“بعض العنف الأسري إيجابيًّا” كلمة شيخ عقل الموحّدين الدروز تُثير قلق النساء

أثارت كلمة الشيخ سامي أبو المنى، شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز، تساؤلاتٍ واسعة في الأوساط النسوية والحقوقية، لأنها بدت مبرِّرةً للعنف المرتكب ضد النساء والفتيات، كما تضمّنت طروحاته إشاراتٍ اعتبرها البعض تهديدًا للجهود الحقوقية الهادفة إلى تطوير قوانين الأسرة.

وخلال مؤتمر “محاكم الأسرة في العالم العربي – الوضع الراهن، التحديات ومسارات التطوير”، الذي نظمته المؤسسة اللبنانية للسِّلم المدني الدائم، ألقى الشيخ كلمته متسائلًا:

“إلى أي مدى يمكن أن تصل حدود مطالب المرأة بحقوقها، من حيث المساواة والعدالة في العمل والسياسة وفي مختلف الميادين، والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات؟”

 

تضارب بين حقوق الأمهات وواجبات الأسرة

وأشار أبو المنى في كلمته إلى وجود تضاربٍ بين حقوق النساء (الأمهات تحديدًا) وواجباتهنّ تجاه أسرهنّ وأطفالهنّ/طفلاتهنّ، وكأنه يحاول لفت انتباه المرأة إلى مسؤولياتها الأسرية.

إلا أنّ كثيرًا من النساء أكدن أنهنّ حريصات على حقوق أبنائهنّ وبناتهنّ، وأنّ الأمومة لا تتعارض مع المطالبة بالحقوق، فالمرأة بطبيعتها تفضّل أبناءها وبناتها على نفسها، وتسعى لتأمين بيئةٍ أفضل لهم/لهنّ.

وحذّر الشيخ أبو المنى من ما وصفه بـ”حرية النساء وتحررهنّ المفرط”، مشيرًا إلى أنّ الأمر يحتاج إلى توازنٍ بين العمل والأمومة.

غير أنّ هذا الجزء من كلمته اعتبرته العديد من النساء والناشطين/ات محاولةً لتشويه الرسالة الحقيقية وراء عمل المرأة، وتضبيب الهدف الأساسي من المطالبة بالمساواة والحرية، متسائلين:

“كيف يمكن لحقّ الأسرة أن يتعارض مع حقّ المرأة، وهي بالأساس تناضل من أجل الأسرة ومن أجل تقويم المجتمع؟”

“بعض العنف الجسدي والمعنوي إيجابياً

لأنه يسهم بالردع عن السوء وتصويب المسار” كلمة الشيخ سامي أبو المنى

 

“ولا بأس من بعض العنف”!

وفي سياق حديثه عن العنف الأسري، أشار الشيخ إلى أنّ العنف اللفظي والجسدي والمعنوي قد يكون إيجابيًا في بعض الأحيان، مبررًا ذلك بالقول إنّ العنف مطلوب أحيانًا “لتصويب المسار والردع عن الفعل الخاطئ”، مستشهدًا بالآية: “ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب”.

هذا التصريح تحديدًا أثار موجةَ غضبٍ واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتبت الناشطة مونيكا يعقوب تعليقاً في البث المباشر للمؤتمر متسائلة:

“في أي عصرٍ نعيش ليصف الشيخ العنفَ بالإيجابي؟!”

وبرّر الشيخ موقفه لاحقًا بالقول إنه لا يقصد التقليل من خطورة العنف الجسدي الأسري، بل يرى أنّ امتناع الأب عن الإنفاق على أولاده وبناته، أو امتناع الأبوين عن تربية أبنائهما وبناتهما تربيةً سليمة، يشكل بحد ذاته نوعًا من العنف الأخطر بحسب وصفه.

ويعود الشيخ في ختام كلمته ليؤكد أنّ واجب النساء هو تربية الأطفال والطفلات تربيةً صحيحة، محذرًا من الأفكار التي “تهدد الأسرة”، وهي برأيه تلك المطالبة بـ”المساواة والعدالة”، معتبرًا إياها “منطق التقليد الأعمى”.

كلمة الشيخ لاقت رفضًا واسعًا، وأثارت قلقًا بين النساء والرجال المدافعين/ات عن حقوق الإنسان على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها جاءت تحت غطاءٍ دينيٍّ يبرر العنف وأسبابه، بدلًا من الدعوة إلى مناهضته وحماية الأسرة بجميع أفرادها: الآباء والأمهات، الأبناء والبنات، الأطفال والطفلات.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد