
“فارس كرم استغلّني”.. العبودية الحديثة في منازل المشاهير
فنانات وفنانون تحت المجهر
قلّة إنسانية أن يستمرّ التطبيع مع نظام يكرس العبودية. نظامٌ يمنح أصحاب العمل سلطة وحق لاستعباد الانسان. وقلّة أدبٍ وإنسانية أن تصادَر حقوق وحريّات عاملات مهاجرات، وأن يتم استغلالهن للعمل بشكلٍ مضاعف، وبأجور زهيدة وإن تقاضتها. أما قلّة الأدب الأفدح هي ألّا تتم مساءلة ومحاسبة كل من يتورط بالاتجار بالبشر أو بأي شكلٍ من ممارسات العبودية، وأن تستمر آليات الاستغلال والاضطهاد مشكّلةً غطاء يسمح بانتهاكاتٍ جسيمة تمارس ضد العاملات المنزليات.
انتهاكاتٌ لا تقتصر على الأسر ومكاتب الاستقدام فقط، بل تتعداها لتشمل قنوات رسمية وشخصيات عامة، يفترض بها أن تكون حامية للحقوق، لكنها تتحول في الواقع إلى أذرع إضافية تكرّس التبعية وتمنح مظلة للإفلات من العقاب.
“فارس كرم استغلني وعزلني عن العالم الخارجي”
فنانون/ات متّهمون/ات بالتطبيع مع نظام الاستعباد
في وقتٍ كان من الأجدى أن يستخدم فيه الفنانون/ات والمشاهير نفوذهم/ن الاجتماعي والدعائي لإدانة هذه الممارسات والعمل على تفكيك نظام الكفالة العنصري، يتورّط العديد منهم/ن بالانحياز الصريح لمنظومة الاستغلال، عبر المشاركة المباشرة أو التواطؤ الضمني مع هذا العنف والعبودية الذي يكرسه نظام الكفالة.
‘مؤثرة’ كويتية: كيف تكون عندك خادمة بالبيت وجوازه معها؟! والأدهى كل أسبوع لها يوم off!
فمن الفنانة الكويتية مها محمد التي رأت في العاملة المنزلية وسيلةً لتحقيق نسب مشاهدة عالية لمجرد إلباسها ثياب كاشفة أو “بكيني”، إلى “المؤثرة” سندس القطان التي أصدرت تصريحات انتقدت فيها بعنف قانون العمالة الكويتي الجديد رافضةً اعطاء العاملة حقوقها: “شلون يوافقون على هالعقود المسخرة؟! كيف يكون عندك خادم/ة بالبيت وجوازه معه؟!”، مضيفةً ” والشيء الأدهى والأمرّ، أن كل أسبوع لها يوم off.. يوم كامل off! كل أسبوع! وإيش باقي؟”. مرورًا بمصممة الأزياء اللبنانية إلينور عجمي التي تورطت في حالة تعذيب مأساوية إذ كانت تضرب العاملة المنزلية بسلك كهربائي وتقوم بتعذيبها، ما اضطرها إلى رمي نفسها من الطابق الثاني في محاولةٍ للهروب منهم/ن لتنجو بكسورٍ بالغة، وصولاً إلى نجوم بوليوود المتهمين بممارسات إساءة متكررة، تتبلور أمامنا صورة عاملات يُنظر إليهن كسلع، محرومات من أبسط حقوقها الإنسانية.
في ظل هذا الواقع، يأتي هذا التحقيق ضمن سلسلة شهادات، للكشف عن حجم العنف والعبودية التي تتعرض لها العاملات المنزليات المهاجرات بشكلٍ يومي.
هذا التحقيق لا يفتح ملف فردي فقط، بل يكشف شبكة أوسع تضم قنصليات متواطئة، مؤسسات صامتة، وأصحاب نفوذ يمارسون سلطتهم/ن على أجساد لا حول لها ولا قوة.
ولمتابعة الكشف عن ملامح الاستعباد المنظم، التي بدأناها في تحقيق “بيع” العاملات المهاجرات… اتجار بشر مستمر تكرّسه الكفالة، تأتي شهادة العاملة الكينية غريس ويمبار (45 عامًا)، التي سبق أن عملت في منزل الفنان اللبناني فارس كرم (المشار إليه بـ “ف.ك” في تحقيقنا السابق ذكره)، لتسلط الضوء على مزيد من قصص العنف والمعاناة ضمن نظام يتيح استمرار هذه الدائرة المفرغة من الألم والاستغلال.
