الفاشر: مؤشرات لمقابر جماعيّة وطمسٌ منظّم للأدلة

أفاد مختبر البحوث الإنسانيّة في كلية الصحّة العامّة بجامعة ييل الأميركيّة بأنّ الحرب المستمرّة في السودان منذ أكثر من عامين أدّت، بحسب تقديرات أوليّة، إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيّات/ين، في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانيّة حدّةً في العالم اليوم.

توثيق مقابر جماعيّة محتملة في دارفور

وأوضح المختبر أنّه يعتزم إصدار تقرير خلال الأسبوع المقبل يوثّق ما لا يقلّ عن 140 موقعًا يُشتبه في كونها مقابر جماعيّة أو أماكن لتجمّع جثث القتيلات/ القتلى، ولا سيّما في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تشهد انهيارًا شبه كامل للحياة المدنيّة.

طمس الأدلة: انتهاك مضاعف لحقّ الضحايا في العدالة

وقال مدير المختبر، ناثانيال ريموند، إنّ قوات الدعم السريع تنفّذ عمليّات منظّمة لإزالة البقايا البشريّة، في محاولة واضحة لطمس الأدلة قبل وصول أيّ جهة مستقلّة إلى المدينة. وأشار إلى رصد فريق البحث قوّةً بحجم لواء تعمل على “تنظيف” المواقع، في مشهد يعكس سعيًا ممنهجًا لإخفاء آثار الجرائم.

وأضاف ريموند أنّ هذه العمليّات تجري في ظلّ اختفاء شبه تامّ للحياة المدنيّة، إذ لا أسواق، ولا نقاط مياه، ولا حركة نقل داخل المناطق المتأثّرة، ما يُفاقم هشاشة السكّان، ويضاعف معاناة النساء، والأطفال، وكبار السنّ، بوصفهم الفئات الأكثر تضرّرًا في سياقات الحرب والحصار.

تصعيد عسكري وحصار طويل الأمد

وفي السياق ذاته، تشهد ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان تصعيدًا عسكريًّا لافتًا خلال الأسابيع الأخيرة، مع استخدام واسع للطائرات المسيّرة من طرفي النزاع. وتخضع منطقة كادقلي لحصار تفرضه قوات الدعم السريع وحلفاؤها منذ أكثر من عام، ما أدّى إلى تدهور حادّ في الأوضاع الإنسانيّة وانتشار أوبئة، من بينها الكوليرا.

عنف جنسي وجرائم جماعيّة: مساءلة دوليّة متأخّرة

بالتوازي، فرضت بريطانيا عقوبات على عدد من كبار قادة قوات الدعم السريع، متّهمةً إيّاهم بالتورّط في عمليّات قتل جماعي، وعنف جنسي ممنهج، وهجمات متعمّدة على المدنيّات/ين. وشملت العقوبات نائب قائد القوات عبد الرحيم دقلو، وقائد قطاع شمال دارفور اللواء جدو حمدان، إلى جانب قيادات أخرى.

تجنيد عابر للحدود وانتهاكات بحقّ الأطفال

كما أعلنت الولايات المتّحدة، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على شبكة عابرة للحدود تُجنّد عسكريّين كولومبيّين سابقين وتُدرّب مقاتلين، بينهم أطفال، للقتال في صفوف قوات الدعم السريع، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وحقوق الطفلة/ل.

ومنذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قُتل عشرات الآلاف، ونزح أكثر من 13 مليون شخص، فيما أُعلنت المجاعة في مناطق عدّة، بينها كادقلي. وفي قلب هذه الكارثة، تتحمّل النساء عبئًا مضاعفًا، بين فقدان الأحبّة، والعنف، والنزوح، وغياب الحماية، في ظلّ صمت دولي وتأخّر مستمرّ في المساءلة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد