
تذكير: منصور لبكي ليس “قدّيسًا”.. إنه مدان بجرائم اغتصاب
في مشهد أثار غضبًا واسعًا، تحاول مواقع صحفية لبنانية إعادة تببيض صورة الكاهن منصور لبكي المُدان بجرائم اغتصاب.
وعلى الرغم من إدانته باغتصاب أطفال/طفلات، والحكم عليه بالسجن 15 عامًا في فرنسا، إلا أن الإعلام اللبناني لا يزال يتبجّح بتلميع صورته على حساب الناجيات.
“النشرة” ونداء الوطن”.. وتبييض صورة “الأب الروحي” المغتصب
فعبر قناة “النشرة”، أجرت الإعلامية هلا المر مقابلة مع منصور لبكي، الذي ظهر فيها مُطمئنًا، متحدثًا بلغة المظلومية، دون أن تواجهه بأسئلة تتعلق بحجم الجرائم المُثبتة عليه، ولا بمعاناة الضحايا.
في مقابلتها، ساهمت الإعلامية هلا المر في تلميع صورته من خلال تقديمه بصفة “الأب الروحي”، والتركيز على تاريخه الفني والروحي، دون التطرّق بجدية إلى القضايا التي أدين فيها.
واستخدمت هالا المرّ لغة عاطفية تُضفي عليه طابع الضحية، كما تجاهلت ذكر الحكم القضائي الفرنسي أو قرار الفاتيكان بتجريده من الكهنوت، وكأن القضايا ضده مجرد افتراءات أو سوء فهم. المقابلة لم تتضمّن أي مساءلة حقيقية، بل بدت وكأنها مساحة دعم وتعاطف، ما أضفى عليه مشروعية أخلاقية مزيفة أمام الجمهور.
ومن جانبها أيضًا، فتحت صحيفة نداء الوطن –في عددها الصادر يوم الجمعة 18 نيسان 2025- منبرها للكاهن اللبناني المُدان، في مقالة وقّعتها نوال نصر بعنوان “تحت مجهر”، تزامنًا مع الجمعة العظيمة.
المقالة تجاهلت بشكل فجّ الإدانة المزدوجة بحق لبكي: أولاً من قبل الفاتيكان الذي جرّده من رتبته الكهنوتية عام 2022 بعد تحقيقات كنسية بدأت عام 2013، وثانيًا من قبل القضاء الفرنسي الذي حكم عليه عام 2021 بالسجن 15 عامًا بتهم اغتصاب واعتداء جنسي على قاصرات، بناءً على شهادات أكثر من 40 ناجية/ ضحية.
ولم تكتفِ المقالة بتجاهل هذه الوقائع، بل منحت لبكي منصة للدفاع عن نفسه وتلميع صورته، مُقدمة إياه بوصفه “الكاهن الذي نشر الحب”، ومُشيدة بـ”رصيده الروحي”، في تغييب تام لصوت الضحايا ولحقيقة أن الرجل مُدان قضائيًا وكهنوتيًا. هذه المعالجة الإعلامية اعتُبرت من قبل جهات حقوقية وصحافية تواطؤًا ناعمًا مع المغتصب، وضربًا لأخلاقيات المهنة الصحافية، خصوصًا في قضايا حساسة تتعلق بالعنف الجنسي واستغلال السلطة الروحية.
View this post on Instagram
منصور لبكي.. مرآة لثقافة الإفلات من العقاب
هذا المشهد الإعلامي المشترك، بين الصحيفة والقناة، جُرّد من أدنى حساسية تجاه العنف الجنسي، ومن أي التزام بقيم العدالة، وكرّس مرة أخرى كيف تُمنَح المنصات لمن يملك السلطة الرمزية، حتى وهو مدان، بينما يُدفع بالضحايا إلى هامش الصمت والتجاهل.
فمنصور لبكي ليس حالة فردية، بل يمثل مرآةً لثقافة الإفلات من العقاب حين يكون الجاني صاحب سلطة.
إن اتباع الوسائل الإعلامية نهج تذكير الناس بأعماله “الخيرية”، والحديث عن “الرحمة”، وتصويره كـ”ضحية مؤامرة”، ليست سوى أدوات ممجوجة لخداع الجمهور وتزوير الحقيقة.
توضيح نداء الوطن:
بعد النقد الذي تعرضت له صحيفة نداء الوطن، على خلفية تبييضها لصورة المغتصب منصور لبكي، نشرت بيانًا برّرت فيه بأن “الجريدة في مقالتها لم تتناول أو تشكّك بالأحكام الصادرة بحق الأب لبكي وهي تحترم عمل كل الجهات القضائية من زمنية وروحية”، قائلةً إنها “تضع نفسها في خدمة الدفاع عن نزاهة القضاء واستقلاليته في كل القضايا التي يتصدّى لها”.
وتقدّمت الصحيفة بـ”اعتذار صادق لكل من شعر بإساءة أو أذى بسبب المقالة خصوصًا من الضحايا/ الناجيات والمقرّبين منهن”.