تعتبر غريس أن فارس كرم تجاوز كل حدود الممارسات التي ترمز إلى أشكال العبودية الحديثة، من “العزل عن العالم الخارجي، والاستغلال عبر الإجبار على العمل لساعات طويلة دون راحة أو أجر، والعمل في منزلين مختلفين، إضافة إلى التهرب من تسجيلها رسميًّا باسمه الشخصي”.
في شهادتها، تكشف غريس أنها عملت لدى الفنان الذي ينضح سجله الإعلامي بالجدل: “كان قاسيًا جدًّا، حرمني من أجري، وتسبّب بخسارتي المالية في مكتب الاستقدام“. تضيف أنها كانت تعمل في منزل الفنان ومنزل والدته، رغم أن اسمها كان مسجلًا على كفالة أحد أصدقائه، “لم يكن يستطيع تسجيل عاملة على اسمه بشكلٍ مباشر، لذا استخدم صديقه كغطاء قانوني”.
“كنت أعمل في منزلين لساعاتٍ طويلة؛ منزله ومنزل والدته، وحين بدأت أشعر بألم في يدي، لم يأخذني إلى طبيب. قيل إنني أختلق الأمر”.
عملت غريس من 29 نيسان/ أبريل حتى 11 حزيران/ يونيو 2021، ولم تتقاضَ أي راتب. “قال لي: خذي مستحقاتك من مكتب الاستقدام”، ثم تسكت: “ذكريات سيئة…”. لم تكن المعاملة السيئة حكرًا على الفنان. “زوجته، كانت تمنعني من دخول الحمام إلا بإذنها، وحتى الاستحمام كان يحتاج إلى موافقة، كأنني في سجن”. تتابع “كنت أعمل في منزلين لساعاتٍ طويلة؛ منزله ومنزل والدته المدعوة ليلى، وحين بدأت أشعر بألم في يدي، لم يأخذني إلى طبيب. قيل إنني أختلق الأمر”.
ومن خلال اتصال أجريناه بمكتب الاستقدام المسؤول، الذي بدوره سُجل ضده عدة حالات انتهاك وعنف مماثلة، تم التأكد من الاتهامات المنسوبة للفنان المذكور.
هذا التحقيق لا يفتح ملف فردي فقط، بل يثير المخاوف حول تواطؤ شبكة أوسع تضم قنصليات متواطئة، مؤسسات صامتة، وأصحاب نفوذ يمارسون سلطتهم/ن على أجساد لا حول لها ولا قوة. فهل ستتم مساءلة هذه المنظومة كاملة، أم ستظل آليات الاستعباد هذه مستمرة، متخفية خلف أعراف وقوانين تدّعي حماية حقوق الإنسان؟
مكتب “غبريال سيرفيسز”: “فارس كرم كان ناوي يدفع”
في سياق تحقيق “شريكة ولكن” عن خلفيات القضية، تبيّن أن مكتب “غبريال سيرفيسز”، ورغم تعدد الشهادات والانتهاكات الجسيمة المنسوبة إليه، لا يسجَّل بحقه أي مخالفة رسمية في سجلات وزارة العمل اللبنانية. واقعٌ يثير تساؤلات جديّة حول فعالية الرقابة الرسمية ومدى قدرة الدولة على حماية العاملات.
لدى تقصينا، تبيّن أن نخلة غبريال، زوج صاحبة المكتب إلهام لطيف، يواجه تهم “اعتداءات جنسية” ضد عاملات مهاجرات.
استنادًا إلى هذه المعطيات، تواصلنا مع المكتب، ليجيبنا المدعو نخلة غبريال، زوج صاحبة المكتب إلهام لطيف. والرجل نفسه، تبيّن لدى تقصّينا الصحفي بأنه “يواجه تهم اعتداءات جنسية ضد عاملات مهاجرات”.
View this post on Instagram
عند إطلاعه على شهادات لعاملات قلن إنهن عملن في منزل المغني “فارس كرم” دون أجر، قرر إحالتنا إلى زوجته باعتبارها الجهة المخوّلة بالرد. وعند مواجهته بالتهم الموجهة ضده شخصيًّا، اكتفى بالإحالة إلى زوجته، رافضًا تقديم أي تعليق.
عند تواصلنا مع صاحبة المكتب إلهام لطيف، وطرح أسئلتنا بشأن الاتهامات الموجهة ضد مكتبها، لا سيما ما يتعلق بالعاملات اللواتي عملن في منزل الفنان “فارس كرم” دون تقاضي أجورهن، نفت لطيف بدايةً هذه المزاعم. وقالت إن “فتاتين فقط عملتا لديه لمدة عشرة أيام، قبل أن يُعاد توجيههن إلى منزل آخر، ثم هربتا”. وعندما أطلعناها على شهادات تفيد بأن فترة العمل امتدت بين شهر وشهرين وتخلّلتها إساءات ومعاملة مهينة، أنهت الاتصال بحجة انشغالها، لتعاود لاحقًا نفي الادعاءات، مشيرة إلى أن “العاملات عملن في منازل جيدة، لكن كانت لديهن شكاوى حول ضغط العمل، والصراخ عليهن، وقررن المغادرة بسبب ضغط العمل”. وكأن “الصراخ وضغط العمل” أمرًا عاديًّا، لا يستحق الوقوف عنده، وأن تقبّله من العاملات تحصيل حاصل.
إلهام لطيف أقرت بعدم دفع الأجور لغريس، لكنها برّرت ذلك بأن “فارس كرم كان بده يدفع، وعملنا تنازل، وراحوا ع غير بيت، وهربوا “. كما أكّدت تهرّب “فارس كرم” عن تسجيل العاملة على اسمه مباشرةٍ، قائلةً إنه “يسجّلهن على أسماء أقارب له مثل شقيقه أو ابن عمه”، واصفة إياهم بـ”الأوادم جدًا”. وأضافت: “إذا العاملات يطالبن بمستحقات 12 يومًا، فلا مانع، هو كان ناوي يدفع، لكنهن غادرن فجأة”.
ما بين إنكار المكتب وغياب المحاسبة
من جهتها، أكدت غريس، إحدى العاملات اللواتي استطعنا مقابلتهن، أنها عملت لأكثر من شهر في منزل فارس كرم ومنزل والدته. وأشارت إلى أن صديقتها، التي عملت أيضًا في منزله، سُجنت لاحقًا بعد شكوى قدمها المكتب، ولا تزال تجهل مصيرها.
إنكار المكتب: “هيدي إفتراءات من منصة تعمل من الخارج، وبتعرفي الجمعيات كيف”!
وعند سؤال إلهام عن اتهامات تتعلق بالاعتداء الجسدي والعنف الجنسي من قبل زوجها، نفت الأمر بشكلٍ قاطع، معتبرة أن ما يُنشر بحق المكتب “افتراءات مصدرها صفحة This is Lebanon”، التي وصفتها بأنها “منصة تعمل من الخارج، وبتعرفي الجمعيات كيف”. وأكدت أن زوجها لم يكن يدير المكتب، بل يساهم فقط في المعاملات الإدارية، ومنذ وقوع “القصة”، لم يعد يأتي للمكتب، مشددة: “هذا المكتب لي، زوجي لا يدخل إليه، ولا علاقة له، وممنوع أنه يفوت عليه”.
وإذ برّرت الأمر بأن “السفارة الكينية أرسلت كتابًا ينفي وجود أي شكوى ضد مكتبها”، أضافت بلهجة لا تخلو من النظرة الفوقية تجاه العاملات: “ما بخبّي عليكي، إجا كتير بنات شياطين”، محمِّلة إياهن مسؤولية المشاكل. وضمن رواياتٍ مألوفة أخرى، زعمت أن “إحدى العاملات سرقت 1000 دولار من منزل فارس كرم، وأخرى سرقت ملابس من منزل سيدة عملت لديها”، وأنهن “أقنعن فتاة ثالثة بالهروب معهن”. وأشارت إلى أن جوازات سفرهن لا تزال بحوزة المكتب وصاحب عمل آخر، وأن الحادثة وقعت قبل نحو عامين حين كان زوجها لا يزال يعمل في النقابة.
