
بعد 25 عاماً على القرار 1325: نساء يبنين السلام رغم أهوال الحروب
عندما تقود النساء، يتحقق السلام
برغم ويلات النزاعات، تواصل النساء في مناطق الصراع العمل من أجل السلام، فتُقلصن منسوب العنف المجتمعي ويقدن جهود التعبئة الشعبية في بلدان تمزّقها الحروب مثل اليمن والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
هذا ما أكدت عليه المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة سيما بحوث خلال النقاش السنوي المفتوح لمجلس الأمن حول المرأة والسلام والأمن، الذي يصادف الذكرى الخامسة والعشرين لاعتماد القرار الأممي 1325.
تراجع المكاسب… وتأكيد على القيادة النسائية
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من تراجع المكاسب التي حققتها النساء في عمليات السلام حول العالم، مشدداً على أن القيادة النسائية تبقى الأساس في تحقيق سلام مستدام.
أما سيما بحوث فدعت إلى إنهاء العنف ضد النساء وتجديد الالتزام العالمي بأجندة المرأة والسلام والأمن، مؤكدة أن القرار 1325 كان ثمرة قناعة بأن السلام يكون أقوى عندما تكون النساء حاضرات على طاولة المفاوضات.
وقالت: “لقد قطعنا وعداً للنساء قبل 25 عاماً، وحان الوقت لتنفيذه. عندما تقود النساء، يتحقق السلام”.
هذه الذكرى ليست مناسبة للاحتفال، بل لحظة لإعادة الالتزام الفعلي.
25 عاماً من الالتزامات… ولكن أين التنفيذ؟
رغم التقدّم الرمزي، ما زال التنفيذ ضعيفاً والاستثمار في العمل النسوي ضئيلاً. فاليوم، تعيش 676 مليون امرأة وفتاة قرب مناطق نزاع مميتة، وهو الرقم الأعلى منذ التسعينيات. كما ارتفعت حوادث العنف الجنسي ضد الفتيات بنسبة 35 في المائة.
وشدّدت بحوث على أن هذه الذكرى ليست مناسبة للاحتفال فحسب، بل لحظة لإعادة الالتزام الفعلي قائلة:
“النساء اللاتي يعشن في ظل النزاعات يستحققن أكثر من مجرد كلمات. علينا أن نحول هذه الذكرى إلى فعل وتغيير حقيقي.”
من يرفض المساواة لا يملك المستقبل، المستقبل لنا.
النساء في قلب النزاعات
أكدت بحوث أن مبادئ القرار 1325 تمثل إيماناً مشتركاً بين النساء والرجال حول العالم. لكنها حذّرت من صعود كراهية النساء التي تغذي النزاعات وتقوّض العدالة، وقالت:
“من يرفض المساواة لا يملك المستقبل، المستقبل لنا.”
نساء وفتيات غزة: السلام حلم وضرورة
توقفت المسؤولة الأممية عند معاناة النساء والفتيات في غزة، مؤكدة أن “القضية الإنسانية في الشرق الأوسط، خاصة في غزة، تبقى حاضرة في أذهاننا وقلوبنا”.
وأعربت عن أملها بأن يقود وقف إطلاق النار المقترح إلى سلام عادل ودائم، تعيش فيه النساء الفلسطينيات والإسرائيليات بكرامة وأمان وفرص متكافئة.
View this post on Instagram
إنجازات تستحق الذكر
بحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، حققت النساء تحولات ملموسة في الوساطة والمصالحة، وتبنّت أكثر من مئة دولة خطط عمل وطنية لتنفيذ القرار 1325. كما ضاعفت بعثات حفظ السلام عدد النساء في صفوفها، وأصبحت العدالة الجندرية جزءاً أساسياً من اتفاقيات السلام.
يحذر غوتيريش من تراجع هذه الإنجازات أمام تزايد النزاعات والإنفاق العسكري والعنف ضد النساء. ففي أفغانستان، تُمحى النساء من الحياة العامة بحرمانهن من التعليم والعمل والرعاية الصحية. وفي السودان وغزة وهايتي وميانمار، يواجهن مخاطر يومية وجرائم مروعة.
View this post on Instagram
المنظمات النسائية… نبض الحياة في الأزمات
تظل المنظمات النسائية المحلية شريان حياة في مناطق النزاع، إلا أن 90 في المائة منها تعاني من ضائقة مالية شديدة، بحسب مسح أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة. نصف هذه المنظمات تتوقع الإغلاق خلال ستة أشهر إن لم تحصل على دعم مستدام.
هذا الحرمان من التمويل لا يعني فقط انهيار مؤسسات، بل إسكات أصوات نساء يحمين مجتمعاتهن من الانهيار.
أولويات المرحلة المقبلة
في ختام كلمتها، عرضت سيما بحوث أولويات المرحلة المقبلة، بدءاً من ضمان مشاركة النساء في صناعة السلام ودعمهن كجنديات وبانيات للسلام ومدافعات عن الحقوق، وصولاً إلى قياس نجاح الأجندة بعدد النساء المشاركات في المفاوضات وبحجم العدالة والتعويضات والخدمات المقدّمة لهن.
كما شددت على ضرورة إنهاء العنف بكل أشكاله، بما في ذلك العنف القائم على التكنولوجيا، وإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم ضد النساء، وترسيخ أجندة المرأة والسلام في وعي المجتمعات، خصوصاً بين الشباب والفتيات، وتنفيذ القرار 1325 بالكامل في جميع السياقات.
لماذا القرار 1325 ما زال محورياً؟
صدر هذا القرار عام 2000 ليؤكد على حماية النساء والفتيات من العنف أثناء النزاعات، وإشراك النساء بفاعلية في عمليات السلام، والاعتراف بدورهن كمحركات رئيسية للأمن والاستقرار.
لقد جاء القرار استجابة لحقيقة دامغة: لا يمكن بناء سلام حقيقي دون النساء، ولا يمكن تحقيق أمن مستدام من دون عدالة جندرية.