
قلقٌ مجتمعيّ من قرار تعليق عمل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
أثار قرارُ السلطات التونسية بتعليق نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات موجةَ غضبٍ واسعة في الأوساط الحقوقية والمدنية، التي اعتبرت القرار “خطوةً جديدة ضمن مسارٍ متواصلٍ يهدف إلى تقييد الفضاء المدني”.
لكن ما الأسباب التي دفعت إلى هذا القرار المثير للجدل؟
بحجّة مخالفة اللوائح جاء قرار التعليق
أعلنت رئيسة الجمعية رجاء الدهماني مساء الجمعة، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2025، أنها تلقت “قرارًا من السلطات يقضي بتعليق نشاط الجمعية لمدة شهر”، بدعوى “مخالفات” لنظام الجمعيات.
وفي سياقٍ متصل، أكدت المحامية والكاتبة العامة في الجمعية هالة بن سالم أن الإخطار ورد بسبب “مخالفة لوائح المرسوم المنظّم لنشاط الجمعيات”، رغم أن الجمعية كانت قد سوّت وضعها القانوني بعد تلقيها “استدعاء” في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وقدّمت حينها جميع الوثائق والإثباتات المطلوبة إلى رئاسة الحكومة.
تُعدّ الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، التي تأسست عام 1989، رأسَ حربةٍ في النضال من أجل الديمقراطية ومناهضة التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي، كما كانت لاعبًا فاعلًا في مقاومة الاستبداد خلال العقود الماضية.
وأكدت الدهماني أنّ الجمعية “تلتزم التزامًا كاملًا بالإجراءات القانونية” وستلجأ إلى الطعن في القرار.
مخاوف من تكميم أفواه النساء
والمنظمات المعنية بحقوق الانسان في تونس بعد
قرار تعليق عمل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
منظماتٌ تقف ضد القرار
قوبل قرارُ تعليق نشاط الجمعية بردود فعلٍ غاضبة من هيئات المجتمع المدني ومنظماتٍ حقوقية منها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، رأت فيه “إجراءً غير مبرَّر ومحاولةً واضحة لتقييد الفضاء المدني وتكميم الأصوات الحرّة للناشطين والناشطات”.
وأعرب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن “تضامنه التامّ” مع الجمعية، مستنكرًا ما وصفه بـ”تجريم العمل المدني”، ومعتبرًا أن هذا التعليق “حلقةٌ جديدة في سلسلةٍ من الخطوات الهادفة إلى التضييق على الجمعيات المستقلة في تونس”.
أما نقابة الصحفيين والصحفيات التونسيين، فوصفت القرار بأنه “اعتداءٌ على إرثٍ نضاليٍّ وطنيٍّ، نسويٍّ وحقوقيٍّ، ساهم في تعزيز قيم المساواة ومناهضة التمييز والعنف ضد النساء والرجال على حدٍّ سواء”.
من جانبها، رأت جمعية بوصلة في القرار “مسًّا خطيرًا بالحق في التنظيم والعمل الجمعياتي المستقل، وتصعيدًا جديدًا في محاولات تفكيك الفضاء المدني”، مشيرةً إلى أنه يأتي “في سياقٍ يتعمّق فيه يومًا بعد يوم المنحى الاستبدادي الفردي المطلق للسلطة”.
بدوره، أصدر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، يوم السبت 25 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بيانًا عبّر فيه عن تضامنه الكامل مع الجمعية، مستنكرًا “قرار تعليق نشاطها لمدة شهر”، ومعتبراً أنه “جزء من نهجٍ متواصلٍ لتضييق الخناق على المجتمع المدني، واستهداف الأصوات الحرّة والناقدة في البلاد”.
وأوضح الاتحاد أنّ “الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات راكمت تاريخًا نضاليًا ثريًا، ولعبت دورًا محوريًا في حماية حقوق النساء والرجال، ومناهضة العنف بجميع أشكاله”، معتبرًا أن القرار “تعسّفيٌّ ويمثّل تهديدًا مباشرًا لسلامة النساء اللواتي يلجأن إلى مراكز الاستماع التابعة للجمعية، ومسًّا خطيرًا بحرية التنظيم والمشاركة في الشأن العام”.