
جدل في إيران حول إلزامية تطبيق قوانين الحجاب
أكد المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية علي أصغر جهانغير، أول أمس 15 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أن قوانين الحجاب لا تزال سارية، وسط جدل متجدد حول تطبيق الحجاب الإلزامي في الجمهورية الإسلامية حيث يبدو أن التمرد العام على السياسة أصبح أكثر انتشارًا.
بداية الأزمة
في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، كان قد أشعل محمد رضا باهنر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، عاصفةً من الجدل السياسي بعدما أعلن عبر برنامج “بودكاست” أن نظام الحكم أنهى رسمياً سياسة «الحجاب الإلزامي»، في تصريح وُصف بأنه الأكثر جرأة منذ عقود على إحدى ركائز الجمهورية الإسلامية.
قال باهنر في البرنامج: “إن «مشروع قانون الحجاب لم يعد قابلاً للمتابعة، قانونياً وحقوقياً، ولم يعد هناك أي إلزام أو غرامات مالية أو عقوبات بخصوصه».
وذكر أن بعض الأشخاص في إيران يصرون على أن الحجاب يجب أن يكون إلزامياً، لكنه هو نفسه “لم يؤمن أبداً بالحجاب الإلزامي — لا من البداية، ولا الآن.”
وأضاف: “تشهد الجمهورية الإسلامية تحولات تدريجية في أنماطها السياسية والفكرية”، مضيفاً أن “10 في المائة من سكان إيران متدينون محافظون، أما 90 في المائة فيرغبون فقط في العيش وبناء مستقبل لهم.”
ووفق موقع “إيران إنترناشونال”، قال جهانغير إن باهنر قد “صحح بيانه” منذ ذلك الحين، مضيفًا أن تطبيق العقوبات المتعلقة بالحجاب يستمر بموجب القوانين الحالية.
وجاء تراجع باهنرعن موقفه بعد ردود فعل سلبية من الشخصيات الإعلامية المحافظة، بما في ذلك صحيفة كيهان، التي تعمل تحت إشراف مكتب القائد الأعلى علي خامنئي.
ردود فعل سلبية من شخصيات محافظة
وقد كتب المتحدث باسم مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن دهقاني، عن تصريحات باهنر، على منصة “أكس” أن تعليقات الأخير “لا تعكس الآراء الرسمية أو الوضع القانوني للمجلس.”
وانتقد محمد جواد حاج علي أكبرى، إمام صلاة الجمعة المؤقت في طهران، باهنر دون أن يسميه وقال فوق المنبر “من أنت لتتحدث بهذه الطريقة؟” من أعطاك الإذن؟ لماذا تتحدث باسم النظام؟”
ويأتي تراجع باهنر في ظل موجة من الإجراءات الحكومية ضد المحلات المتهمة بعدم تطبيق قواعد الحجاب في جميع أنحاء إيران، بما في ذلك إغلاق المقاهي والمطاعم.
وفي التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أصدرت الشرطة توجيهاً جديداً، تحذر فيه جميع الأماكن العامة من الالتزام بقواعد الحجاب أو مواجهة الإغلاق.
قانون الحجاب
يأتي الجدل الجديد بعد أشهر من رفض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في آذار/مارس الماضي، تنفيذ قانون «العفاف والحجاب» الذي أقره البرلمان، معتبراً أن تنفيذه «قد يشعل الصراعات ويؤذي الناس».
وفي كانون الأول/ديسمبرالماضي، أحالت الحكومة مشروع القانون المكون من 74 مادة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي لوقف تنفيذه، بسبب تداعياته على الأمن الإيراني، بعد جدل واسع وانقسام بين السياسيين ورجال الدين والمجتمع المدني.
رافضاً اتهامه بالوقوف ضد الحجاب.. الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يذكّر بمنعه الطلاب الشباب من فحص النساء أثناء توليه رئاسة جامعة العلوم الطبية في تبريز، مشدداً في الوقت نفسه على أن الحجاب لا يمكن فرضه بالقوة حتى على ابنته pic.twitter.com/bTAF4y7WY3
— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) August 10, 2025
وقالت الرئاسة الإيرانية إن بزشكيان أحال مشروع قانون «العفاف والحجاب» إلى المجلس الأعلى للأمن القومي لمنع تنفيذه. وجاءت الخطوة بعدما طلبت رئاسة البرلمان من الحكومة تعديل مشروع القانون، والتوصل إلى حل توافقي.
والشهر الماضي، قال بزشكيان في حوار تلفزيوني: “لم أستطع تنفيذ قانون قد يُشعل فتيل الصراع والخلاف في المجتمع، ولم أكن أعرف كيف أطبقه بتلك الطريقة.”
جدير بالذكر، إنه منذ التاسع من آب/ أغسطس 1983، أصبح لزاماً على النساء في إيران وضع الحجاب في الأماكن العامة حسب القانون، وذلك بعد تباين بين رجال الدين الإيرانيين، بشأن فرض الحجاب في أعقاب ثورة 1979.
مهسا أميني.. ايقونة النضال
وتظل قضية الحجاب مشتعلة في إيران منذ وفاة “مهسا أميني” في عام 2022، التي أشعلت احتجاجات على مستوى البلاد، حيث ترفض المزيد من النساء الامتثال لقواعد الحجاب الإلزامي في الأماكن العامة على الرغم من التحذيرات والغرامات والمراقبة.
وفي المدن الكبرى، تُرى النساء بشكل متزايد بدون حجاب في الأماكن العامة، وغالبًا ما ينشرن مقاطع فيديو على الإنترنت فيما اعتبرت مظاهر من العصيان المدني.
وبحسب “إيران إنترناشونال” “فوفقًا لاستطلاع أجرته مجموعة الأبحاث المستقلة ومقرها هولندا في عام 2022، عارض أكثر من 70 في المئة من الرجال والنساء في إيران قوانين الحجاب الإلزامية.