المغرب: النساء بين آلة القمع وغياب العدالة الاجتماعيّة

تصاعد الاحتجاجات في المدن الكبرى

حذّرت الجمعيّة المغربيّة لحقوق الإنسان من التدهور المتسارع في أوضاع النساء بالمغرب، في ظلّ تصاعد الاحتجاجات التي تخوضها النساء في المدن الكبرى والقرى والمناطق المهمّشة، نتيجة سياسات التفقير والتهميش، وما يرافقها من قمعٍ أمنيّ وقضائيّ متواصل، واستهدافٍ مباشرٍ للناشطات والمعتقلات.

 

احتجاجٌ نسويّ في مواجهة التهميش البنيوي

تشير الجمعيّة، في بيانها الصادر بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المناضلة، إلى أنّ الأوضاع المتردّية للنساء بلغت مستوى غير مسبوق، مع اتّساع رقعة الانتهاكات التي تطاول مختلف مناحي الحياة. هذا الواقع دفع النساء إلى واجهة النضال الاجتماعي، حيث يخضن معارك يوميّة من أجل الأرض والماء والصحّة والتنمية وفكّ العزلة، في مواجهة منظومة تُراكم الإقصاء وتُقابل المطالب المشروعة بالقمع والتضييق والاعتقال.

وتؤكّد الجمعيّة أنّ ما تواجهه النساء لا يمكن فصله عن السياسات العامّة التي تُنتج الفقر وتُعمّق الهشاشة، وتضع النساء في موقع الاستنزاف الدائم، سواء في الفضاء العام أو داخل مجتمعاتهنّ المحليّة.

تصاعد الاعتقالات واستهداف الشابات

يلفت البيان إلى أنّ المرحلة الأخيرة شهدت تصاعدًا خطيرًا في الاعتقالات التي تستهدف النساء، ولا سيّما الشابات المشاركات في الاحتجاجات السلميّة التي قادتها الحركة الشبابيّة المغربيّة. وتعتبر الجمعيّة أنّ هذه الاعتقالات تندرج ضمن سياسة تهدف إلى ردع المشاركة النسويّة وكسر الصوت الاحتجاجي، عبر إخضاع النساء لمنظومة ترهيبٍ تمسّ كرامتهنّ وحقّهنّ في التعبير.

وبرغم ما تعرّضت له المعتقلات من ممارسات حاطّة من الكرامة، تُبرز الجمعيّة صلابة الشابات وقدرتهنّ على كسر الحصار المفروض على الكلمة الحرّة، مؤكّدةً أنّ القمع لم يُنتج الصمت، بل زاد من حضور النساء في الفعل النضالي، ورسّخ قناعتهنّ بأنّ أصواتهنّ ليست قابلة للإخماد.

 

ذاكرة المرأة المناضلة واستمراريّة القمع

يأتي هذا البيان في سياق إحياء ذكرى وفاة الناشطة والشاعرة سعيدة المنبهي، التي تُعدّ إحدى أبرز رموز النضال النسوي في المغرب، بعد أن دفعت حياتها ثمنًا لمواقفها داخل السجن. وتستحضر الجمعيّة هذه الذكرى بوصفها امتدادًا لمسارٍ نضاليّ لم ينقطع، بل يتجدّد اليوم بأشكالٍ مختلفة، في ظلّ استمرار القمع وتغيّر أدواته.

مطالب بالإفراج والكرامة والعدالة

تطالب الجمعيّة المغربيّة لحقوق الإنسان بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلات، وإلغاء المتابعات والأحكام الجائرة الصادرة بحقّهنّ، وتمكين النساء من حقوقهنّ كاملةً دون قيدٍ أو شرط. كما تجدّد تضامنها مع النساء المتضرّرات من زلزال الحوز، ولا سيّما اللواتي حُرمن من حقّهنّ في السكن بدواعٍ تمييزيّة، معتبرةً ذلك امتدادًا لسياسات الإقصاء الاجتماعي.

وفي السياق ذاته، تؤكّد الجمعيّة وقوفها إلى جانب حراك فكيك، وتحيّي صمود أمّهات وزوجات وأخوات معتقلي حراك الريف وباقي الحركات الاجتماعيّة، مشدّدةً على أنّ النضال النسوي في المغرب يظلّ جزءًا لا يتجزّأ من معركة أوسع من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعيّة والحقوق.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد