
انتحار وفاء يكشف الوجه القاتم للعنف الرقمي ضد النساء في المغرب
نحو مليون ونصف مغربية وقعن ضحايا العنف الرقمي
يعيش المغرب على وقع صدمة بعدما أقدمت الشابة وفاء في إقليم خنيفرة (وسط البلاد) قبل أيام، على انهاء حياتها، إثر تناولها سم الفئران عقب تعرضها لحملة تشهير إلكتروني نشرت صورها الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تمثل هذه الحادثة مأساة جديدة في سلسلة العنف الرقمي الذي يستهدف النساء، وتكشف هشاشة الحماية القانونية والاجتماعية لضحاياه.
العنف الرقمي امتداد للعنف القائم على النوع
العنف الرقمي في المغرب لم يعد مجرد قضية فردية، بل بات جزءًا من واقع اجتماعي يعكس هشاشة وضع النساء في الفضاء العام.
واعتبرت جمعيات نسوية، بينها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أن وفاة وفاء تمثل دليلًا إضافيًّا على الانتهاكات الرقمية الممنهجة التي تستهدف النساء والفتيات، محذّرة من أنّ حملات التشهير والابتزاز عبر الفضاء الافتراضي تُفاقم المعاناة، خصوصًا في المناطق المحافظة حيث يصبح العبء الاجتماعي والنفسي أشد وطأة وقد يقود إلى خيارات مأساوية كالانتحار.
View this post on Instagram
دعوات إلى التحرك العاجل
مديرة الجمعية بشرى عبده أوضحت أن الآثار النفسية التي تعرضت لها وفاء نتيجة نشر صورها الخاصة هي التي دفعتها إلى إنهاء حياتها.
نسب العنف الرقمي ترتفع بشكلٍ حاد بين الفتيات الشابات لتصل إلى 34% لدى اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عامًا و28% بين 20 و24 عامًا.
وشددت على أنّ العنف الرقمي يعد من أخطر أشكال العنف الممارس ضد النساء والفتيات لأنه لا يترك مجالًا للنجاة من الفضاء العام، ودعت إلى خطة وطنية تُشرك مختلف المؤسسات الرسمية لإصدار قانون خاص بحماية النساء من العنف الرقمي.
من جهتها، اعتبرت رئيسة شبكة إنجاد ضد عنف النوع، نجية تازروت، أنّ مأساة وفاء تجسد الوجه القاتم للعنف الرقمي الذي بات يشكل تهديدًا مباشرًا لكرامة المغربيات. وأكدت أن هذا النوع من العنف لا يقل خطورة عن العنف الجسدي، بل قد يكون أشد وطأة لأنه يلاحق الضحية في فضاء مفتوح يصعب ضبطه ويمس بسمعتها وخصوصيتها أمام جمهور واسع.
الأرقام تكشف حجم الظاهرة
التقارير الرسمية تعكس بدورها حجم الخطر.
ففي مارس/آذار 2023، كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن نحو مليون ونصف المليون مغربية وقعن ضحايا للعنف الرقمي، وهو ما يمثل قرابة خُمس مجموع أشكال العنف ضد النساء في البلاد.
وأشارت الأرقام إلى أنّ النسبة ترتفع بشكلٍ حاد بين الفتيات الشابات لتصل إلى 34% لدى اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عامًا و28% بين 20 و24 عامًا. كما بيّنت أن العنف الرقمي يستهدف النساء في المدن أكثر من الريف ويطال بشكل خاص صاحبات المستوى الدراسي العالي والعازبات والطالبات. وفي أغلب الحالات يكون المعتدي رجلًا غريبًا بنسبة 73%، بينما تُسجل نسبة أقل بكثير في حالات العنف المرتكب من الشريك أو أحد أفراد العائلة أو زميل العمل أو الدراسة.
بين النص القانوني والواقع الاجتماعي
ورغم أنّ المغرب أقر قانونًا يجرّم العنف ضد النساء ودخل حيّز التنفيذ منذ سبتمبر/أيلول 2018، فإنّ الفجوة لا تزال واسعة بين النصوص القانونية والواقع العملي، إذ يواجه التطبيق صعوبات عدة من ضعف آليات التبليغ وقلة الوعي الرقمي إلى تردد الضحايا في اللجوء إلى القضاء خشية الوصمة المجتمعية. وبينما يراه البعض قانونًا ثوريًّا ينصف النساء، يعتبره آخرون غير كافٍ لحماية كرامتهن فعليًا.
(المصدر العربي الجديد)