وتجدر الإشارة، إلى أنه في المقابل إحدى العاملات التي قدمت شهادتها لنا، أشارت إلى أن جواز سفرها بحوزتها وتمكنت من العودة إلى بلدها.
لطيف جدّدت هجومها على صفحة “This is Lebanon”: “نحن أوادم، وخلّي التحقيق ياخد مجراه”. وقبيل إنهاء المكالمة، تساءلت باستنكار: “عم تقولي فارس كرم أكلّن حقن؟ انتو من وين عرفتوا؟ البنات عندكم بشريكة ولكن؟”. مضيفة: “قوليلهن يردوا مصريات العالم. إلهم 4 سنين بلبنان عم يتسلّوا… لنفترض فارس كرم عاطل، هوديك شو عملولهن؟”.
في المقابل، تؤكد “شريكة ولكن” التزامها بأخلاقيات العمل الصحافي ومنح الجميع حق الرد، مع السعي لكشف الخلل البنيوي في نظام الكفالة، الذي يكرس التمييز ويوفر الحصانة لمرتكبي الانتهاكات. وللإشارة، حاول فريق التحقيق التواصل مع الفنان فارس كرم، إلا أن هاتفه كان مغلقًا في اليوم الأول، ولم يرد على اتصالاتنا في اليوم التالي، بعد فتح القضية بالفعل مع المكتب، الذي من غير المستبعَد أن يكون قد نبّهه للأمر.
تجاهل للشهادات وتحويل العاملات لمتهمات
بناءً على طلب صاحبة مكتب “غبريال سيرفيسز” إلهام لطيف، تواصلت “شريكة ولكن” مع نقيب مكاتب استقدام العاملات في لبنان، جوزيف صليبا، الذي تواجهه صفحة “This is Lebanon” أيضًا باتهاماتٍ تشمل 22 شكوى عنف، منها إجبار إحدى العاملات المنزليات على القيام بإجهاض، بعد اكتشاف حملها لدى وصولها إلى لبنان، وعدم دفع مستحقات.
نقيب مكاتب الاستخدام متهم بإجبار إحدى العاملات المنزليات على القيام بإجهاض، بعد اكتشاف حملها لدى وصولها إلى لبنان، وعدم دفع مستحقات.
اعتبر صليبا خلال اتصالنا للحديث عن الاتهامات الموجهة لمكتب “غبريال” أن “موقعًا أجنبيًا”، في إشارة إلى الصفحة، هو من افتعل المشكلة، وأن صاحبها “هارب في كندا”. وأشار إلى أن القنصلية الكينية نفت وجود شكاوى ضد المكتب، متذرّعًا بأنه: “لو كان هناك أي اتهام مثبت، لكانت وزارة العمل أوقفت المكتب عن العمل فورًا”.
لكن هذا النفي الرسمي يتناقض مع شهادات ميدانية مباشرة لعاملات عايشن الانتهاكات، ما قد يكشف عن فجوة خطيرة في آليات الرقابة والمحاسبة، ويطرح تساؤلات عن مدى جدية التعاطي مع قضايا الاستغلال داخل هذا القطاع.
فبدلاً من مناقشة مضمون الشهادات، تساءل صليبا: “البنات اللي عم تحكي عنهن هني وين؟ (تبع فارس) الهربانين؟”، في مفردات تعكس التبعية المقيتة والاستعباد الذي يطبّعه نظام الكفالة. ليتابع النقيب: “ظننت أنكن تعرفن أين هنّ”.
وأكد أن المكتب يعمل قانونيًا، وأن النقابة كانت لتتحرك “لو ثبتت أي من تلك الجرائم”. وفي موقف دفاعي تقليدي، قال صليبا: “إذا كانت العاملات تعرّضن لانتهاكات جنسية أو جسدية، لماذا لم يتقدمن بشكاوى قانونية؟ هناك جمعيات كثيرة يمكن أن تساعدهن”، متجاهلًا العقبات التي تمنعهن من ذلك، مثل الخوف من الترحيل أو الانتقام، وغياب الثقة والتمثيل القانوني. وأضاف: “لسنا في صدد الدفاع عن أحد، لكننا لا نصدر حكمًا بناءً على القيل والقال. من لديه دعوى، فليتقدّم بها، وسنحاسب أي طرف، كائنًا من كان”، محاولًا ترهيبنا بطريقةٍ مبطّنة.
