
من دارفور إلى الفاشر: اغتصاب وتعذيب في زمن الحرب
36 حالة اعتداء جنسي و10 حالات تحرش بالقاصرات خلال 3 أشهر
كشفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن أرقام صادمة بشأن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في السودان.
فقد وثّقت المفوضية حتى 31 أيار/ مايو 2025 ما لا يقل عن 368 حادثة عنف جنسي طالت أكثر من 521 ضحية، أكثر من نصفها حالات اغتصاب بما في ذلك الاغتصاب الجماعي. وتشير بيانات المفوضية إلى أن 70% من هذه الجرائم ارتكبتها قوات الدعم السريع، بينما حذرت من أن الأرقام المعلنة تمثل “الجزء الظاهر من الكارثة”، إذ إن مئات الحالات الأخرى لم يُبلّغ عنها بسبب الوصمة والخوف وانهيار الأنظمة الطبية والقانونية.
36 حالة اعتداء جنسي و10 حالات تحرش بالقاصرات من يوليو حتى سبتمبر
كردفان ودارفور.. مسارح العنف
شمال وجنوب كردفان، إلى جانب دارفور، تمثل بؤرًا للعنف الجنسي والانتهاكات الممنهجة. في الأبيض والدلنج، استقبلت المستشفيات عشرات الناجيات من الاغتصاب والتحرش خلال الأشهر الأخيرة. مصادر طبية أكدت وصول 36 حالة اعتداء جنسي و10 حالات تحرش بالقاصرات من تموز/يوليو حتى أيلول/سبتمبر، معظمها ارتكبها عناصر من الدعم السريع وبعض المدنيين داخل مراكز الإيواء.
الاغتصاب الممنهج يترافق مع الاختفاء القسري واسترقاق النساء والفتيات. كما تم توثيق حالات اغتصاب لرجال وكبار في السن. الناشطات/ون المحليات/ون تحدثن/وا عن جرائم ارتكبتها أيضاً القوات الموالية للجيش السوداني والحركة الشعبية/الحلو، ما يعني أن جميع أطراف النزاع شريكة في الفظائع.
اختطاف قاصرات واحتجاز شحنات من الغذاء والدواء ومنع وصولها إلى كردفان ودارفور
إبادة الأطفال في الجنينة
لم يقتصر العنف على النساء. فقد أعلن مجلس رعاية الطفولة السوداني عن إبادة أكثر من 3000 طفل في مدينة الجنينة، إلى جانب اختطاف قاصرات واحتجاز شحنات من الغذاء والدواء ومنع وصولها إلى كردفان ودارفور. المجلس وصف ما جرى بأنه إبادة جماعية مكتملة الأركان، مؤكدًا أن الانتهاكات الموثقة تمثل جرائم كبرى ضد الإنسانية.
View this post on Instagram
“الجنس مقابل الغذاء” كآلية بائسة للبقاء
أعباء مركبة وصمت مجتمعي
النساء النازحات يعانين من فقدان أوراق ثبوتية تحرمهن من المساعدات والخدمات، إلى جانب الترمّل المفاجئ الذي جعل مئات الآلاف معيلات أساسيات. وسط هذه الظروف، انتشرت ظاهرة “الجنس مقابل الغذاء” كآلية بائسة للبقاء، في ظل صمت دولي ومحلي مطبق.
في حين تفرض الطبيعة المحافظة للمجتمع على الناجيات جدارًا من الصمت والوصمة، ما يضاعف الألم ويعيق العدالة.
أجساد النساء كساحة حرب
العنف الجنسي في السودان ليس مجرد “نتيجة جانبية” للحرب، بل أداة ممنهجة لإخضاع المجتمعات وتفكيكها. استخدام الاغتصاب الجماعي والاسترقاق، إلى جانب استهداف الأطفال بالإبادة، يكشف أن النزاع يقوم على تحويل الفئات الأضعف إلى رهائن في معركة سياسية وعسكرية.
إقصاء النساء عن مراكز القرار السياسي والإنساني يفاقم الأزمة، ويمنح شرعية لاستمرار الانتهاكات.
كما أن صمت المجتمع الدولي يرقى إلى تواطؤ، إذ يترك النساء والأطفال رهائن لبنية عنف عسكرية–اجتماعية تحوّل أجسادهم إلى ساحات حرب، ووجودهم إلى عبء غير مرئي.