فحص العذرية في إيران… أداة سيطرة تنتهك كرامة النساء

تحويل جسد المرأة إلى ساحة مراقبة وضبط أخلاقي

رغم إلغائه رسميًا عام 2021، لا تزال ممارسة فحص العذرية قائمة في إيران، تترك خلفها جروحًا نفسية عميقة وتجارب مهينة تتناقلها النساء كوصمة يصعب نسيانها.
منى، إحدى الشابات اللواتي اضطررن للخضوع لهذا الفحص، تصف اللحظة بعبارة موجعة: “في تلك اللحظة، كرهت كوني امرأة”. كان جسدها يرتجف تحت وطأة الخوف، بينما يُفرَض عليها أن تخلع ملابسها أمام طبيب لا يرى فيها سوى “موضوع فحص”، لا إنسانة لها حق في الخصوصية والكرامة.
تقول منى إنها جاءت إلى العيادة برفقة والدتها وخطيبها الذي لم يكن موافقًا تمامًا، لكن وجوده لم يزدها إلا خجلاً. الطبيب استقبلها ببرود ونبرة قاسية، ثم تغيّر سلوكه فقط بعد أن “تأكد” من عذريتها. هذه اللحظة، كما تقول، تختصر المأساة: “قيمة المرأة تُقاس بغشاء لا يثبت شيئًا عن شخصها أو حياتها أو قيمتها”.

جسد المرأة تحت المراقبة

تجارب النساء التي رصدتها صحيفة “شرق” الإيرانية تعبّر عن مأزق اجتماعي عميق، إذ يتحوّل جسد المرأة إلى ساحة مراقبة وضبط أخلاقي. فحتى العائلات التي تصف نفسها بـ”الحديثة” تفرض على بناتها الحصول على شهادة عذرية قبل الزواج، في مفارقة تكشف كيف تُعيد البُنى الأبوية إنتاج نفسها داخل المجتمع، مهما تغيّرت المظاهر.
إحدى الشابات من طهران تروي أنها كانت الوحيدة بين أخواتها التي رفضت الخضوع للفحص رغم الضغوط العائلية، وتقول:
“شعرت بغضب هائل تجاه الرجال جميعًا. تدمّر إحساسي بالفرح في الأيام التي تسبق زواجي، فقط لأن جسدي وكرامتي لم يكونا ملكي في نظرهم.”

 

 تُمحى الهوية الإنسانية للمرأة. يُختزل وجودها بين ثنائية النقاء والنجاسة، العقاب والمكافأة.

رفض صامت وتمرّد داخلي

أما باريسا، فقد خسرت خطيبها لأن عائلته طالبتها بتقديم شهادة “العذرية”. تصف ما حدث بأنه كسرٌ نفسي لا يُمحى:
“تحطم قلبي في ذلك اليوم. لم أعد أريد رؤيته، لأنني فهمت أن حبي لم يكن كافيًا لمحو شكٍّ وُلد فقط لأنني امرأة.”
في قراءة نقدية، توضّح الدكتورة مارزيا مدديدرستاني، الباحثة في الأنثروبولوجيا بجامعة طهران، أن فحص العذرية يُستخدم كأداة للسيطرة الاجتماعية، تفرضها الأعراف الأبوية باسم “الشرف” و”الطهارة”. وتضيف:
“مع فحص العذرية، تُمحى الهوية الإنسانية للمرأة. يُختزل وجودها بين ثنائية النقاء والنجاسة، العقاب والمكافأة.”في جوهره، لا يتعلق هذا الفحص بالطب، بل بالتحكم في الجسد الأنثوي وتكريس ثقافة تعتبر جسد المرأة ملكًا للمجتمع لا لها. فبين الخوف من الفضيحة والبحث عن “القبول الاجتماعي”، تُجبر آلاف النساء في إيران على الخضوع لامتحان لا يقيس سوى مدى خضوعهن للسلطة الذكورية.

 

(المصدر: مونت كارلو الدولية)

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد