
قطع الاتصالات في أفغانستان عرّض النساء والفتيات للخطر
وثقت الأمم المتحدة آثار الانقطاع
قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنّ قطع الاتصالات في أفغانستان الشهر الماضي من قبل طالبان خلّف عواقب وخيمة وبعيدة المدى، إذ “لم يؤدِ إلا إلى تفاقم مجموعة الصعوبات التي يواجهها السكان بالفعل”.
وجاء هذا التصريح عقب إصدار بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان ورقة إحاطة وثّقت فيها آثار الانقطاع، التي شملت تأخر أو انعدام الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والطوارئ، وتعطيل العمليات الإنسانية، وتفاقم القيود التمييزية ضد النساء والفتيات، فضلًا عن الإضرار بالحياة اليومية والأسرية بسبب انقطاع التواصل، وتعطيل الأعمال التجارية والمصرفية.
بسبب اشتراط وجود “محرم” للسفر لمسافات طويلة أصبحت النساء عاجزات عن التواصل مع ذويهن أو طلب المساعدة.
انتهاك للحقوق الأساسية
في مؤتمر صحفي عُقد في جنيف، أكّد المتحدث باسم المفوضية، جيريمي لورانس، أنّ هذه القيود غير المتناسبة تنتهك الحق في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، وتشكل خرقًا لالتزامات أفغانستان الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وأضاف أنّ النساء والفتيات في أفغانستان “يتعرضن أصلًا لقيود قاسية للغاية”، مشيرًا إلى أنّ انقطاع الاتصالات زاد من صعوبة حياتهن اليومية.
فبسبب اشتراط وجود “محرم” للسفر لمسافات طويلة – وأحيانًا حتى للتنقّل داخل المدن – أصبحت النساء عاجزات عن التواصل مع ذويهن أو طلب المساعدة، ما زاد من شعورهن بالعزلة والخطر.
View this post on Instagram
حرمان من التعليم والحياة العامة
وأشارت المفوضية إلى أنّ النساء والفتيات حُرمن أيضًا من التعليم عبر الإنترنت، الذي يُعدّ اليوم الوسيلة الوحيدة المتاحة لهن بعد حظر التحاقهن بالمؤسسات التعليمية.
هذا الانقطاع قطع عليهن آخر خيط من خيوط المشاركة في الحياة العامة والمعرفية، ورسّخ تراجع حضور النساء في المجالين الاجتماعي والتعليمي.
النتائج المأساوية على الرعاية الصحية
لم تتوقف التداعيات عند حدّ العزلة أو التعليم، بل امتدت إلى القطاع الصحي والعمليات الإنسانية، حيث أفاد العاملون في المجال الصحي عن وفيات يمكن تفاديها لولا انقطاع الاتصالات.
وسرد لورانس حادثة مأساوية من ولاية لغمان “توجهت امرأة حامل إلى مستشفى وهي تعاني من نزيف حاد، وكانت بحاجة إلى أن تُنقل على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي لتلقي العلاج، لكن سيارة إسعاف المستشفى تعطلت، ولم يكن هناك سبيل لطلب المساعدة. توفي الجنين، ونجت المرأة مع مضاعفات”.
هذه الحادثة تختصر كيف يمكن للعزلة المفروضة قسرًا أن تتحوّل إلى تهديد مباشر للحياة، خصوصًا بالنسبة للنساء اللواتي يواجهن أصلًا عقبات في الوصول إلى الخدمات الصحية.
صمت سلطات الأمر الواقع
حتى الآن، لم تُصدر سلطات الأمر الواقع أي تعليق علني يوضح أسباب الإغلاق أو مبرراته.
لكن المتحدث باسم المفوضية شدّد على أن هذه السلطات مسؤولة عن ضمان أن تكون أي قيود على الاتصال منصوصًا عليها في القانون، وأن تكون ضرورية ومتناسبة مع أي مخاوف مشروعة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
التكنولوجيا كسلاح في منظومة القمع
العزلة المفروضة تحرم النساء من الوصول إلى التعليم والرعاية والمساندة، وتكرّس سيطرة ذكورية على أجسادهن وحركتهن ومصادر معلوماتهن.
بهذا، يتحوّل الفضاء الرقمي – الذي كان المنفذ الأخير للكثيرات – إلى جدار عزل قسري يزيد من هشاشة وضع النساء والفتيات في مجتمع يقيّدن فيه أصلًا باسم الدين أو العرف.
إنّ ضمان حرية الوصول إلى المعلومات والاتصالات في أفغانستان هو خطوة أساسية لاستعادة حق النساء في التعليم، والصحة، والكرامة، والحياة.