وصرّح صليبا أن نخلة غبريال، زوج صاحبة المكتب، كان يقدم “مساعدات لوجستية” في النقابة قبل أن تواجهه هذه الاتهامات لينسحب بعدها طوعًا، قائلاً: “هو لم يعد يأتي، ونحن لم نسأله لماذا”.
لاحقًا، تواصل معنا محامي المكتب، بيار جبر، مؤكدًا أن دعاوى قضائية قدّمت ضد جميع من نشر الاتهامات، وعلى رأسهم الصفحة الأجنبية التي قال إنها “أُغلقت ثم أعيد فتحها باسم جديد”. موضحًا أن كل من يتداول هذه الاتهامات يعرض نفسه للملاحقة: “العاملات يروين روايات ويورطن المكتب في دعاوى… من لديه اتهام، فليذهب إلى القضاء مباشرةً لا إلى الاعلام”. مضيفًا: “بهذه الطريقة، نضطر إلى استدعاء كل من ينشر أو يساهم في نشر هذه الروايات، والتحقيق معه”، في تأكيدٍ على نيّة الترهيب والتهديد باستخدام القضاء لإسكاتنا وثنينا عن متابعة الملف.
قنصليات متّهمة بالتواطؤ
ظلال من الفساد والابتزاز
في مقابل التصريحات الرسمية التي تؤكد أن سفارة كينيا أرسلت كتابًا يبرئ مكتب الاستقدام من الاتهامات الموجهة إليه، تكشف شهادة إحدى العاملات الكينيات التي التقيناها عن خطرٍ محتملٍ أكبر. إذ تشير إلى أن “موظف بالقنصلية يجبر الفتيات الهاربات الراغبات بالعودة إلى بلادهن على دفع مبالغ مالية تفوق سعر تذاكر السفر الحقيقية”، ما يطرح أسئلة جدية حول وجود تواطؤ بين بعض موظفي القنصلية ومكاتب الاستقدام، وتورط مكتب القنصلية الكينية نفسه، ولو بشكلٍ ضمني، في شبكة الاستغلال.
هذا التواطؤ لا يعزز فقط دائرة الاتجار، بل يعقّد أيضًا فرص النجاة والإنصاف أمام الضحايا. وفي مركز هذه الاتهامات يبرز اسم قاسم جابر، مساعد القنصل الكيني في لبنان، الذي تكرّر ظهوره في تقارير إعلامية متعددة، منها تحقيقات لـ”سي إن إن”، حيث وُجهت إليه اتهامات بالاستغلال والابتزاز المالي، وابتزاز العاملات جنسيًا مقابل تذاكر السفر.
كما وردت شكاوى من عاملات عن تعرضهن لسلوكيات عنيفة لفظيًا وجسديًا داخل القنصلية، بعضها وصل حد الاعتداءات الجسدية. رغم ذلك، نفى قاسم جابر جميع الاتهامات، مهددًا برفع دعاوى تشهير ضد وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، مدعيًا غياب الأدلة التي تدعم تلك الادعاءات.
على نطاق أوسع، يكشف تحقيق مشترك بين “درج” ومنظمة حركة مناهضة العنصرية (ARM) بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، عن دور بارز للقناصل الفخريين في لبنان في تفاقم مأساة العاملات المهاجرات. هؤلاء القناصل، الذين يُعيّنون عادةً في دول تفتقر إلى تمثيل دبلوماسي رسمي، يبنون علاقات وثيقة مع مكاتب الاستقدام وأجهزة الأمن، متدخلين بشكلٍ مباشر في تنظيم حركة دخول وخروج العاملات، ما يثير شكوكًا حول تورطهم في انتهاكات جسيمة تشمل الاتجار بالبشر، التحرش، وسلب الأموال.
ومع استمرار هذه الآليات، والانتهاكات يبقى السؤال: من هو/هي الفنان/ة التالي/ة الذي/التي ستنكشف ممارساته/ا العنصرية؟
يتبع…