الطفلات/الأطفال يشكلون النسبة الأكبر من ضحايا الألغام

يظهر تقرير منظمة مراقبة الألغام الأرضية (Landmine Monitor) 2025 أنّ الطفلات/الأطفال يشكّلون النسبة الأكثر فداحة في حصيلة الضحايا العالمية، إذ وصل عددهن/م في قائمة القتلى والمصابات/ين إلى 46% عام 2024. وتعد هذه النسبة الأعلى خلال خمس سنوات، ما يكشف حجم الخطر الذي يهدد الأجيال الأصغر في البلدان المتأثرة بالنزاعات. وتأتي معظم الإصابات بين الطفلات/ الأطفال نتيجة فضولهن/م الطبيعي تجاه الأجسام المعدنية أو اللعب في المناطق الزراعية والطرقات الريفية التي تخفي تحت تربتها ألغامًا غير مرئية.

الدول العربية في قلب المشهد الدموي

يبدأ التقرير من الدول العربيّة التي ما زالت تتصدر قائمة المناطق الأكثر تلوثًا بمخلّفات الحرب. وتشير المنظمة إلى أنّ اليمن شهد منذ 2014 جميع أنواع الأسلحة المتفجرة – من القنابل الجوية والصواريخ والمدفعية إلى العبوات الناسفة البدائية. وفي سوريا، يعيش أكثر من 11.5 مليون شخص وسط مناطق ملوثة بالمتفجرات. أما لبنان، فيواجه إرثًا طويلًا من الألغام المنتشرة في مناطقه الريفية والجبلية، ما يعقّد عمليات الإزالة ويضع المدنيات/ين أمام خطر يومي.

ارتفاع حاد في أعداد الضحايا عالميًا

يسجّل عام 2024 ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد الضحايا خلال خمس سنوات، مع 6,279 قتيلة/لًا ومصابة/ا – يشكّل المدنيات/ون بينهم 90%، بينما تستحوذ سوريا واليمن وأفغانستان وميانمار على الحصص الأكبر من الإصابات. كما يكشف التقرير أن أكثر من ثلث الضحايا سقطوا بسبب عبوات ناسفة مرتجلة، وأن عدد الإصابات الناجمة عن الألغام المصنعة تضاعف ثلاث مرات بين 2020 و2024.

تحذيرات منظمة الإنسانية والشمول (HI)

قالت منظمة الإنسانية والشمول (Humanity & Inclusion – HI) إن الألغام والمتفجرات تواصل قتل وتشويه آلاف المدنيات/ين كل عام، مؤكدة أن استخدامها في ميانمار وأوكرانيا يتم على نطاق واسع. وتشدد المنظمة على أن الألغام تبقى نشطة لعقود – حتى بعد توقف القتال – لتدمر حياة الناس بعيدًا عن خطوط النار، ولتعرقل البنية التحتية الحيوية من جسور وطرق وموانئ ومستشفيات.

تراجع الالتزام الدولي بالمعاهدات الإنسانية

يشير التقرير إلى انتكاسات خطيرة أصابت معاهدة أوتاوا لعام 1997. فقد بدأت خمس دول أوروبية – إستونيا وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا – إجراءات الانسحاب من المعاهدة، بينما أعلنت أوكرانيا تعليق التزامها بها بشكل أحادي. كما برز استخدام حديث للألغام في إيران وميانمار وكوريا الشمالية، مع دلائل متزايدة على استخدامها أيضًا في أوكرانيا وروسيا. وفي موازاة ذلك، لجأت جماعات مسلّحة غير حكومية إلى استخدام الألغام في عشر دول على الأقل في أفريقيا وآسيا.

أزمة تمويل تهدد جهود نزع الألغام

تراجع التمويل الدولي المخصص لإزالة الألغام بنسبة 5% ليصل إلى 761 مليون دولار فقط عام 2024، فيما انخفض دعم برامج إعادة التأهيل ومساعدة الضحايا بنسبة 23%. ويعتبر التقرير أن هذا الانكماش في التمويل – مقابل توسّع رقعة التلوث – يضع ملايين المدنيين في دائرة الخطر لسنوات إضافية.

خلاصة قاتمة ومسؤولية مُلحّة

تؤكد منظمة مراقبة الألغام الأرضية أن العالم يعيش مرحلة من أخطر مراحل انتشار الألغام خلال أكثر من عقد. وتبقى الدول العربية، من اليمن وسوريا ولبنان إلى غزة، في صدارة المناطق الأكثر تضررًا، بينما يستمر الطفلات/الأطفال في دفع الثمن الأكبر لهذه الحرب الصامتة الممتدة لسنوات بعد توقف البنادق.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد