطبيق للقانون فيها مشكلة، فحتى لو القانون كنص جيد جداً يواجه إشكاليات في تطبيقه.”
كما أشارت إلى أن هذه المنظومة تحرم النقابات العمالية من دورها الفعال، في الدفاع عن مصالح أعضائها من أصحاب العمل.
“إذا كانت كل المنظومة فيها خلل، يبقى مفيش قانون عمل هيجي بالعصا السحرية لحل كل المشاكل، ولكن يأتي بالحد الأدنى للحقوق.”
“إذا كانت كل المنظومة فيها خلل، يبقى مفيش قانون عمل هيجي بالعصا السحرية لحل كل المشاكل، ولكن يأتي بالحد الأدنى للحقوق.” تقول مي صالح.
وتتابع: “لاشك أن القانون الجديد يضم مكتسبات، جاءت بعد نضال طويل وضغوط ومناقشات بدأت من 2013 و توالت عبر مسودات عديدة للقانون، وكان في قلب الحوار المجتمعي المنظمات النسوية وكانت المرأة الجديدة جزء منها، ونجحنا في تحقيق انتصارات حتى لو كانت صغيرة، خاصة لمعاصرتنا الرفض الكبير من أعضاء اللجنة التشريعية وأصحاب الأعمال من إضافة بنود تتعلق بحماية النساء العاملات من العنف.”
وأضافت مديرة برنامج المرأة والعمل : “أن التعديلات التي أضيفت فيما يتعلق بالعنف والتحرش والتمييز تعتبر خطوة جيدة على طريق الحماية لا يمكن إنكارها، حيث جاء فى الباب الأول الخاص بالتعريفات تعريف كلا من التحرش والتنمر، كما ألزمت المادة (4) و(274) من القانون صاحب العمل بحظر التحرش أو التنمر أو ممارسة أي عنف لفظي أو جسدي أو نفسي، وتوفير بيئة عمل آمنة وغير عدائية خالية من التحرش والتنمر والعنف.”
وتنص المادة(4) من باب التعاريف بالقانون: “يحظر تشغيل العامل سخرة او جبرًا كما يحظر التحرش أو التنمر او ممارسة اى عنف لفظى أو جسدى أو نفسى على العامل وتحدد لائحة تنظيم العمل والجزاءات بالمنشاة الجزاءات التأديبية المقررة لها.”
وثمّنت مي صالح حماية القانون الجديد للعاملات الزراعيات بعد أن كنّ فئة مستثناة في القانون القديم. ونصّ القانون، بالإضافة إلى سماح القانون بمنح يوم واحد إجازة الأبوة، و”هو تغيير إيجابي يكسر فكرة تنميط الأدوار التي تلعبها النساء في رعاية الأطفال، ما يساهم في فتح نقاش أوسع حول أدوار الآباء والمسؤولية المشتركة”، “ولكن في المقابل القانون ما زال يستثني عاملات المنزل من الحماية.”
ورأت أن القانون أغفل الكثير من حقوق العاملات الصحية والإنجابية قائلة: “عدم منح النساء إجازة الإجهاض، على الرغم من أن تجربة الحمل غير المكتمل لا تقل صعوبة من الولادة، تعاني منها النساء جسديًّا ونفسيًّا.”
وتابعت: “كما لم يمنح القانون إجازة يوم واحد للدورة الشهرية، رغم إقرار كثير من الدول لهذا الحق للنساء في العمل.”
وفاة الطفلة “سيليا” واتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية
بالتزامن مع الاحتفاء الرسمي من الحكومة المصرية ببدء تطبيق قانون العمل الموحد، والتسويق له إعلاميًّا بإنه يتضمن مواد تحمي حقوق النساء العاملات واحتوائه على باب كامل لتشغيل النساء، هزت واقعة وفاة الطفلة “سيليا” الرضيعة على ذراع أمها العاملة في شركة نسيج مصرية الوسط العمالي والحقوقي، بعد رفض المديرة منحها إجازة للذهاب بإبنتها للمستشفى وتلقيها العلاج.
View this post on Instagram
يذكر أن المجلس القومي للمرأة -الآلية الوطنية المصرية لحقوق المرأة التي تأسست عام 2000- أصدرت بيان شكر لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي لإعلانه عن توقيعه على إصدار قانون العمل الجديد، وثمّن المجلس في بيانه دعم القيادة السياسية لحقوق النساء العاملات.
تُعقّب مديرة برنامج المرأة على هذه الواقعة التي أغفلها القانون قائلة: “رغم إقرار منظمة العمل الدولية اتفاقية العمال ذوي/ذوات المسؤوليات الأسرية، وهي تعطي حق لأي/ة عامل/ة الحصول على الإجازة بأجر كامل في هذه الحالات، بينما يحرم القانون العامل/ ة المصري/ة الحق في الحصول على إجازات رعاية مرضى/ات أو مسنين/ات أو أطفال/ت بأجر كامل، ولكن بتكون إجازات بدون مرتب!.”
اتفاقية العمال ذوي/ذوات المسؤوليات الأسرية تهدف إلى اتخاذ تدابير لضمان عدم إعاقة المسؤوليات الأسرية لحياة العمال المهنية.
وصدرت اتفاقية العمال ذوي/ذوات المسؤوليات الأسرية بالقرار رقم 156 لعام 1981، وتهدف إلى اتخاذ تدابير لضمان عدم إعاقة المسؤوليات الأسرية لحياة العمال المهنية.
تستدرك: “غير منطقي تكون عاملة لديها طفلة مريضة وتحتاج لكل جنيه للإنفاق على مصاريف علاجها، وهتاخد إجازة بدون مرتب، لذا تضطر تنزل للشغل وعلى إيدها طفلة رضيعة لحمة حمراء، ممكن تفقد حياتها زي ما حصل مع عاملة شركة لنين جروب للنسيج بالإسكندرية.”
أكدت مي صالح أن “إدراج تعريفات التحرش والتنمر في القانون الجديد، يُعتبرتقدمًا ملحوظًا إلا أنه يعيبه غياب ضمانات الحماية التي نصت عليها اتفاقية 190 والتوصية 206 المُلحقة بها، والتي تتعلق بالشهود/الشاهدات، المبلغين/ات والناجيات/ين من العنف”.
تابعت: “لا توجد إجراءات واضحة للإبلاغ والتعامل مع الشكاوى، كما أن غياب وحدات مختصة داخل أماكن العمل للتعامل مع هذه القضايا يُرسّخ مناخًا من الصمت والخوف لدى النساء العاملات، بالإضافة إلى تخفيف القانون عقوبة التحرش فى العمل عن العقوبات التي ينص عليها قانون العقوبات والتي تشتمل السجن بينما أقصى عقوبة في قانون العمل هي الغرامة المالية التي لا تتعدى مائة ألف جنيه.”
تأمل في صدور القرارات الوزارية المُكلمة للقانون، والتي تكون مفسرة لمواد القانون وتضع الآليات الخاصة بالمتابعة والرقابة، لافتةً :” لا ينبغي فقط الاكتفاء بمواد القانون الجديدة، لإنها بدون آليات واضحة للتنفيذ سيظل حبرًا على ورق.”
تابعت: “وزارة العمل تضم وحدات المساواة بين الجنسين المركزية والفرعية، ولكن هذه الوحدات يجب أن تكون قراراتها ملزمة وفعالة وليست استشارية كما يحدث الآن!.”
وأوضحت: “هذه الوحدات بجانب القرارات الوزارية المكملة للقانون، هي المسؤولة عن مراقبة أصحاب/ت الأعمال، ومتابعة مدى التزامهم/ن بتطبيق القانون الجديد، ولكن للأسف التجارب الماضية مع هذه الوحدات لو تعرضت عاملة للتحرش أو التمييز، كانت تتلقي منها الشكوى ثم تحيلها للمجلس القومي للمرأة؟!”
” يجب أن يكون العاملين/ ات في هذه الوحدات مدربين/ات على أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، ليكونوا على وعي مثلا بالفرق بين أشكال التعسف التي تقع على العمال بشكل عام، والتعسف الذي يحدث للستات لأنهن ستات”، تقول مي صالح في ختام حديثها لـ”شريكة ولكن”.
منى عزت: بدون قرارات وزارية تظل مواد القانون مجردة بدون تنفيذ
تتفق معها مديرة رئيسة مجلس أمناء مؤسسة النون لرعاية الأسرة منى عزت قائلة:” لا ننكر إضافة القانون الجديد مواد واضحة لتجريم وحماية النساء من العنف والتمييز في أماكن العمل، ولكن هذه المواد تحتاج لترجمة حقيقية من خلال القرارات الوزارية اللاحقة، والتي بدونها تظل هذه المواد القانونية مجردة بدون تنفيذ حقيقي وفعال.”
وأثنت منى عزت على باب لائحة تشغيل النساء، قائلةً: “القانون الجديد نصّ على منح الأم العاملة إجازة وضع 4 شهور مدفوعة الأجر بدلًا من 3 أشهر في القانون القديم، وهو تعديل إيجابي، يسمح للأم البقاء مع طفلها/طفلتها فترة أطول.”
بينما ترى مديرة مؤسسة النون لرعاية الأسرة إنها كانت تأمل في “تعديل غير تقليدي ينظر للمرأة بعيدًا عن الأدوار الرعائية النمطية، فإجازة رعاية الطفل/ة هي مسؤولية مجتمعية تشاركية للرجل والمرأة داخل الأسرة بينما كرَّسها القانون للمرأة فقط”، لافتة: “القانون فقط منح يوم واحد إجازة أبوة للقيام بالمهام الإجرائية مثل استخراج شهادات الميلاد للأطفال/ت.”
وتابعت: “مازال القانون يخاطب النساء فقط في المادة التي تلزم أصحاب العمل التي تضم 100 عاملة في إنشاء أو التعاقد مع دار حضانة، ومن ثم جاءت الصياغة مخاطبة النساء فقط دون الرجال الأباء العاملون ، مالذي يمنع اصطحاب الأب لطفله أو طفلته للحضانة؟!.”