
العاملات الأجنبيات في العراق في مواجهة شتى أنواع العنف والانتهاكات
يشهد العراق استقدام أعداد كبيرة من العاملات الأجنبيات (غير العراقيات) للعمل في البيوت، والمقاهي، والمطاعم، وكذلك مراكز التجميل. غير أن هؤلاء العاملات يواجهن أشكالاً متعددة من الانتهاكات والتعنيف.
آخر الحوادث المتعلقة بعاملات غير عراقيات كانت وفاة شابة نيجيرية في 31 آب الماضي، أثناء محاولتها الهروب من مبنى شركة تشغيل في بغداد، بسبب الواقع المأساوي الذي كانت تعيشه، من تعنيف وحجز للحقوق.
تشير الإحصاءات إلى أن 64% من العمال والعاملات المستقدَمين/المستقدَمات هنّ نساء.
وفي أيار 2024، أصدرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تعليمات لتنظيم سوق العمل، ألزمت فيها بتشغيل عامل/ة عراقي/ة مقابل كل عامل/ة أجنبي/ة يُستقدَم/تستقدَم، باستثناء فئة العاملات المنزليات. وقد جعل هذا الاستثناء قطاع العمل المنزلي أقل خضوعاً للقيود المفروضة في مجالات التشغيل. وأكدت الوزارة أنها خصصت خطاً ساخناً لتلقي شكاوى العاملات والعمال الأجانب ومتابعة قضاياهم/ن، وشددت على التزامها بحماية حقوقهم/ن ومحاسبة أي جهة استقدام أو تشغيل تخالف الضوابط القانونية.
تتمثّل أبرز الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات المنزليات في العراق في حجز وثائق السفر والأجور، والعمل لساعات طويلة من دون منحهنّ أيام راحة.
وفي دراسة للـ International Labour Organization (ILO) أُجريت عام 2021، تبيّن أن عدد العاملين/ات الأجانب المقيمين/ات (غير العراقيين/ات) في العراق بلغ نحو 50,300 شخص، من بينهم نحو 32,000 امرأة (أي ما يعادل 64٪ من العمالة الأجنبية).
تتعرض العاملات الأجنبيات في العراق لشتى أنواع التحرش
والعنف الجنسي والجسدي، فضلا عن التشغيل القسري ومصادرة الأجور والأوراق الثبوتية
أنواع العنف الذي تتعرض لها العاملات الأجنبيات
في أحد مراكز التجميل، يقوم صاحب المركز بضرب العاملات الأجنبيات بالعصا في حال قصّرْنَ في عملهنّ، أو قُمْنَ بفعل لا يتناسب مع مزاجه.
View this post on Instagram
ومع غياب معايير واضحة لحماية العمال والعاملات الأجانب في العراق، فهم/ن يتعرضون/يتعرضن لشتى أنواع الانتهاكات، منها التحرش، ومصادرة الأوراق الثبوتية، والاعتداء الجسدي، والاعتداء الجنسي، والعمل القسري وغيرها.
وتوضح وزارة الداخلية أن متابعة حالات الإساءة أو العنف التي تتعرض لها العاملات المنزليات الأجنبيات، ومن بينهنّ عاملات نيجيريات، تقع ضمن صلاحيات مديرية مكافحة الإجرام، التي تتدخل فرقها فور تلقي بلاغ مباشر أو معلومات دقيقة. وقد حدث ذلك سابقاً حين ضُبط متهم بشراء عاملات أجنبيات وتعنيفهنّ في بغداد. ويقول المقدم في الشرطة المجتمعية صادق الشمري:
“إلى أن أبرز المشكلات تتمثل في مطالبة العاملات غالباً برفع شكاوى عبر مكاتب التوظيف أو أصحاب العمل، ما يؤدي أحياناً إلى إهمال الشكاوى أو تقييدها”. وقد أقرت الوزارة سابقاً بوجود فجوات قانونية وإجرائية في استقبال شكاوى هذه الفئة عبر قنوات مستقلة واضحة.
وتحدث القانوني وسام عبد العزيز قائلاً:
“إن ملف العاملات المنزليات لا يزال يفتقر إلى تنظيم قانوني واضح يضمن الحد الأدنى من الحقوق والواجبات. فقانون العمل رقم 37 لعام 2015 لم يتضمن نصوصاً تفصيلية خاصة بالعمل المنزلي، ما ترك فراغاً استغلته بعض شركات الاستقدام. ومن هنا يبدأ الحل بترسيم حماية صريحة للعاملات المنزليات من خلال لوائح تنفيذية أو تعديل تشريعي.”
وأضاف:
“يجب إلزام شركات الاستقدام بدفع تأمين مالي وإخضاعها لرقابة صارمة، ونشر قوائم سوداء بحق المخالفين، لضمان حقوق الأجور والإيواء الآمن. كما أن الشفافية في التحقيقات المتعلقة بحوادث الوفاة أو التعنيف، ونشر نتائج الطب العدلي، خطوتان أساسيتان لردم الفجوات ومنع انتشار الشائعات وتحديد المسؤوليات، سواء كانت جنائية أو مهنية”.