
اعتداء وحشي على شابة يعيد الجدل حول تزويج المغتصب من ضحيته في المغرب
ناشطات يطالبن بإنصاف إيمان بعد تشويه وجهها بالكامل
طالبت ناشطات نسويات في المغرب مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بالتدخل العاجل لإنقاذ الشابة إيمان (25 عامًا) من مدينة تازة شمال شرقي البلاد، بعد تعرضها لاعتداء وحشي بواسطة سكين من طليقها في الطريق العام، خلّف تشوهًا خطيرًا في وجهها وجروحًا غائرة استلزمت عشرات الغرز.
وأوضحت الناشطات في بيان، أمس 25 أيلول/ الجاري أن الاعتداء يأتي امتدادًا لمسلسل عنف طويل بدأ منذ تعرض إيمان للاغتصاب الذي نتج عنه حمل، قبل أن تُجبر على الزواج من مغتصبها تحت ضغط المجتمع والثغرات القانونية، بذريعة “إتاحة تسجيل الطفل في الحالة المدنية” و”إعطاء المعتدي فرصة لتحمل المسؤولية”.
لكن الضحية واصلت التعرض للإهانات والضرب، ما دفعها إلى طلب الطلاق، قبل أن يلاحقها المعتدي بعد ستة أشهر ويشرع في تشويه وجهها وتمزيق جسدها بسكين.
ودعت الناشطات المُوقعات على البيان إلى التكفل الطبي والنفسي الفوري بإيمان، وتمكينها من جلسات دعم متخصصة لمعالجة الصدمات، إضافة إلى توكيل محامٍ للدفاع عنها مجانًا وضمان محاكمة عادلة للجاني. كما شددن على ضرورة مراجعة القوانين الجائرة التي تسمح بزواج الضحية من مغتصبها، معتبرات أن هذه الثغرات تشرعن العنف وتضاعف من معاناة النساء.
وأكد البيان أن قضية إيمان لا تمثل معركة شخصية فحسب، بل تعكس نضالًا من أجل كرامة وأمان جميع المغربيات، ورفضًا لإبقاء النساء رهائن لذريعة “قد يتغير المجرم”.
أشعلت قضية إيمان الغضب والحزن على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الحقوقية، لتُعيد إلى الواجهة نقاشًا مجتمعيًا مؤلمًا ومُلحًا حول تكرار جرائم العنف ضد النساء في المغرب، ومدى فعالية القوانين في حمايتهن.
تعديل قانوني .. ولكنه حبر على ورق
في كانون الثاني / يناير 2024، وافق البرلمان المغربي بالإجماع على تعديل مادة في قانون العقوبات كانت تعفي مغتصبي الفتيات القاصرات من الملاحقة القضائية إذا قبلوا بالزواج منهن.
وأثارت المادة 475 من قانون العقوبات آنذاك، انتقادات لم يسبق لها مثيل في البلاد، ولا سيما عقب إقدام فتاة تدعى أمينة الفيلالي (16 عامًا) على الانتحار عام 2012 بعد إرغامها على الزواج من مغتصبها.
وتنص المادة 475 على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنة إلى خمس سنوات لمن “يخطف أو يخدع” قاصرة “دون عنف أو تهديد أو احتيال، أو محاولات للقيام بذلك”.
ولكن الفقرة الثانية من هذه المادة تنص على أنه عندما يتزوج الجاني الضحية، “فإنه لم يعد من الممكن تقديمه للمحاكمة إلا من قبل الأشخاص المخولين بالمطالبة ببطلان الزواج، على أن يحدث ذلك عقب الإعلان عن إنهاء الزواج”.
وكان هذا النص القانوني يمنع فعليًّا النيابة العامة من تعقب اتهامات الاغتصاب بشكلٍ مستقل.
ولكن رغم التعديل القانوني، إلا أن الواقع العملي يكشف عن استمرار تزويج إيمان وأخريات من جلادها المغتصب وإفلاته من العقاب .