
توقيف قاتل حليمة عرفة وشهادات تُثبت التعذيب الممنهج
أوقفت مفرزة بعبدا القضائيّة الجاني علي سامي المولى (لبناني، من مواليد 1996) بعد أسابيع من تواريه عن الأنظار، وذلك بعمدما قتل زوجته حليمة عرفة (مواليد 2004، سوريّة) عبر تعذيبها وحرقها بالزيت المغلي في منزلهما في الأوزاعي. وكانت والدة الضحية قد تقدّمت بشكوى أمام فصيلة الحدت بتاريخ 8 تشرين الأوّل 2025، لتبدأ بعدها عمليّات الرصد التي استمرّت أسابيع قبل القبض عليه بكمين مُحكم، بعدما حاول الاختباء لنحو شهر داخل خيمة على شاطئ صيدا قبل أن يظهر مجدّدًا في الأوزاعي.
View this post on Instagram
رواية “الحادث المنزلي” تتهاوى أمام الأدلة
عند الاستماع إلى إفادته، أنكر الجاني علاقته بالجريمة، مدّعيًا أنّ زوجته كانت تطهو فسقط الزيت المغلي عليها. غير أنّ الكشف الفنّي الذي أجراه مكتب الحوادث أثبت عدم صحّة روايته؛ فالمكان كان خاليًا من أي بقع زيت أو سوائل، إضافة إلى كون الغاز والقارورة فارغين، ما يؤكّد أنّ الحروق ليست نتيجة «حادث» بل نتيجة فعلٍ عنيفٍ ومقصود.
شهادات تكشف تعذيبًا ممنهجًا
خلال متابعة التحقيق، تمكّنت دورية من تحديد مكان وجود طفلي المدعى عليه، البالغين 10 و11 عامًا، واستدراجهما إلى المفرزة بحضور مندوبة حماية الأحداث، رغم محاولات الأب المستمرة لإخفائهما. وقد أقرّا بأنّ والدهما كان يمارس العنف اليومي على والدتهما وعلى زوجاته اللاحقات، ومن بينهنّ حليمة عرفة، التي كان يجردها من ثيابها أمامهما، ويقيّد يديها ورجليها، ويضع لاصقًا على فمها لمنع صراخها. وأوضحا أنّه كان يصعقها بالكهرباء، ويرمي الماء والزيت المغلي عليها، ويحرق وجهها وجسدها بالجمر، ويغرز في جلدها أدوات معدنيّة بعد جرحها وتشطيبها، في مشهد من التعذيب المتكرر الذي أدّى إلى وفاتها.
كما استمعت المفرزة أيضًا إلى إفادتي طليقتَي المدعى عليه. وقد أفادت ، ر. ز. (مواليد 1994)، بأنّها كانت تتعرّض لتعذيب قاسٍ، أمّا س. ب. (مواليد 2005)، فروت أنّ العنف بدأ منذ اليوم الأول لزواجهما الذي دام شهرًا واحدًا. وأوضحت أنّها لم تتقدّم بشكوى آنذاك بسبب وفاة والدها وانعدام أيّ دعم يحميها.
محاولة تبرير أبوية تُعيد إنتاج الصمت
أكّد والد الجاني، س. م. (مواليد 1957)، أنّ الخلاف بدأ عندما تواصلت الضحية مع طليقها عبر «الفيديو»، بحسب زعمه، وأنّ ابنه ضربها وأخذ هاتفها قبل أن “يفقد السيطرة” ويسكب الزيت المغلي عليها. ورغم أنّ إفادته تأتي محاولةً لتبرير الجريمة ضمن منطق “المشاكل الزوجية”، إلا أنها تُظهر علمه المسبق بالعنف، خصوصًا بعد تسليمه الهواتف التي أخفاها ابنه.
انهيار حماية النساء أمام عنف بنيوي متجذّر
تكشف القضية، بما تضمّنته من شهادات وحيثيات، مسارًا طويلًا من العنف البنيوي الذي تجاوز علاقة زوجية إلى دائرة أوسع من الصمت الأسري والمجتمعي. فحليمة عرفة لم تكن تواجه معتديًا واحدًا فحسب، بل كانت محاصرة بغياب آليّات حماية فعّالة، وانعدام المساءلة، وصمت محيطٍ مكّن الجاني من الاستمرار، وصولًا إلى وفاتها.
إجراءات قانونية
أُجري المقتضى القانوني بحقّ المدعى عليه، بناءً على إشارة القضاء المختصّ، فيما تستمر التحقيقات في الملابسات الكاملة للقضية، بما فيها عنصر التستّر والمشاركة غير المباشرة في إطالة أمد العنف.