
الرقص كفعل تمرد للنساء في إيران
بينما يفرض النظام رقابة صارمة على أصوات النساء وحركاتهن، تظهر أشكال جديدة من المواجهة
في إيران، حيث تُقيَّد النساء بقوانين صارمة تمنعهن من ركوب الدراجات النارية أو الغناء علنًا أو السير بلا حجاب، يتحول الجسد إلى ساحة مواجهة يومية.
وبينما يفرض النظام رقابة صارمة على أصوات النساء وحركاتهن، تظهر أشكال جديدة من المواجهة: الرقص الهوائي والرقص على العمود.
هذان الشكلان من الرقص، اللذان يُمارسان غالبًا في صالات مخصصة للنساء أو أماكن سرية مغلقة، لم يعودا مجرد أنشطة رياضية أو فنية، بل أصبحا رمزين للمشاكسة والتمرّد، ولإعادة تعريف علاقة المرأة بجسدها وفضائها العام.
كأنكِ تخوضين صراعًا مع السقوط. الرقص هنا ليس مجرد رياضة، بل احتفال بالقوة النسوية.
من “امرأة، حياة، حرية” إلى الرقص الحر
بعد ثلاث سنوات على مقتل مهسا أميني وإطلاق شعار “امرأة، حياة، حرية”، توسعت مساحات النضال النسوي لتشمل الرياضة والفن.
صالات الرياضة المخصصة للنساء باتت تعجّ بدروس الرقص الهوائي، فيما اختارت أخريات التوجه نحو الرقص على العمود رغم خطورته القانونية.
في بلد يُجرّم نشر مقاطع رقص على الإنترنت، مهدِّدًا النساء بالسجن لسنوات طويلة، تمثل هذه الممارسات اليومية فعلًا ثوريًا يواجه السلطة الدينية التي تسعى للسيطرة على أجساد النساء ورغباتهن.
View this post on Instagram
الرقص الهوائي في إيران: بين الحرية والرقابة
الرقص الهوائي، المستند إلى حركات أكروباتية في الهواء باستخدام حبال أو حلقات، وجد رواجًا واسعًا بين النساء الإيرانيات. كثيرات بدأن بهدف التقاط صورة جميلة على “إنستغرام”، لكن سرعان ما تحول الأمر إلى عشق للحرية ومواجهة الجاذبية.
تقول أميتيس (اسم مستعار)، مدرّبة رقص هوائي:
“إنه شعور بالتحرر والثقة بالنفس، كأنكِ تخوضين صراعًا مع السقوط. الرقص هنا ليس مجرد رياضة، بل احتفال بالقوة النسوية.”
لكن هذه الحرية تظل مقيّدة بالخوف من استدعاءات الشرطة، حذف الحسابات، وضغوط المجتمع. حتى في علاقاتها الشخصية، وجدت أميتيس نفسها مجبرة على إخفاء بعض منشوراتها أو التخفيف من حدة الصور حفاظًا على سلامتها وعلاقاتها.
نحن نعيد جسد المرأة إلى فضائه الطبيعي، بعيدًا عن وصاية رجال الدين.
View this post on Instagram
الرقص على العمود فعل شجاع ونسوي ومشاكس
إذا كان الرقص الهوائي يختبئ خلف تعريف “الرياضة”، فإن الرقص على العمود أكثر إثارة للجدل، إذ ارتبط بالإباحية في المخيال الإيراني. ورغم جذوره الرياضية والفنية عالميًا، يُمارس في إيران في غرف مغلقة أو استوديوهات سرية.
بانيا (اسم مستعار)، راقصة عمود، تروي تجربتها:
“عندما نرقص على العمود، نحن لا نقوم بفعل سطحي أو مثير فقط. نحن نعيد جسد المرأة إلى فضائه الطبيعي، بعيدًا عن وصاية رجال الدين. إنه فعل شجاع ونسوي ومشاكس.”
بالنسبة لها ولرفيقاتها، الرقص على العمود ليس مجرد تمرين بدني، بل شكل من المقاومة اليومية. تقول:
“النظام يريد السيطرة على أجسادنا، ونحن نقول لا. الرقص على العمود هو لا كبيرة، لا للرقابة، لا للوصاية، لا لتجريم أنوثتنا.”
المخاطر والتهديدات
تمارس النساء هذه الأنشطة في ظل تهديد مستمر: المداهمات، الأحكام القضائية القاسية، والمضايقات الرقمية التي تصل إلى حد الشتائم والتهديدات الجنسية. ومع ذلك، تستمر النساء في نشر مقاطعهن عبر “إنستغرام” وتطبيقات أخرى، متحديات السلطة ومُلهِمات لغيرهن.
وبينما تسعى السلطة الدينية إلى عزل النساء عن الفضاء العام، تفتح شبكات التواصل نافذة للتعبير، حيث تتحول مقاطع الرقص إلى رسائل جماعية: أن الجسد ليس عورة بل قوة، وأن الحرية تُنتزع حتى في أكثر اللحظات خطورة.
الرقص في إيران ليس زينة، بل مقاومة.
View this post on Instagram
الحرية كإيقاع يومي
أن تكوني امرأة في إيران اليوم يعني أن تعيشي في مواجهة مستمرة: لا للحجاب الإجباري، لا للصمت، لا للرقابة. وبين كل هذه “اللاءات”، يصبح الرقص على العمود أو الهوائي أكثر من مجرد حركة: إنه إعلان سياسي شخصي وجماعي.
كما تقول إحدى الراقصات: “في كل مكان قد يكون الجسد الممشوق مجرد جمالية، لكن في إيران هو موقف. الرقص هنا ليس زينة، بل مقاومة.”
المصدر: فرانس ٢٤