300 امرأة وفتاة قُتلن خلال يومين في الفاشر

تعيش البلاد أزمة "غير مسبوقة" و"بلا حدود"

ما يجري في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور خلال الأيام الأخيرة يقدّم صورة مأساوية جديدة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي في الحروب السودانية.

دارفور: مسرح للعنف الممنهج ضد النساء والفتيات

منذ اندلاع الحرب في السودان في منتصف إبريل/نيسان 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، تواجه النساء والفتيات انتهاكات متكررة في مختلف المناطق، لكنّ إقليم دارفور يبقى الأكثر دموية.

ووفق تقارير الأمم المتحدة، تعيش البلاد أزمة “غير مسبوقة” و”بلا حدود”، تتجسّد في القتل الجماعي والعنف الجنسي والتهجير القسري.

في 26 أوكتوبر/تشرين الأول 2025، وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، بدأت شهادات النساء تتكشف من على طرقات النزوح نحو مدينة طويلة. نساء تحدّثن عن ليالٍ من الرعب، عن اغتصابات جماعية، عن جثث تُركت على قارعة الطريق، وعن خوفٍ مزمن أصبح رفيقهنّ اليومي.

 

النساء يُستهدفنَ كجسد سياسي – يُراد من انتهاكه إذلال المجتمع بأسره.

“طريق الموت”: حين يتحول النزوح إلى فخّ للنساء

أطلقت وزيرة الدولة للرعاية الاجتماعية سليمى إسحق تحذيرًا صادمًا حين وصفت الطريق بين الفاشر وطويلة بـ”طريق الموت”.

وقالت إنّ “كل من يخرج من الفاشر إلى طويلة يتعرّض للخطر”، مؤكدة أنّ قوات الدعم السريع قتلت نحو 300 امرأة خلال يومين فقط من سيطرتها على المدينة، وارتكبت عمليات اغتصاب وتعذيب وعنف جنسي بحق عشرات النساء والفتيات، بعضهنّ قاصرات.

هذه الشهادات تعيد التذكير بأنّ النساء يُستهدفنَ كجسد سياسي – يُراد من انتهاكه إذلال المجتمع بأسره.

جرائم بلا عقاب وصمت دولي مريب

وصفت الوزيرة ما يحدث في الفاشر بأنّه “تطهير عرقي ممنهج”، واعتبرت أنّ العالم يتواطأ بصمته. وقد نقل السودان ملف الانتهاكات إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في جنيف، مشيراً إلى “فظائع مروّعة” ارتكبتها قوات الدعم السريع.

في المقابل، اكتفى قائد هذه القوات، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بالاعتراف بوجود “تجاوزات محدودة”، متعهدًا بتشكيل لجان تحقيق لم تظهر نتائجها حتى الآن – ما يعكس تكرار نمط الإفلات من العقاب الذي يرافق الجرائم الجنسية في النزاعات.

 

 النساء بين النجاة والصمت القسري

في مخيمات النزوح في طويلة، تروي النساء قصصهنّ بصوتٍ منخفض، يحمل الخوف والنجاة معًا.

تقول إحدى الناجيات: كنا نهرب ونحن نحمل أطفالنا، لكنهم كانوا يطاردوننا كما لو كنا غنائم حرب.”

هذه الشهادات تضعنا أمام ضرورة الاعتراف بالنساء ليس كضحايا فحسب، بل كناجياتٍ لهنّ حقّ في العدالة والتعافي والمساءلة.

 دارفور اليوم: مرآة لفشل العالم

تستمر الحرب منذ أكثر من عامين ونصف، وقد أودت بحياة عشرات الآلاف وتسببت في تشريد أكثر من 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه. ومع سيطرة قوات الدعم السريع على الولايات الخمس في إقليم دارفور، تتكرّس مأساة إنسانية تتقاطع فيها العسكرة، والعنف الجنسي، وانهيار مؤسسات العدالة.

 

(المصدر: العربي الجديد)

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد