
البنك الدولي:النساء في سوق العمل “طاقات مُهمّشة ونموّ مقيّد”
النساء يشكّلن نصف السكان وأكثر من نصف المتخرجات من الجامعات
في تقريرٍ جديد بعنوان “العمل والنساء: المواهب غير المستغلة والنمو غير المحقق”, نبّه البنك الدولي إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تستطيع الاستمرار في تهميش مساهمة النساء في سوق العمل، لما لذلك من أثر مباشر على النمو الاقتصادي وعلى قدرة المجتمعات على الصمود أمام التحولات الديموغرافية المقبلة.
تُظهر الأرقام أن امرأة واحدة فقط من بين كل خمس نساء في المنطقة تشارك في سوق العمل، وهي أدنى نسبة على مستوى العالم، رغم أن النساء يشكّلن نصف السكان وأكثر من نصف المتخرجات من الجامعات.
عوائق بنيوية تُقصي النساء من العمل
يشير التقرير إلى أن المشاركة المحدودة للنساء ليست ناتجة عن نقص في الكفاءة أو التعليم، بل عن منظومة متكاملة من العوائق القانونية والاجتماعية.
فغياب القوانين التي تضمن المساواة في الأجور، والحماية من التحرش، والتنقل الآمن، يجعل الوصول إلى العمل والحفاظ عليه مهمة شاقة.
تقول روبرتا غاتي، كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي، إن “رجلًا قد يدعم عمل زوجته، لكنه يخشى النظرة السلبية للمجتمع”، في إشارة إلى الضغط الثقافي والاجتماعي الذي يقيّد حرية النساء في اتخاذ القرار.
View this post on Instagram
عبء الرعاية والأدوار المنزلية: اقتصاد غير مرئي
تُظهر البيانات أن ارتفاع مستوى التعليم لدى النساء لا ينعكس تلقائيًا في سوق العمل. ففي المغرب مثلاً، انخفضت مشاركة النساء الحاصلات على تعليم عالٍ من 70% إلى 60%، وفي مصر من 60% إلى 45%.
ويرجع ذلك إلى استمرار التوقعات الاجتماعية التي تحصر النساء في أدوار الرعاية المنزلية، في ظل غياب سياسات داعمة كخدمات رعاية الأطفال الميسّرة وساعات العمل المرنة.
ويصف التقرير هذه الظاهرة بأنها “عبء اقتصادي غير مرئي”، حيث تُنتج النساء عملاً غير مدفوع الأجر يعزّز الاقتصادات الأسرية، لكنه غير مُعترف به ضمن الناتج القومي.
تكشف البيانات عن تراجع مشاركة النساء في المغرب ومصر والأردن وإيران.
نساء متعلمات بلا وظائف
على الرغم من أنّ النساء في المنطقة يحقّقن معدلات تعليم تفوق الرجال في كثير من البلدان، إلا أنّ مشاركتهن في سوق العمل تبقى الأدنى عالميًا، بغضّ النظر عن مستوى الدخل أو الموقع الجغرافي (المدن أو الأرياف).
وتكشف البيانات عن تراجع مشاركة النساء في المغرب ومصر والأردن وإيران، مقابل تحسّن طفيف في السعودية والجزائر وتونس، ما يشير إلى أن التحسن لا يزال هشًّا وغير مستدام.
لا يمكن لأي إصلاح تشريعي أن ينجح من دون معالجة الأعراف الاجتماعية.
النساء ركيزة للنمو المستقبلي
يتوقع البنك الدولي أن يرتفع عدد سكان المنطقة بنحو 220 مليون نسمة خلال 25 عامًا، ما يجعل دمج النساء في سوق العمل أولوية اقتصادية لا خيارًا اجتماعيًا.
ويشير التقرير إلى أن إزالة الحواجز أمام عمل النساء قد ترفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 20 و30% في بلدان مثل مصر والأردن وباكستان، وهي من أعلى المكاسب المحتملة عالميًا.
الإصلاح القانوني لا يكفي دون تغيير ثقافي
يؤكد البنك الدولي أن الحلول الجزئية لن تكون كافية، إذ لا يمكن لأي إصلاح تشريعي أن ينجح من دون معالجة الأعراف الاجتماعية التي تحدّد “دور المرأة” داخل المنزل وخارجه.
كما يشدد على ضرورة خلق قطاع خاص حيويّ يوفّر فرصًا عادلة للنساء، ويحدّ من التمييز في التوظيف والترقية، ويعترف بقيمة مشاركة النساء في الإنتاج والإبداع.
العدالة الجندرية شرط للنمو
ما يُسمّيه التقرير “المواهب غير المستغلة” ليس سوى نتيجة مباشرة لنظام اقتصادي – اجتماعي يُقصي النساء ويعيد إنتاج اللامساواة. توسيع مشاركة النساء في سوق العمل يضمن بناء مجتمعات أكثر عدلًا واستدامة، تُعيد تعريف معنى “العمل” كحق وكرامة.
(المصدر العربي الجديد)