
“نساء بلا مَحرم”: اليمنيات دون مأوى بسبب التمييز
نساء يتحملن العبء الأكبر، إذ يتقاطع التمييز مع الظروف المعيشية
تواجه النساء اليمنيات تمييزاً مضاعفاً حين يسعين للحصول على سكن مستقل، حيث يُحرمن من التوقيع على عقود الإيجار لمجرد أنهن لا يملكن “محرماً” يرافقهن. هاجر السعيدي، أم لطفلة، بحثت ثلاثة أشهر عن شقة في مدينة تعز، لكنها واجهت رفضاً متكرراً من أصحاب العقارات فقط لأنها “امرأة بلا محرم”، رغم استعدادها لدفع ما يطلبه المالك.
الطالبات الجامعيات بدورهن يواجهن العقبة ذاتها. عبير النجار، مع زميلتين لها في جامعة صنعاء، بحثن طويلاً عن شقة قريبة من الكلية لكن دون جدوى. في النهاية لم يجدن سوى شقة بعيدة استأجرها قريب لهن عبر والدها، بعد تقديم ضمانات وتعهدات.
القوانين الحالية تنحاز للمؤجر وتكرّس العادات التي تقصي النساء.
القانون يمنح الحق… المجتمع يصادره
بحسب المحامية إيمان عبيد، لا يمنع القانون اليمني المرأة من توقيع عقد إيجار، بل نصّت التشريعات على أن المستأجر هو “المنتفع بالعقار” بغض النظر عن جنسه. لكن الواقع مختلف؛ إذ يمارس الملاك سلطتهم المطلقة على العقود، ما يفتح الباب أمام اشتراطات مجحفة وتمييز صريح ضد النساء. وتشير عبيد إلى أن القوانين بصيغتها الحالية “تنحاز للمؤجر وتكرّس العادات التي تقصي النساء”.
View this post on Instagram
أعراف تضع النساء في خانة الشبهة
يرى الباحث الاجتماعي أسامة زيد أن العادات والتقاليد تضع المرأة في موقع الضعف منذ البداية، إذ يعتبر المجتمع سكنها منفردة “شبهة”، ما يعرضها للمضايقات والتحرش. لذلك، يتجنب الملاك التأجير لنساء من دون رجل، خشية النزاعات أو “العار الاجتماعي”.
التمييز يحرم النساء من ابسط حقوقهن في السكن الآمن
أزمة سكن عامة… ومعاناة مضاعفة للنساء
إلى جانب التمييز الجندري، يواجه اليمنيات/ون جميعاً أزمة سكن خانقة بسبب ارتفاع الإيجارات، اشتراط الدفع بالريال السعودي، وتدهور الوضع الاقتصادي. غير أن النساء يتحملن العبء الأكبر، إذ يتقاطع التمييز مع الظروف المعيشية، ليحرمهن من أبسط حقوقهن في السكن الآمن.
النساء في مواجهة الأعراف
حرمان النساء اليمنيات من استئجار البيوت ليس مجرد أزمة سكنية، بل هو شكل من أشكال العنف البنيوي ضد النساء، حيث تُستخدم الأعراف والتقاليد لإقصائهن من حق أساسي يضمن الكرامة والأمان. القانون صامت أمام هذه الممارسات، بل يمنح المؤجر سلطة تفضح هشاشة حماية النساء. النتيجة: نساء مجبرات على التضحية باستقلاليتهن، والقبول بوصاية الرجال في كل تفاصيل حياتهن.
(المصدر: العربي الجديد)