آية وأمير: طفلان من غزّة فقدا أطرافهما ويتعالجان في بيروت

بيروت تُرمم ما كسرته الحرب في أجساد أطفال غزّة

استقبلت بيروت دفعة جديدة من جرحى قطاع غزّة، ضمّت أطفالًا/طفلات مصابين/ات بجروح بليغة رافقهم/ن عدد من أفراد عائلاتهم/ن، ضمن المرحلة الرابعة من مبادرة الاستجابة الإنسانية لصندوق غسان أبو ستة للأطفال، في خطوةٍ تعكس إصرارًا على تضميد جراح الحرب ورعاية ما تبقى من طفولة أنهكتها النكبات.

هؤلاء الأطفال/ الطفلات ليسوا/ لسن مجرد أرقام في نشرات الأخبار. لكلٍّ منهم/ن حكاية موجعة تبدأ من تحت أنقاض منزل، أو بين أزقة حي سُوّي بالأرض، أو من مستشفى انقطعت عنه الكهرباء والدواء، لكن لم ينقطع عنه الأمل.

من بين الواصلين/ات الطفلة آية والطفل أمير، ومعهم/ن وجوهٌ صغيرة أخرى أنهكتها الإصابات، وعيون تبحث عن مأوى آمن، ولو إلى حين.

“شريكة ولكن” التقت الطفلين واستمعت إلى قصصهم، بعد أن خرجا بأعجوبة من جحيم القصف، وكافحا من أجل الوصول إلى مكانٍ آمن يمنحهما الرعاية الطبية الدقيقة، والدعم النفسي والاجتماعي.

آية طفلة في عمر السابعة فقدت ساقها اليمنى

في فجر أحد أيام غزّة الجريحة، تحديدًا عند الساعة الخامسة صباحًا، استيقظت الطفلة آية صُمّد على صوت الانفجارات، لتجد أنّ ساقها مبتورة بعد إصابتها بقذيفة استهدفت منزل جدّها في غزّة. لم تكن آية وحدها من تعرض للأذى، فقد فقدت جدّها واثنين من أعمامها الذين استشهدوا في تلك اللحظة المفجعة.

كانت اللحظة صادمة للغاية، إذ استيقظت آية على صراخ أختها التي حملها والدها بينما كان خالها يحملها هي.

إثر ذلك، خضعت لعملية جراحية وأمضت عدة أيام في المستشفى، قبل أن يضطروا لمغادرته بسبب دخول الجيش الإسرائيلي. نُقلت إلى مستشفى آخر وأُجريت لها عملية ثانية، قبل أن تغادر المستشفى مع بداية الهدنة باتجاه مصر لتمكث هناك سبعة أشهر ثم تعود للانتقال إلى بيروت برفقة والدتها وشقيقتها المصابة أيضًا وشقيقها الطفل أنس لمواصلة رحلة العلاج.

الطفل أمير جريح من غزة يصل إلى بيروت طلباً للعلاج

أما الطفل أمير حجاج، فقد عانى من إصابات جسدية متعددة جرّاء القصف الإسرائيلي، منها بتر في أصابع يده اليمنى، أضرار بالأعصاب في يده اليسرى، وكسر في عظام يده. حصل ذلك أثناء جلوسه على كرسي في منزله، فوجئ بانفجار قوي أمامه، سقط على الأرض وهو يرى الدماء من حوله، وفقد جدّه وأعمامه الذين استشهدوا في ذات الضربة.

أغلب الإصابات التي لحقت بأطفال وطفلات غزّة كانت نتيجة قصفٍ مباشر استهدف منازلهم/ن أو بسبب انهيار مبانٍ في أحياء مكتظة بالسكان، ما جعل تجربة كل طفل/ة مزيجًا من الألم الجسدي والصدمة النفسية العميقة.

وتوضح دارين دندشلي، المديرة التنفيذية والعضوة المؤسسة في صندوق غسان أبو ستة للأطفال، لموقع “شريكة ولكن”، أن في لبنان حاليًا 24 طفلًا/ة جريحًا/ة، يتلقى 19 منهن/م العلاج، فيما عاد 3 أطفال/ طفلات إلى مصر بعد استكمال فترة علاجهم/ن. وتشير دندشلي إلى أن للصندوق شركاء في مصر، يُرسلن/ون إليهن/م الملفات الطبية للأطفال الجرحى، حيث تقوم لجنة طبية في بيروت بتقييم الحالات واختيار من يحتاج إلى علاجات ترميمية دقيقة، لضمان حصول كل طفل/ة على الرعاية التي يستحقها.

الأخصائي في جراحة التجميل والترميم والحروق الطبيب محمد زيارة يؤكدّ أن الإصابات في غزة تُعالج بشكلٍ محدود نظرًا لغياب المعدات والوقت الكافي، ما يجعل رحلة التعافي طويلة وشاقة. ويضيف أنّ الإصابات التي وصلت إلى بيروت شديدة جدًّا وتحول من ممارسة الطفل لحياته الطبيعية، مثل حالة الطفلة آية التي تعرضت لبتر في أسفل الركبة لذلك هي تحتاج لعملية تجهيز للعظم قبل وضع الطرف الاصطناعي، هذا وتتولى الجامعة الأميركية في بيروت معالجة الأطفال الجرحى بعد إجراء تقييم دقيق لحالاتهم/ن.

هذه القصص ليست إلا جزءًا صغيرًا من معاناة آلاف الأطفال/ الطفلات الذين/ اللواتي قضوا/قضين طفولتهم/ن تحت وطأة الحرب والنزوح، حيث حرمتهم/ن إسرائيل من أبسط حقوقهم/ن، كالحياة الطبيعية واللعب والذهاب إلى المدرسة.

إعداد: رويدا الصفدي
تصوير: ديما عامر
مونتاج: علي فواز

 

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد