“خلف الأسوار”: تقرير حقوقي يكشف الإهمال والتعذيب في سجون تونس

أصدرت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، أمس الثلاثاء ال 28 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، تقريرًا جديدًا بعنوان “خلف الأسوار: تقرير حول التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي في قلب المنظومة السجنية التونسية.”

تناول التقرير الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء/ ات المحرومون/ات من الحرية داخل مراكز الاحتجاز والسجون خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2025.

يرصد التقرير مجموعة من الانتهاكات التي طالت مواطنين/ات ونشطاء/ات وسياسيين/ات، ويسلّط الضوء على 24 حالة تراوحت بين الإهمال الطبي والتعذيب وسوء المعاملة، إضافة إلى حالات وفيات داخل مراكز الاحتجاز والسجون.

استندت الجمعية في إعداد هذا التقرير إلى عدة مصادر، من بينها مقابلات خاصة مع الضحايا ومحاميهم/ن وعائلاتهم/ن، وكذلك مع مختصين/ات ومنظمات.

نوم السجناء/ ات على أراضٍ أسمنتية

وأظهرت عملية الرصد داخل السجون، التي وردت في تقرير الجمعية، أنّ المساجين/ات ينامون/ن داخل غرف كبيرة تُعرف باسم “الشنابر”، تتراوح مساحة هذه الغرف بين 100 و200 متر مربع، وتحتوي على ما بين 20 إلى 50 سريراً، غالباً ما تكون مصممة على شكل طابقين أو ثلاثة، مما يزيد عدد المضاجع إلى ما بين 40 و100 مضجع.

كما رصدت الجمعية، وفق التقرير ذاته، وضعاً رديئاً لدورات المياه في بعض المراكز، حيث تفتقر إلى الخصوصية وتتسبب في إزعاج المحتجزين/ات بسبب هدر المياه، يضاف إلى ذلك غياب الأسرة والحشايا، مما يضطر المحتجزين/ات إلى النوم على الأرض الإسمنتية.

يهدف التقرير إلى تسليط الضوء على الانتهاكات المرتكبة داخل مراكز الاحتجاز والسجون، وتقييم مدى تطابق المنظومة القانونية التونسية الخاصة بهذه المؤسسات مع حقوق الأشخاص المحرومين/ات من الحرية، ومع الالتزامات المترتبة عن المعاهدات والمواثيق الدولية، وذلك في ضوء الواقع العملي.

طرح التقرير مجموعة من التوصيات الموجهة إلى السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والمجتمع المدني، بهدف ضمان حقوق الأشخاص المحرومين/ات من الحرية بما يتوافق مع المعايير الدولية.

صيانة السجون وتجهيزها طبيًا.. أبرز توصيات التقرير

وجه التقرير مجموعة توصيات للسلطة التنفيذية منها؛ وضع استراتيجية شاملة بالتعاون مع المنظمات المدنية لتعزيز احترام الحقوق والحريات في مراكز الإيقاف والاحتجاز والسجون، وتشمل هذه الخطة مراجعة شاملة لبرامج تكوين أفراد إنفاذ القانون، بحيث تركز على الجانبين النظري والتطبيقي.

كما طالب الجمعية في توصياتها بأهمية إدراج مادة تعليمية حول الحقوق والواجبات الأساسية في المناهج المدرسية بالمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية. وتأهيل قوات الأمن الجدد والمزاولين/ات، مع وضع آليات دورية لمراقبة تطبيق هذه السياسات.

أوصى التقرير بضرورة تحسين ظروف الاحتجاز وصيانة السجون وتجهيزها بمراكز طبية متطورة لضمان متابعة صحية جيدة للمساجين/ات، مع الالتزام بطاقة الاستيعاب وتجنب الاكتظاظ، بالإضافة إلى أهمية تفعيل العقوبات البديلة عند الاقتضاء، وتفعيل حقوق السجناء وفقًا للتشريعات الوطنية والدولية، مع العمل على مواءمة المنظومة التشريعية مع المعايير الدولية.

وفي سياق متصل، ضم التقرير مجموعة توصيات للسلطة القضائية تأتي على رأسها؛ تفعيل المراقبة القضائية من خلال تكثيف زيارات وكيل الجمهورية لأماكن الاحتجاز ومراكز الأمن الداخلي، أو إنشاء خطة خاصة لوكيل جمهورية يتولى مسؤولية حماية الحقوق والحريات.

وطالبت الجمعية بتسريع الفصل في القضايا المتعلقة بالوفيات المشبوهة وانتهاكات قوات الأمن، وتكريس مبدأ المحاكمة العادلة في حال ثبوت الانتهاكات، بالإضافة إلى تعزيز استقلالية القضاء ودعم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لضمان استقلالية القضاة.

وجمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات هي منظمة غير حكومية مستقلة لحقوق الإنسان والبحوث مقرها تونس، وتأسست في عام 2020، ويهدف عملها إلى تطوير السياسة العامة والتشريعات والممارسات التي تتماشى مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد