
“ذبح زوجته واخفى جثتها” جريمة في رمحالا تكشف هشاشة حماية النساء
لم تكن جريمة قتل الشابّة ن. ح (مواليد عام 1999، سورية) حدثًا معزولًا، بل حلقة جديدة في سلسلة عنف تتعرّض لها نساء محاصرات بغياب الحماية القانونية والاجتماعية، وبنظام يُضعف قدرة الضحايا على الإبلاغ أو النجاة. فقد أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أنّها تمكّنت، عبر شعبة المعلومات، من كشف ملابسات مقتل الشابة بعد العثور على جثّتها المتحلّلة في محلة رمحالا (لبنان) – طريق جسر القاضي في 15 تشرين الثاني 2025.
سردية “الهروب” التي تتكرر في جرائم العنف
الجثّة التي عُثر عليها على جانب الطريق، لم تكن مجهولة طويلًا. فمع تقدّم التحقيقات، تبيّن وجود بلاغ سابق تقدّمت به والدة الضحية عن فقدان ابنتها، بينما كان الزوج (الجاني) قد قدّم رواية تفيد بأنّها غادرت المنزل بعد تواصل عبر “واتساب” متجهةً إلى ذويها. وهي رواية تكرّرت كثيرًا في قضايا العنف الأسري، حيث تُستخدم سرديات “الهروب” و“الاختفاء الطوعي” للتغطية على اختفاء النساء أو قتلهنّ.
View this post on Instagram
تفاصيل الجريمة
لكن الإجراءات الميدانية التي نفّذتها شعبة المعلومات كشفت تحرّكًا مريبًا للجاني ص. ز. (مواليد عام 1994، سوري) فجر 11 تشرين الثاني، في الاتجاه نفسه الذي عُثر فيه لاحقًا على الجثّة. ومع تقدّم التحقيق، أوقفته القوى الأمنية في عرمون. وفي البداية أنكر أي علاقة، قبل أن يقرّ، بعد مواجهته بالأدلّة، بأنّ خلافًا وقع بينه وبين زوجته داخل المنزل، انتهى بقتلها عبر الطعن وجرح العنق، ثم لفّ الجثّة ونقلها ورميها في أحد أحراج رمحالا بعد تنظيف آثار الدم. واعترف أيضًا بتخلّصه من السلاح والأكياس في بحر صيدا، وتحطيم هاتفها، وأخذ مصاغٍ يعود لها ونقله إلى سوريا، قبل أن يعود ويقدّم بلاغًا بادّعاء فقدانها لإبعاد الشبهات عنه.
بنية كاملة تُسهّل قتل النساء
لا ينفصل ما حدث عن بنية كاملة تجعل النساء، خصوصًا اللاجئات منهنّ، أكثر هشاشة في مواجهة العنف. فالعنف الأسري لا يبدأ عند لحظة الجريمة، بل عند غياب قانون يحمي، ومؤسسات غير مجهّزة لاستقبال الشكاوى، ومجتمع يسهل فيه على المعتدي إعادة صياغة الوقائع، فيما يصعب على الضحية طلب النجدة. وفي هذا السياق، لا يمكن التعامل مع الجريمة كفعل فردي محض، بل كنتاج منظومة تتقاطع فيها السلطة الزوجية مع هشاشة الوضع القانوني والاجتماعي للنساء السوريات في لبنان.
السلطات المختصّة سلّمت الموقوف إلى القضاء بعد إنجاز التحقيقات، لكن الأسئلة التي تطرحها الجريمة تبقى مفتوحة حول غياب سياسات حماية فعلية، وحول ضرورة التعامل مع كل بلاغ فقدان امرأة كجرس إنذار لا كسردية “اختفاء طوعي”. فالحوادث المتكررة تؤكّد أنّ تقتيل النساء ليس استثناءً، بل نتيجة مباشرة لبنية عنف تحتاج إلى تفكيك ومحاسبة.