
قضيّة ريما صبيح: للتحقيق الأوسع بما يضمن الحقيقة والعدالة
ضرورة التعامل مع القضيّة بما يتجاوز الرواية الرسميّة
نشرت جمعيّة “كيان – تنظيم نسوي” بيانًا توضيحيًا بعد تلقّيها العديد من الاستفسارات بخصوص قضيّة وفاة الدكتورة ريما صبيح، أستاذة الرياضيّات في جامعة بير زيت، وما أُثير حول منشوراتها الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وجاء في بيان الجمعيّة أنّها، بعد التواصل مع العائلة وإجراء التحرّيات اللازمة، تبيّن لها ما يلي:
“غابت المرحومة نهارًا كاملًا عن أعين عائلتها، فصعد أفراد العائلة إلى شقّتها للاطمئنان عليها، ولمّا لم تفتح الباب، استدعوا طواقم الإسعاف، التي حضرت برفقة طواقم الإطفاء والشرطة التابعة لسلطات الاحتلال، وفقًا للإجراءات المتّبعة في القانون المفروض من قبله. وُجدت الدكتورة ريما متوفّاة في فراشها. نُقل جثمانها إلى المستشفى، وأُعيد إلى العائلة مساء اليوم التالي بعد استكمال الإجراءات الطبيّة والقانونيّة.
كما أوضحت الجمعيّة أنّها حصلت على وثائق طبيّة رسميّة تؤكّد معاناة المرحومة من مرضٍ مزمن وحالةٍ نفسيّة تفاقمت في العام الأخير من حياتها، وذلك بعد الاطّلاع على ملفّها الطبّي. كذلك، اطّلعت على معلومات رسميّة حول المنشورات التي ظهرت على صفحتها في “فيسبوك” ثمّ أُزيلت لاحقًا.
بناءً على ذلك، أكّدت الجمعيّة أنّ الشائعات المتداولة حول ريما لا أساس لها من الصحّة، وأنّها مجحفة بحقّ العائلة المفجوعة. كما شدّدت على تحفّظها عن نشر أيّ تفاصيل شخصيّة أو وثائق قانونيّة حفاظًا على خصوصيّة المرحومة وعائلتها.”
أسئلة مشروعة ومحقة
من موقعنا النسويّ، نرى ضرورة التعامل مع القضيّة بما يتجاوز الرواية الرسميّة التي صدرت عن المؤسّسات الطبيّة أو الأمنيّة التابعة للاحتلال، إذ إنّها تبقى رواية مؤطّرة ضمن منظومة قانونيّة ومجتمعيّة لا تراعي بالضرورة أوجاع النساء ولا خصوصيّة معاناتهنّ.
نطالب بتحقيقٍ أعمق يوضّح للرأي العام الخلفيّة والظروف الحقيقيّة التي دفعتها إلى كتابة تلك المنشورات.
نطرح هنا جملة من الأسئلة المشروعة:
- هل فُتح تحقيق رسميّ مستقلّ وشفّاف في ملابسات وفاة الدكتورة ريما؟
- ما الأسباب التي أدّت إلى حذف منشوراتها عن صفحات التواصل الاجتماعي، ومن اتّخذ هذا القرار؟
- تحقيق علنيّ وشفّاف لا يقتصر على ظروف الوفاة، بل يمتدّ إلى خلفيّة المنشورات التي كتبتها ريما.
- هل هناك تواطؤ مؤسّساتي أو اجتماعي لإخفاء أو تهميش القصّة الأصلية؟
- ما آليات تمكين الحركات النسويّة، في بيئاتٍ أبوية متحكمة، من عدم إعادة إنتاج الرواية الذكوريّة التي تختزل النساء في “حالتهن النفسيّة” أو “المرضه”، متجاهلةً العنف البنيوي الذي قد تكون واجهته؟
إنّنا نؤكّد أنّ أي مقاربة لقضيّة ريما صبيح يجب أن تنطلق من احترام وجعها الإنسانيّ كامرأة، ومن مساءلة كلّ المنظومات التي ساهمت في إسكات صوتها أو محو أثرها الرقميّ. ناهيك عن حقّها الأصيل بالرواية، ولا يمكن بالتالي تجاهل الرواية المرعبة التي أصرّت ريما على نشرها والعنف القديم الذي ألمحت له، أو العبور عنه كأنه لم يكن، خصوصًا بعد المحو المفاجئ للمنشورات، الذي تبعه وفاة ف
نحن لا ننكر حقّ العائلة في الخصوصيّة، لكننا نرى أيضًا أنّ للرأي العام، وللحركة النسويّة تحديدًا، حقًّا في طرح الأسئلة ومتابعة الحقيقة كاملة، بوصف هذه القضيّة مرآةً للعنف البنيوي والصمت المفروض على النساء في ظلّ أنظمة القهر، سواء كانت سلطويّة أو استعمارية أو مجتمعيّة.
View this post on Instagram
معاناة النساء ليست هامشية.. للتحقيق العاجل بخلفية المنشورات
ختامًا، نحن، ضمن إطار التوثيق النسوي المستقلّ، نعتبر قضيّة ريما صبيح جزءًا من سياقٍ أوسع للعنف البنيويّ الموجّه ضدّ النساء في فلسطين تحت الاستعمار، وفي ظلّ مجتمعٍ يحمّل النساء أعباء الصمت واللوم بدل الحماية والرعاية.
ندعو إلى تحقيقٍ شفافٍ ومستقلٍّ في ظروف وفاتها، وإلى احترام ذاكرة ريما كإنسانةٍ ومفكّرة، وامرأة كانت تحاول النجاة، بعيدًا عن التبسيط المرضيّ أو التفسير الذكوريّ لرحيلها.
كما نطالب بتحقيقٍ أعمق يوضّح للرأي العام الخلفيّة والظروف الحقيقيّة التي دفعتها إلى كتابة تلك المنشورات، ويربط بين مضمونها وسياق وفاتها التي وقعت بعد بعد نحو شهرٍ ونصف من نشرها.
كما نؤكّد على ضرورة أن تظلّ قضايا النساء في مركز النقاش العام، لا على هامشه، وأن يكون الحقّ في معرفة الحقيقة جزءًا من العدالة الجندرية التي نناضل من أجلها.